محمّد صادق الهاشميّ ||
قد يتصوّر البعض أنّي متشائم، أو أنسج رأيا من الخيال .
لا أحتاج أنْ أذكّركم بعشرات المقالات التي توقّعتُ فيها الكثير، وقد وقع، واليوم أقول لكم: سياتي اليوم قريبا لترون ونرى - أيّها الأخوة - أنّ الحكم الشيعي في العراق أمام خيارين لا ثالث لهما :
الأوّل : أنْ تسلّم الأحزاب الشيعية الإسلامية مقاليد الحكم كاملةً لإدارة خارج إرادتها شاء من شاء وأبى من أبى, إدارة مساوقة لحكومة الكاظمي دون أنْ يتمكّنوا من إنقاذ المشروع؛ لأنّهم قد فقدوا حواضن كثيرة شعبية وإقليمية ودولية، وأنهوا بينهم حالات التضامن المنتج؛ ولأنهم غرقوا إلى قاع بحر موسى بالفساد والخلاف والابتعاد عن المنجز, ولم يقدّموا رؤية لبناء دولة، فانتهى أمرُهم اليوم إلى شططٍ، كلّ يُغنّي على ليلاه، مع أنّي لا أشكّ في نزاهة البعض منهم ووطنيّته.
الثاني : أنْ يحصل انقلاب من نوعٍ مّا، بطيء وعميق ومتدرج ((ناعم)) ,ومَنْ يدقق في مرحلة حكم الكاظمي يجد كلّ الامكانات متوفّرة، والمقدّمات متاحة، والصمامات منزوعة لإنجاز مقدّمات الانقلاب العميق، وإبقاء الشكل الهيكلي ( هيكل سليمان ).
وبرؤية أدقّ لمن مازال يغط في سبات عليه أنْ يتأمّل في جوهر الدولة والحكومة والمؤسسات والعلاقات الخارجية والأيديولوجيا، فإنّه يتعرّف على حجم المقدّمات الكبيرة نحو الانقلاب القادم ، لوجود نقاط تخدم الأمريكيّ والإماراتي والبعثي وهي:
1. قد لا نصل إلى الانتخابات حينما يدرك الأمريكان أنها لا تجري بما تشتهي سفنهم .
2. قد نصل إلى الانتخابات لكن لا نصل إلى الحكم.
3. من يعوّل على السلاح فإنّ السلاح لا يحمي العملية السياسية من التحديات إذا كان مصدرها الجمهور العراقي.
4. المرجعية تدرك حجم المتغيّرات، وخطورة التحديات، لذا تريد أن تقلب الطاولة على الأحزاب الفاشلة من خلال الانتخابات؛ صونا للعملية السياسية، وتخلّيا عن مصادر ضعفها، وبحثا عن مخرج، لكن لا توجد أدوات للتغيير، فليس معلوما أنّ التغيير سيكون من خلال الانتخابات، ويحصل وفق رغبة المرجعية سيّما وأنّ الساحة تتحرّك فيها قوى متعددة، وبالأمس أرادت المرجعية معاضدة الحراك الشعبي لتصحيح المسار، لكن الجوكر سبق الكلّ إلى الميدان .
· الخلاصة
إنّ مصير الأحزاب الشيعية الاسلامية في المستقبل القريب إما تسليم الحكم طواعية أو عن يدٍ وهم صاغرون .
أحزاب لا يمكنها أن تتفق على أيّ مفردة سيكون مصيرها محكوما بالفشل، والعصا يا أخوتي منخورة ، وقد أكلتها الأرضة وستنهار العروش .
أذكركم بقصّة سليمان، قال تعالى :{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} يذكر تعالى كيفية موت سليمان ، (عليه السلام) ، وكيف عمى الله موته على الجان المسخّرين له في الأعمال الشاقّة ، فإنه مكث متكئا على عصاه مدّة طويلة فلمّا أكلتها الأرضة سقط إلى الأرض ، وعُلم أنه قد مات قبل ذلك بمدة طويلة .
https://telegram.me/buratha