المقالات

التيار الصدري و النفاق السياسي

1727 18:33:00 2008-04-10

( بقلم : عواد الموسوي )

نافق و نافق ثم نافق لا يسلم الجسد النحيل من الأذى إن لم تنافق .. نافق .. فماذا في النفاق إذا كذبت و أنت صادق لك مبدأ .. لا تبتئس .. كن ثابتا لكن بمختلف المناطق

لعل هذه الأبيات للشاعر احمد مطر خير ما يعرّف النفاق أكثر من تنظير علماء الأخلاق و تعريفات بعض الفقهاء أو هكذا أجدها لقربها ودقتها في وصف المنافقين . و إن كان لي الحق في فهم الشطر الثاني وفقا لما أراه فهو يحمل أكثر من دلالة طالما كان نصا شعريا . فالنفاق حالة بل ظاهرة سائدة في أوساطنا العربية الشرقية و الإسلامية على وجه الخصوص وهو من المفارقات المحزنة إذ كان من المتوقع أن نكون أبرأ الناس من هذه العلة و أبعدهم عن الاتصاف بها لأن ديننا الحنيف أمرنا مرارا عدة و بأجلى و أوضح صور التشريع بضرورة الابتعاد عن النفاق و أهله و ألا نلوث قلوبنا و نفوسنا بهذه العلة المقيتة . إلا أن الواقع شيء مختلف تماما فطالما كان من بيننا من هو علم للنفاق و أسطورة سائرة فيه . و تزداد المأساة و تكتمل فصولها حين يأخذ النفاق وجهه القبيح في عالم السياسية ما أن تتاح للبعض فرصة أن يلج الشأن السياسي و يتعاطاه من الداخل ليرى نفسه وهو ينهمك في نفاقه و ريائه و سائر علله النفسية و سلوكياته المنحرفة قدّسيا ربانيا لا يرقى إلى شأنه إلا القليل و النادر في مقابل ذلك يقوم بشيطنة الآخرين و نعتهم بشتى الأوصاف المسقطة لهم و لعل الكثير مما ينعتهم به هو مما توفر عليه و تفرد به دونهم .

إن المنافق يضمر في نفسه خلاف ما يقوم به ، و المنافق يدعي الفضائل الزائفة فيما ينغمس بممارسة الرذائل المختلفة و المشينة . و تلح به الحاجة للنفاق حينما يحشر نفسه في أضيق الزوايا فيدرأ بنفاقه ما لا يقوى على دفعه بحيلة أخرى ، إنه غالبا ما يدعي ثباته على المبدا ، بل من الأهمية لصدق وصف المنافق الادعاء بثباته على مبدأ يدعي الإيمان الراسخ به ، لكنه لا يتوانى أن يغير قوله و فعله حسب رياح المصلحة إنه ثبات و لكن في أكثر من موقع و مكان و ليس من داعٍ يدعو المنافق إلى أن يبتئس من ذلك حقا !

