مُحمّد صادق الهاشميّ ||
من يتعمّق في فهم معنى الديمقراطية يجد خلاصتها هي عبارة عن التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع؛ كون الامة مصدر التشريع ومصدر القرار ومصدر الشرعية ومصدر السلطات؛نعم في الديمقراطية الحقيقية تكون الأُمة هي الحاضرة وهي الفاعلة، ولها كلمة الفصل مهما حاول الاخرون ان يجيروا او يشتروا او يستغلوا صوتها، فالأُمة في عالم الديمقراطية هي الفيصل وهي الحاكم في القرار السياسي.
الغريب أن تحالف (سائرون) وقبل الانتخابات بعام يصرحون أنّ رئاسة الوزراء ملك صرف لنا، وأنّ رئيس الوزراء من التيار الصدري، وقد بالغ أحدهم بأن موضوع رئاسة الوزراء محسوم ( مليون بالمائة ) لصالح التيار الصدري، وهنا ثَمّة أسئلة موجهة الى سائرون وهي:
١- هل أنتم جازمون أنّكم سوف تشكلون الكتلة الأكبر؟ وأنتم الفائز الأوّل؟ وأنتم القادرون على بناء تحالفات شيعية وسنية وكردية تمكِّنكم من الوصول الى رئاسة الوزراء؟ وكيف علمتم بهذا وهذا لايعلم به الا الله وربما يتعذر على الراسخون في العلمِ العلمُ به؟! وحتى لو كان رأيكم هذا مبنيّ على قراءتكم للساحة ومعرفتكم بنتائج الانتخابات وثقتكم بتيّاركم وجمهوركم الّا إنّه لايصح مطلقا لأيّ حصيف أن يعلن عن هذا الامر مبكّرا بنوع من الإعلان الذي يعكس كأنّما الأمر يجري ويتم بنوع من القهر والفرض.
أرجوكم اسألوا انفسكم كيف يكون مصير الشيعة في العراق مع هكذا ممارسات؟!
٢- انتم تعلمون -وكلّ من عليها يعلم- أنّ الحرية جوهر الديمقراطية وأنّ رأي الأُمة هو الأساس في العملية السياسية والحال كيف يحق لكم من الآن ان تصرّحوا بهذا؟ أليس هذا التصريح يشي بنوع من الفرض أو الروح القسرية في الانتخابات او المصادرة لرأي الأُمة، وكأنّكم تريديون أن تقولوا لنا (( إنّ موضوع رئاسة الوزراء لنا شاء من شاء وأبى من أبى، ولا يهمنا رأي الأمة ولا نترقب نتائج الانتخابات ولا ننتهي الى ما تنتهي اليه النتائج فإنّ النتيجة عندنا محسومة ولا حاجة الى الانتخابات والمفوضية وقانون الانتخابات والملايين التي تصرف لأجل معرفة رأي الجمهور، ولا حاجة الى الرقابة الدولية والمحكمة الاتحادية)). والله عجيبة خوش ديمقراطية وخوش إصلاح!!!!
٣- إذا كانت النتيجة محسومة عندكم اذن ماهي الحكمة والحاجة الى الانتخابات؟ فالانتخابات عمل يعكس رأي الأُمة والحال إنّ الإعلان المبكّر مصادرة لرأي الأمة وإعلانا لانقلابٍ مبكِّرٍ على العملية السياسية وأن هذا المنهج حتى ولو كان مجرد تصريح وإعلام فإنّه يُفرِغ الانتخابات من جوهرها ومحتواها ويجرّدها من أي قيمة اعتبارية لها ويعرّض المنهج السياسي الشيعي الى المَلَكيّة والدكتاتورية ويخلّ بالأمن .
٤- ياجماعة سائرون :إمّا أن تؤمنوا ان في العراق عملية سياسية تعتمد الدستور وأن الانتخابات هي الفيصل وهذا يتنافي كليّاً ويتعارض مع أي إعلان ومصادرة مسبقة.
وإمّا أن تعلنوا عدم إيمانكم بالعملية السياسية ولا بالانتخابات حتى يحق لكم المصادرة ولكل منهج حسابه .
للاسف نحن – شيعة العراق – نحتاج الى أن نعيش ثقافة التدول السلمي للسلطة ومنهج احترام الدستور وحاكمية الامة ثقافة وتطبيقا وسلوكا وليس استعراضات .
https://telegram.me/buratha