المقالات

الشاعر غاويا مغويا

1156 2021-06-30

 

حمزة مصطفى ||

 

في القران سورة كاملة حملت إسم "الشعراء" بوصفهم أداة للغواية " والشعراء يتّبعهم الغاوون. كما إنهم "في كل واد يهيمون" و"يقولون مالايفعلون". هل ترك هذا الحكم القراني أثره السلبي على الشعراء؟ لا أظن ذلك. حتى النقد عبر  العصور لم  يتوقف طويلا حيال هذا الوصف والتوصيف طالما إنه يقترب من المساحة التي يتحرك فيها الشاعر بين منطقتي الواقع والخيال وبينهما الغواية. فالشاعر رائي ومتخيل كبير. بل حتى النبي محمد (ص) حين أراد كفار قريش إتهامه بمايبدو ظاهرا إنه لايليق قالوا إنه "شاعر" طبقا للآية  5  من سورة الأنبياء "بل قالوا أضغاث أحلام بل إفتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون". صحيح أن الدلالة تبدو سلبية إذا قارنا منطق كفار قريش بين النبي صاحب  الآيات أي المعجزات وبين الشاعر الذي لايملك سوى القول. لكن هذا القول حتى لو كان مبالغا به فهو مقبول لديهم حتى قالوا "أعذب الشعر أكذبه" وهو قول مجحف بحق حقيقة الشعر ومهمته.

  الشعر في النهاية قول والشاعر قوّال. والشعر نبوغ وبعضه عبقرية بحيث يجبرك أن تكون "غاوي ونص". الأ يستحق هذان البيتان لأمرئ القيس أن تهيم بهما وحولهما "وقد أغتدي والطير في وكناتها .. بمنجرد قيد الأوابد هيكل.. مكر  مفر مقبل مدبر معا .. كجلمود صخر حطّه السيل من عل". وكيف لاتهيم خلف لبيد بن ربيعة القائل في معلقته التي هي من عيون الشعر وخشومه وآذانه إن كانت للشعر فوق العيون خشوم وآذان "وجلا السيول عن الطلول كأنها .. زبر تجدّ متونها أقلامها". وهل من بيت  في الشعر العربي قاطبة أجمل من بيت حسان بن ثابت بحق النبي محمد (ص) القائل "خلقت مبرءا من كل عيب .. كأنك قد خلقت كماتشاء" حيث المبالغة هنا لاتستقيم  دلاليا الإ مع عظمة الممدوح. فهذا البيت لو كان بحق أي إنسان آخر لكان مجرد لغو فارغ.

وأين تضع بيت المتنبي الذي حمل 5 مطابقات "أزورهم وسواد الليل يشفع لي .. وأنثني وبياض الصبح يغري بي". وكيف لاتهيم خلف مالك بن الريب محاورا حاملي نعشه قبل سريان سم الحية في جسده حيث سيدفن "يقولون لاتبعد وهم يدفنونني .. وأين مكان البعد الإ مكانيا". في مقابل ذلك هناك "ملخيات" كثيرة لدى الشعراء تبدو في غالبها خيالا فاسدا. فهل إخترع أبو العلاء الجاذبية بدل نيوتن  حتى يقول "إني وإن كنت الاخير زمانه .. لآت بما لم تستطعه الأوائل". ومع أن المتنبي يشكو حاله كثيرا في سياق عتابه لسيف الدولة "أعيذها نظرات منك صادقة .. أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم" أو "أرى كل يوم تحت ضبني شويعر .. ضعيف يقاويني قصير يطاول" لكنه يمضي بعيدا في تضخيم الذات حين يقول "وماالدهر الإ من رواة قصائدي  .. إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا". أما دعبل الخزاعي فقد "زودها حبتين" حين يقول "إني لأفتح عيني حين أفتحها .. على كثير ولكن لا أرى أحدا", في حين كان  بشاربن برد لا غاويا ولامغويا في مطابقته الشهيرة بين العين والأذن "ياقوم أذني لبعض الحي عاشقة .. والأذن تعشق قبل العين أحيانا". أما السياب فقد "خله عينه بعين الله" شاكرا حامدا "مهما إستطال البلاء .. ومهما إستبد الألم".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك