مُحمَّد صادق الهاشميّ ||
كثيرٌ مِنّا ينظرُ إلى اتفاقية الصين مع إيران في جانبها الاقتصاديّ،والتِّجاري وهو جانبٌ مهمٌّ إلّا أنَّ النظر الحقيقي يجبُ أن يَتَركَّز على أمور وهي :
أوّلاً: أنَّ هذه الاتفاقية تعيد خريطة التوازنات العالميّة، والإقليميّة،وتؤدي إلى انحسار أو ثانويّة دور القطب الأمريكيّ الأوحد، وظهور أقطابٍ كبرى تؤثِّر في توازناتِ مستقبلِ العالم،وإنَّ الغربَ كلَّهُ وأمريكا-على وجه الخصوص- كانت تتركَّز سياستها على احتلال المياه الدافئة،وعزل الصين والروس عنها إلّا أنَّ إيران أَعَادتْ الصين إلى المياه الدافئة بتشريكٍ فاعلٍ واستقلالٍ مُتبادَل.
ثانياً: إيران حَسَمَتْ أمرها والصين اختارَتْ موضِعها الصحيح نحو آسيا وإيران وصولاً إلى البحر المتوسط ومنه إلى أوربا،ولاعودةَ للطرفين عن المنجَزِ الذي يستبطنُ ظهورَ قوّةٍ قطبيّةٍ جديدةٍ تجعلُ القطار ( الصيني- الإيراني ) قاربَ نجاةٍ إلى الدول الأخرى، فمن شاءَ أنْ يركبَ القطارَ الصاعد المتحرك ومن شاء أن يبقى في قاطرة أمريكا المترنِّحة.
ثالثاً: العالَمُ الجديد كلمة كرَّرها الرئيس ريغان (٤٥) مرة في مناسباتٍ عِدّة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ونحن نكرِّرها ألفَ مرّةٍ بعد انهيار (المحور الأمريكي)نعم؛ هو عالَمٌ جديدٌ،عالَمٌ مستقِلٌّ عن اميركا، يريدُ أن تتكاملَ قوته نحو استقلال الاقتصاد، والقرار السياسيّ وَ رَسْمِ عالَمٍ جديدٍ تتسيَّدُهُ الصين،وإيران، وروسيا والدول التي تلتحق بالعالَم الجديد، وكما انهارت عُصبة الأُمم ستنهارُ الأُمَم المتّحدة.
رابعاً: أوربا تريد أن تقف على الحِياد وتُفعِّل الاتفاقية النووية مع إيران حتى تستثمر في متغيّراتِ العالَم الجديد،بينما الخليج يبقى يُعاني النزيف الماليّ، والسياسيّ،والأمني،
وتحيطه قوة الشعوب المتحررة،ويحاصره العالم الجديد ليبقى في دائرة الضَّعف والصِّراع مهما تنازل،والفارق كبيرٌ بين خليجٍ ماليٍّ و نِفطيٍّ و استهلاكيٍّ،وبين العالَم الجديد المنتِج، القادرُ على حمايةِ مشروعهِ،وتطوير قدراتهِ الاقتصاديّةِ، والأمنية،والسياسيّةِ لرسم المستقبل بيديه.
خَامساً: الشيعةُ في المنطقة ليس لهم من خيارٍ إلّا رُكوبِ قِطار (العالَم الجديد) مع حِفظ خصوصيّاتهم،ومصالحهم بما ينتهي بهم الى التطوّر والتكامُل، وليس في الشرق الجديد ــ الذي يريدُ الكاظميّ جرّ العراق إليه ــ إلّا الارتباط بذيول بقايا المشروع الأمريكي المتهالِك سياسيّاً واقتصاديّاً.
سادساً: القِوى السياسيةِ الشيعيّةِ، والمقاومة ورجالاتها في العراق بحاجةٍ إلى تطوير قدراتهم ليكونوا بمستوى الإرتباطِ بالعالَمِ الجديد،وبفهم وقدرات وتطوّر وتنمية والتفكير بعقليّة الدولة
سابعاً: الانتخابات القادمة في العراق ومستقبل العراق السياسيّ سيجدُ ظِلال العالَم الجديد وصراعهِ مع العالَم القديم أَثَراً،وتأثيراً عليه.
https://telegram.me/buratha