محمد صادق الهاشمي ||
صرح الحلوسي أكثر من مرة وفي لقاءات متعددة أنه (يريد إرجاع القرار السياسي السني إلى الأنبار)، وهذا الأمر يجب أن لا يُنظر إليه مجرد فكرة شخصية تداعب مخيلة محمد الحلبوسي، بقدر ما هي أيديولوجية لها وجودها، وأهدافها، وأبعادها ورجالها، وأهميتها لدى المحيط الإقليمي.
وهذا الأمر سبق أن شرحته مفصلًا في كتابي بعنوان: (عشيرة دليم وخصائصها 2011)، والفكرة تقوم على ما يلي:
1- يوجد خلاف بين الأوساط الاجتماعية السنية، وتجاذبات قديمة، كونتها الأحداث خلاصتها: إنَّ المدن الأخرى السنية لا تُعَدُّ مدنًا سنية صرفة بقدر ما هي خليط من مكونات متعددة من السنة والشيعة والكرد وغيرهم، وتشاركهم فيها القوميات والمذاهب الأخرى، إلا أنَّ الأنبار مدينة سنية خالصة؛ وبهذا هي تستحق أن تكون مركز القرار السياسي السني.
2- الحبلوسي يجد نفسه قويًا في التأسيس، والدفاع عن قبيلته، ومدينته؛ وبهذا المنهج (المناطقي) يكون مكينًا في مستقبل الأحداث، ومن خلال تلك النظرية طرح نفسه، وقاد العمل السياسي، ووقف في صدارة القيادات السنية -مع صغر سنه وحداثة دوره- نعم، يبقى قويًا كونه يدافع عن قبيلة تعدادها مليونين ونصف مليون سني؛ فإنه إن كسب ربعًا أو أقل الربع من عددهم؛ فإنه يتمكن أن يبقى محافظًا على دوره السياسي بهذه الجماهير، هذا فضلًا عن المال والضغط الإقليمي.
3- كذلك يوجد خلاف وجدل بين المجتمع السني يقوم على أساس: إنَّ السنة العرب يتركزون في الأنبار؛ كونهم أقدم القبائل التي سكنت العراق، وهم وحدهم (عرب)، لكن سنة الموصل أغلبهم أتراك، وسنة كركوك بعضهم كرد وآخرين سنة تركمان وسنة من قوميات أخرى، وهذا المخاض السني العربي عامل آخر يجعل سنة الأنبار الأَولى بقيادة القرار السني العربي؛ كونهم يرون أنفسهم وحدهم سنةً عربًا، والآخرين خليطا.
4- يعتقد سنة الأنبار أنهم تاريخيًا أقدم من كل القبائل السنية، نحو: الجبور، زوبع... وغيرهم في النشاط السياسي؛ فمنذ العهد العثماني كانت القبائل السنية في الأنبار لها خلافات وتحالفات ونشاطات متعددة في العهد العثماني (بقيادة جدهم أبو ريشه، وهو أحد أكبر الزعماء لعشيرة دليم)، وهم حماة الطرق، وقيل عنهم إنهم أسسوا إمارةً هناك اسمها (لونكرك – بقيت أربعة قرون من تاريخ العراق).
5- تفتخر قبيلة دليم التي ينتمي إليها الحلابسة، بأنها أكبر قبيلة في العراق على مستوى السنة والشيعة؛ كون عددهم يبلغ ملونين ونصف المليون، وهم سنة محض، إلا فرع واحد وهو (آل فتلة) الذين تشيعوا في القرن الثامن عشر، وعدد فروعهم يصل إلى 105 فرعًا، أو كما يطلق عليه (الفخذ)؛ وعليه فهم عشيرة واحدة تمتد على جغرافية الأنبار، لذا كانت المدينة تسمى باسم القبيلة (لواء الدليم).
6- من الأسباب الراهنة والمهمة أنَّ السعودية تفكر أن تجعل للسنة عاصمة مركزية؛ يصنع فيها القرار السياسي والإستراتيجي، كذلك هذا ماتريده أميركا، لتكون الأنبار لاحقًا بثقلها السياسي والعشائري مقابل الثقل السياسي لمدينة النجف الأشرف بالنسبة للشيعة وأربيل بالنسبة للكرد؛ فهي مدينة محورية للسنة.
7- كان الحكم الجمهوري منذ عبد السلام عارف (الجميلي – من حديثة ثم أخيه)؛ لا يغادر الأنبار، إلا أنه نُقِلَ إلى صلاح الدين في عهد حزب البعث، ومن هنا يرى السنة الأنباريون أنهم أولى باستعادة دورهم.
8- الثروات لها الحاكمية، وهكذا الموقع الجغرافي والجيوسياسي؛ فالأنبار تمتلك من الخزين النفطي المقدر ب(80) مليار برميل، أما الغاز فإنّ عكاز يتحدثون عنه بأنه ثورة من الاقتصاد التي يمكن أن تغير خارطة الاقتصاد العالمي، فضلًا عن مجاورة الأنبار للسعودية، وما تملك جيولوجيًا من معادن، وأهمتيها في الجانب العسكري لمستقبل القواعد الأميركية، والتمدد السعودي نحو العراق، ولا ننسى أهمية الأنبار بالنسبة إلى مخطط صفقة القرن.
9- الأنبار هي الجغرافيا الواسعة التي تعادل تقريبًا مساحة المدن الشيعية كلها، وتحيط بها وبأغلب المدن السنية الأخرى، وتمتد لاتجاه شمال العراق؛ فهي تحيط بكل العراق من جهته الغربية.
10- الأنبار هي الجغرافيا التي يمر خلالها خط الحرير الصيني، ومنها يرتبط العراق بالشام وصولًا إلى البحر المتوسط.
· ملحوظة:
من أراد مزيدًا، فليراجع الكتاب المشار إليه في أعلاه، بعنوان: (عشيرة دليم وخصائصها 2011).
https://telegram.me/buratha