يلفت الانتباه ما يقوم به مقتدى الصدر هذه الأيام و قياديو تياره الذين لا نفهم شيئا كثيرا من كلامهم المكرور و الزائف و المنكر لأجلى الحقائق و أكثرها وضوحا . منذ تشكل هذا التيار منتصف عام 2003 بدا واضحا للعيان أنه خلاصة لحالة التردي الفكري و الثقافي و مثّل بوتقة انصهرت فيها كل المخلفات العفنة و الملفوظة من إرث الحقبة البعثية البائدة . فجمع في أسواره و خلف قضبان ديماغوجيته كل القمامات التافهة و الساقطة و حشد حشودا له من العقول الضحلة التي لا تفقه و لا تنقه . كان الادعاء مقاومة المحتل و ضرورة إخراجه من آخر شبر من أرض العراق ، و لكن سرعان ما انقلب الأمر للدفاع عن النفس بعد أن حوصر مقتدى الصدر في ضريح الإمام علي عليه السلام . و أصبحت الغاية الأولى و الأخيرة إنقاذ رقبته لا غير فذهب الخائبون و المعتوهون ليجعلوا من أجسادهم دروعا واقية لهذا الصنم الجديد . و بعد أن احرقت النجف و أزهقت أرواح العديد من الأبرياء الذين لا ناقة لهم لا جمل دخل التيار الصدري في العلمية السياسية و لكن دون زوال يافطة دكانه السياسي التي تطالب بمقاومة المحتل . و أثناء انهماك الصدريين في العلمية السياسية التي وفقا لمقاييسهم هي نتاج المحتل و تتم برعايته المباشرة أصبحت الأولوية بسط النفوذ و مزاحمة الأحزاب الأخرى . لم تعد مقاومة المحتل بذات المفهوم السابق الذي رفعه و جاهر به الصدر و أتباعه بل تحولت إلى السعي إلى ترسيخ المكاسب السياسية و تشكيل عصابات السطو و التهريب و الخطف و تبجح المتبجحون منهم بأنهم يقفون بوجه القاعدة فلولاهم لانتهكت أعراض الشيعة و سفكت دماءهم مع أن القاصي و الداني يعلم بما كان للصدر و مليشياته المسماة جيش المهدي من دور في تأجيج العنف الطائفي و إثارة التعاطف مع شراذم القاعدة في الوسط السني بعد ما راح يقوم به من عمليات قتل على الهوية و خطف و سلب و اغتيال . ولولا ذلك الدور لما بلغت ضراوة الصراع الطائفي في بغداد خصوصا كل تلك الحدة لأن للفعل الصدري رد فعل قاعدي ففي مقبل خطف عشرين شخصا و قتلهم في مدينة الصدر يقوم الانتحار يون سواء القادمون من الخارج أم الذين تم غسل عقولهم في الداخل بقتل المئات و بعملية تفجير واحدة . لم يكن إخراج المحتل عنوانا مهما أو فكرة تشغل بال الصدريين قدر ما شغلتهم المطامع و الرغبة في الهيمنة على الآخر مدججين بمقدمة أنهم من يتصدى للقاعدة و لهذا فكل الشيعة مدينون لهم دينا ثقيلا . يدلك على ذلك أن المحتل خرج من بعض المناطق و لكنهم أثاروا القلاقل فيها فعاد إليها هذا المحتل مضطرا . اليوم و بعد تشديد القبضة على مليشيات مقتدى عاد للرجل هذيانه السابق و خطاباته المرحب بها و بقوة في منابر العربان كالجزيرة و غيرها . لقد أضحت الأولوية طرد المحتل بعد ان شعر ان هذا المحتل قد انقلب عليه و اضطر إلى مواجهته بعد أن كان التخطيط الأمريكي و البريطاني يجري باتجاه تزييف الواقع الأمني و غمره برماد سيطير مع زمجرة آخر دبابة تغادر العراق لكي يتم ترك الساحة الشيعية نهبا للاقتتال الداخلي و بهذا يتسنى حرق أوراق الشيعة ذاتيا بسبب بلاهة مقتدى و ضيق الأفق الذي يتحلى به هو و أتباعه . آخر ما أتى به صنم الصدريين هو ادعاء طلب المشورة من المرجعيات التي لم يعد إليها يوما ما ، و كأنه لم يسمع هذه المرجعيات تعيد و تكرر أنها تطالب بسلطة الدولة و ضرورة حصر السلاح بيد الأجهزة الأمنية . إنه في داخله يضمر عداء و كرها بشعا و موروثا في الواقع لهذه المراجع وهو أمر معروف عنه و عن الصدريين من أتباعه عموما لكنه يتظاهر اليوم بأنه من اشد المقدسين لكلمة المرجعيات و رأيها ! ثم يطل علينا ببيان إلغاء تظاهراته في يوم سقوط الصنم الصدامي مدعيا أنه خائف عليهم و حريص على دمائهم ، هذه الدماء التي سالت و تسبب بها منذ اربعة اعوام . و تبلغ بشاعة النفاق لمقتدى الصدر حين يهدد و في نفس البيان أن قد يلغي التجميد الذي يدّعيه لجيشه ! فاي استخفاف بعقول الناس هذا و أي نفاق لا يرقى إليه نفاق آخر .

إن هذا الرجل بلا جدال إما أن يكون مخبولا و ممسوسا أو ان ثمة ايادي خفية تحركه و توجهه كالدمية . و هنا لا ننسى أن نلفت نظر القارئ الكريم إلى ضرورة مطالعة عناوين الصحف الأمريكية و البريطانية منذ أحداث البصرة و حتى اليوم و كلها تحاول " نفخ " مقتدى جهد الإمكان بل بلغ بصحيفة الواشنطن بوست أن دافعت عنه و عن أتباعه المعتوهين بحجة أنهم فقراء و مدقعون و ناقمون على تردي الخدمات و ما إلى ذلك و كان من المقبول لدى الصحيفة خروج خمس و عشرون مليون أمريكي يعيشون تحت خط الفقر على الدولة هناك و ان يكونوا لهم مليشيات خاصة تقاتل المارينز في لوس انجلوس و نيوجرسي و غيرها ، ناهيك عن الفضيحة التي تناقلتها وسائل الإعلام اليوم عن اتفاقيات تحت الطاولة بين جيش المهدي و البريطانيين في البصرة و هو ما فسر لي ما نقله صديق عن حقيقة ما جرى في البصرة من تمتع البريطانيين بأمان كبير من قذائف و صواريخ جيش المهدي التي كانت تتركز فقط على القوات الأمنية و الجيش العراقيين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك