المقالات

الموازنة وغياب التوازن

1246 2021-02-21

 

 واثق الجابري||

 

 يدور الجدل غالباً حول الموازنة وتقسيماتها، وتشهد صراعات وجدلا وتعطيلا.. مرة بين الوزارات وأخرى بين المحافظات. المواطن أشبه بالمتفرج الذي تؤلمه المشاهد، وهو يعرف أنها تمثيل لا شيء فيه من الواقعية، ولكن بعضهم يعتقد ذلك حقيقة فيتألم أو يفرح لمشهد؛ كقصة تلك التي نذرت شاتها الوحيد في حال شفاء ساري العبدالله في مسلسل تلفزيوني، مرض فيه ساري العبدالله وفي وقتها عجزوا من إيجاد شفاء له، وأن ذبحت تلك المسكينة شاتها أو لم تذبحه، فالمسلسل مسجل وحلقاته معدة مسبقاً.

ثمة إعتراضات مسبقة على الموازنة أو لاحقة على فقراتها، وكأن بعض القوى تربط تعثر الخدمات والتدهور السياسي وتراجع كثير من القطاعات؛ باَليات توزيع الموازنة، التي تغيب فيها العدالة من أكثر من جانب، ويحاول كل طرف أن يزايد على الآخر، وكأن كل منهم يدافع عن جمهور بذاته، ولا تعنيه بقية الشرائح والمدن الأخرى.

يبدأ الجدل قبل إقرار الموازنة، ولا ينتهي حتى موعد الموازنة اللاحقة، وكل التلكؤ يعلق على فقراتها، وتبرر كل القوى عدم تقديم الخدمات لجمهورها، بأنه نتاج توزيع غير عادل للموازنة، ويستنتج الجمهور أن الموازنة لخدمة الطبقة السياسية، والتوافق فيها من حصة جمهور على حساب اَخر.. هذه الاستنتاجات ملموسة من واقع حال محافظات تشكو من نقص الخدمات، واَخرى أبتلعت مشاكلها كل الموازنات ولا يوجد أثر أو تطلب المزيد، ومجمل الموازنات على عموم الشعب، لم تحدث طفرة او تغييرا إقتصاديا مع الكم الهائل في تقديراتها.

تقسم الموازنة بين التشغلية والإستثمارية، ومنها تقسم بين المحافظات على نسبة السكان، ولذلك يحدد للأقليم مثلا 12% وتلك المحافظة 2 أو 3%، وهي بالاساس نسب تخمينية، لا توجد لها قواعد بيانية ثابتة أو مدروسة حسب العدد الفعلي للسكان، والنمو السكاني وحركة الأعمال والإحتياجات بحسب الأولويات.. وهذه الفرضية على أساس أن العدالة فيها بتقسيمها على عدد السكان، بينما العراق بواقع غير متساوٍ في بناه التحتية بين محافظاته، بل أن الخدمات والواقع المعيشي، يختلف بين مركز المحافظة والأقضية والنواحي، الى أن تنعدم الخدمات في بعض المناطق النائية وتتخم بعض المراكز. تشير طبيعة الواقع العراقي، لنقص كبير في المدارس والمستشفيات، والماء والمجاري والطرق والكهرباء وغيرها، وكلما إبتعدنا عن المراكز تراجعت البنى التحتية وطبيعة الخدمة، مرة لعدم رصانة المؤسسة الموجودة هناك، وأخرى لغياب الرقابة والإهتمام الحكومي، وتعد بعضها مناطق منسية، وفي غيرها مدارس مكيفة ومدرسين أكفاء، بينما الأخرى متهالكة وبدوام ثلاثي وفي الصف ستون طالبا، ومدرس يجمع أكثر من مادة، وهكذا بقية الخدمات، في الصحة والكهرباء والطرق وغيرها.

إن تقسيم الموازنة على أساس عدد السكان؛ تقسيم مجحف لأسباب منها؛ أن الأموال لا تُعطى بيد السكان، ومن ثم تخصيصها بهذا الشكل، مع التفاوت في المستوى الإقتصادي للفرد والبنى التحتية بين المناطق، فأنه سيؤدي الى هدرها أو جعلها عرضة للسرقة في المناطق المتكاملة تقريباً، ولو قلنا مثلا مليار لكل مليون نسمة لبناء المدارس، ستجد في مناطق مدارسها تحتاج شيئا بسيطا، والأخرى مدارسها من طين وقصب وبحاجة الى بناء من الاساس إن وجدت أصلا.

يبدو أن غياب الإستراتيجية، ومحاولة القوى السياسية في جعل الموازنة جزء من الصراع السياسي، الذي ينتهي بالتوافق، ويأخذ كل طرف حصته بأسم جمهوره، دون أن تحدد الموازنة على أساس برامج ومشاريع وخطط مستقبلية وآنية، وبهذا يفترض تقسيم الموازنة أما على شكل قطاعات كالزراعة والصناعة والصحة والتربية والتعليم وغيرها، ثم تقدر الحاجة مثلاً كم عدد إحتياج المدارس، ويبدأ الشروع من الأقل لتتساوى مع غيرها وهكذا بقية القطاعات، وحين تقسم الموازنة بعدالة، أحياناً في بعض المحافظات أو المناطق، لا نحتاج الى تخصيص أموال للمدارس أو الشوارع مثلاً، وربما تستحق المحافظة آخرى أكثر من حصتها المقسمة على أساس عدد السكان، لذا فأن التفاوت في العيش وسوء التقسيم، دفع شبابا كثيرين من محافظات ما، للبحث عن فرص عيش في محافظات آخرى.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك