محمّد صادق الهاشميّ ||
· عن أمير المؤمنين (ع) قوله: «إضاعة الفرصة غصّة» - شواهدُ من التاريخ
ونحن نعيش في الذكرى السنويّة لوفاة مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران ورحيله إلى رضوان الله وملكوته أعني الإمام روح الله الموسوي الخميني، وفي نفس هذا الوقت أيضا يصادف ذكرى تنصيب الإمام السيّد الخامنئي قائدا للمسيرة خلفا له، أحببت أنْ انبّه على موضوع أراه واجباً. فأقول:
يروى أنّ الإمام الحسين (ع) قد نادى في بعض مواقفه بصوت عال حزين: « أما من ناصر ينصرنا؟ أما من مغيث يغيثنا؟»، إنّ الذين استجابوا لنداء الإمام بعد انتهاء يوم عاشوراء، على ثلاث طوائف:
(الأولى ) : ثورة التوابين:
هم النادمون على فوات الفرصة في الوقوف إلى جبهة الحقّ المطلق الحسين بن عليّ (ع) في الوقت المناسب، وهم (التوابون) فخرجوا بقيادة سليمان بن صُرد الخزاعي، وكان عددهم ( تسعة آلاف مقاتل)، ينادون : نحن التوابون، وقد قتلهم عبيد الله بن زياد كلّهم، في منطقة عين الورد في شهر رمضان، ولم ينجُ منهم إلّا النفر القليل، جزاهم الله خيرا، إلّا أنّ استجابتهم جاءت بعد فوات الأوان، وما كان أحوج الإمام (ع) إلى هذا العدد في يوم عاشوراء!!.
(الثانية): ثورة أهل المدينة المنوّرة :
لمّا أدرك أهل المدينة حجم جرائم يزيد بن معاوية التي كان يرتكبها، ومنها قتله الإمام الحسين (ع)، فقرروا أن يخرجوا بني أميّة عن المدينة، وأظهروا عيوب يزيد، أجمعوا على الشهيد ( عبد الله بن حنظلة) قائدا، فأسندوا أمرهم إليه فبايعهم على الموت ... فبلغ ذلك الأمرُ يزيدَ، فكتب تهديداً إليهم وبعث إليهم (مسلم بن عقبة) فسار إليهم في اثني عشر ألفاً من جيش الشّام، فقتل كلّ من ظفر به منهم، فقتل في هذه الحادثة (عشرة آلاف شخص من خيرة أهل المدينة وقرّاء القرآن).في واقعة اشتهرت بالتاريخ باسم ( واقعة الحرّة)، أحرقت فها الكعبة المشرفة، وأبيحت المدينة المنوّرة للجيش الأموي ثلاثة أيّام، فلم يبق مالٌ.إلّا انتهب، ولا عرض شريف إلّا أنتهك.
جاء هذا الموقف من أهل المدينة متأخّرا عن حركة الإمام (ع)، فلم لم يلق منهم حينها موقفا إيجابيا، وهكذا كلّ أمّة يأتي موقفها متأخّرا عن قائدها فإنّها سوف تدفع بالتضحيات الجسيمة العظيمة، ثمّ لا ينفعها الندم.
( الثالثة ): ثورة المختار بن عبيد الثقفي.
وهي ثورة تعبّر عن ندم الطبقة الخيّرة من الأمّة، وقد أخذ المختار بالثأر من كلّ من ساهم في الجريمة التي أرتكبت في.الإمام الحسين (ع)، وانتهت بهزيمة المختار بعد معارك عديدة مع أزلام النظام الأمويّ، وجرت فيها مجازر دمويّة، قتل فيها من جماعة المختار بحدود عشرين ألفاً، يُتيمت فيها الأطفال ورمّلت النساء، وانتهكت الأعراض،.كانت تلك الثورة نهضة ضدّ طواغيت الزمان ولكنها كانت متأخّرة، وما كان أحوج الإمام لهذه الأعداد يوم عاشوراء، لو أنّها جاءت في وقتها.
إنّ أولئك الذين لم يرافقوا الإمام الحسين (ع) عندما غادر المدينة المنورة، وأولئك الذين لم يلبوا دعوة الإمام عندما وصل الكوفة، جميعهم قاموا لنصرته فيما بعد..ولكنْ بعد فوات الأوان، ولذا لم تلق هذه التحرّكات ترحيبا من الإمام سجاد (ع) لأنها جاءت بعد فوات الأوان، وبعد أن قتل الإمام (ع) بطريقة وحشية لا مثيل لها، وبعد سبي زينب وعيالات الرسول.
وهناك بون شاسع بين الـ 72 شخصا الذين التحقوا بالإمام في ساعة العسرة، وفي وقت النداء، وكان الإمام قد أذن لهم بالإنصراف، ولكنّ الوعي والنضوج الذي كانوا يتحلّون به يمنعهم عن الإنصراف، وبقوا مصرّين على ذاك الموقف إلى الموت.
والخلاصة:علينا أن نكون حذرين من التخلّف عن القيادة الشرعية في زماننا، التي يمثّلها اليوم الإمام السيّد الخامنئي (حفظه الله ورعاه)، فإنّ التخلّف عنه، وعدم مناصرته في الوقت المناسب سوف يكلّفنا كأمّة ثمناً باهضاً، وإثما عظيماً، وهو مصداق لـ : ( المتقدّم عليكم مارق، والمتأخّر عنكم زاهق، واللازم لكم لاحق) .
: 6/ 6/ 2021م، الموافق: 25 شوال 1442 هـ .
https://telegram.me/buratha