مازن البعيجي ||
في حديثِ وصيةِ النبي "صلى الله عليه وآله" لأبي ذر:
(يا أبا ذر انَّ اللهَ لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم يا أبا ذر، انّ التقوى ها هنا وأشار بيده إلى صدره)أمالي الطوسي 149 ج،2
مَن ينظر إلى قلبك ومَن يعرف قدر ما أنت عليه من الاستقامة، غير ذلك الذي يجهلُ او يتجاهل ماانت عليه من طهارة وعفة وتقوى! ويبقى اعتمادهُ مقياس المظهر والمادة الصّرفة، وتلك التي طالما توهّم فيها أهل القياس! وماأكثر التجارب الكثيرة والمكلفة حينما اخذ المظهر والشكل أوالمال والجاه معيارًا للشخصية السوية وهذا ماأثبت فشله، فظواهر الانسان المتمثلة بالجاه والجمال والقوة البدنية تلك مقاييس المادة التي لاترقى الى إثبات القيمة الذاتية الحقيقية.لان الله تعالى جعل المعيار الذي يسمو بالانسان مهما كان ضعفه ومظهره التقوى إذ قال عزوجل:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات ١٣
وهذا خير شاهد يثبت بدوره أن قيمة الجسد من قيمة ماورائيات ذلك الجسد الذي قد يكون على غير مانعتقده من خلال الحكم على الظاهر!
ومن هنا نشاهد إخفاء الكثير ممن هم عند الله تعالى المطّلع يشكلون أرقاما كبيرة لتواضعهم وتقواهم ولتعلقهم بالله سبحانه وتعالى وقد يكونوا في بعض الأحيان بنصف جسد او بوجه مشوه أو غير ذلك! لأنه جلّ في علاه ينظر إلى طهارة القلب ورقيّ الروح والتي فقط بهما تتجلى كل الفضائل، وكل شيء يحمل ذلك الجسد أو ما يلحق به من وَهْم سينتهي ويفني ويتحول بلحظة الى قباحة وحطام عاجلا ام آجلا
أن اكرمكم عند الله اتقاكم! وليس اجملكم أو أقواكم أو اكثركم مالا واولادا ونساءا ومناصبا وعقارات وغير ذلك مما لا يمكنه النزول معك في القبر أو يرافقك برحلة البرزخ أو النشور!!!
فإذا كان الأمر على هذا النحو، فمالنا لا نتخذ منه سبحانه وهو الناظر لنا من علياء عرش القداسة! لماذا لا نتخذه منظر لارواحنا منه نستمد كل جمال وألق للروح التي لا منجي لها إلا جمال ما اراد لها من نعمة التقوى والتعلق بأسباب نوره المؤنس .
رُوي عن عليّ "عليه السّلام" قال :
(أقلُّ الناس قيمة أقلّهم علما ، اذ قيمة كلّ امرئ ما يُحسِنه ، وكفى بالعلم شرفا انّه يدّعيه من لا يُحسنه و يفرح إذا نُسِب إليه ،وكفى بالجهل ضِعة، انّه يتبرّأ منه من هو فيه ، و يغضبُ إذا نُسبَ إليه )) .
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha