بقلم : سامي جواد كاظم
دائما قبل الكتابة عن ابعاد رواية معينة للامام الحسين (ع) اعمل بحث من خلال الحاسوب عن كل من كتب عن ما ابغي الكتابة عنه وطالما اني اضع الخطوط العريضة للبحث عن هذه الرواية او تلك فاذا ما تيقنت ان لا احد كتب بنفس مع ما اريد ان اكتب ابدأ بالكتابة . اليكم هذه الرواية اولا وهي :
(القرشي : وروي : أن الحسين تصرف في أموال كانت تحمل من اليمن إلى معاوية ، ووزعها بين المحتاجين من بني هاشم ، وغيرهم وكتب إلى معاوية بعد ذلك : من الحسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان ، أما بعد : فإن عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا إليك ، لتودعها خزائن دمشق ، وتعل بها بعد النهل ببني أبيك ، وإني احتجت إليها فأخذتها ، والسلام ).
كل من كتب عن هذه الرواية اشار الى وقوف الحسين (ع) بوجه الظلمة كما وانهم اعتبروا هذه العملية التي اقدم عليها السبط هي بمثابة درس تحض المسلمين على النهوض ضد الظلمة وعدم الخنوع اليهم وهذا بحد ذاته هو صحيح ولكن هنالك ابعاد فقهية واخلاقية اكثر بكثير مما اشاروا اليه اخواني الكتاب الاعزاء .
تتلخص المحاور التي ترتبط بهذه الرواية هي بالاتي :حاكم الشرع ـ الحق العام ـ مجهولية المالك ولان البحث لا يفيه المقال لهذا ساشير بالقدر الذي له علاقة بوضعنا العراقي وما حصل من ملابسات لسوء فهم الاحكام الشرعية فخلف نتائج سلبية عيب عليها الشيعة في العراق قبل غيرهم من الطوائف الاخرى .الملاحظ في الرواية الاتي : ان الحسين عليه السلام هو حاكم الشرع المنصوص عليه الهيا ، وكذلك كل من ينوب عنه بامره هو حاكم شرع ، وبما اننا نعيش عصر الغيبة اذن حاكم الشرع وطبقا للرواية الاخيرة التي وردت من الناحية المقدسة فان حاكم الشرع هو الذي تجتمع شرائط الفقيه العادل به من حسن سيرة وسلوك وعدالة وطيب مولد ودراسة الفقه مضافا اليه الشيوع واقرار العلماء اقرانه له بذلك وهو المرجع الاعلى اليوم .
اذن تصرف الامام الحسين (ع) بمصادرة القافلة جاء بناءا على حاكميته الشرعية (لا ينبغي لنفس مؤمنة ترى من يعصي الله فلا تنكر عليه ) هذا اولا والامر الثاني وطبقا لمعاهدة الصلح المبرمة بين الحسن (ع) ومعاوية كانت احدى فقراتها تنص على اعطاء حصة شيعة علي واهل المدينة من بيت المال الى الامام الحسن (ع) ليوزعها عليهم وعدم التزام معاوية بهذه الفقرة ادى ذلك الى تصرف الحسين عليه السلام ، الامر الثالث انه بعد المصادرة وزع كل ذلك على فقراء بني هاشم واهل المدينة ولم ياخذ منها شيئا حتى لا يعتقد الناس ان هذا العمل عمل شخصي ، الامر الرابع ان الحسين (ع) بعد المصادرة بعث برسالة الى معاوية يعلمه بذلك وهذه الرسالة ادت الى غرضين اولا انها كما ذكر الاخوة الكتاب انها رسالة تحدي الى معاوية واعلان له ان الحسين (ع) يطبق بند من بنود الصلح مع اخيه والغرض الثاني المهم انه طالما ان الحسين (ع) قدوة لنا فانه برسالته هذه اعلم الحكومة المنصبة على رقاب الناس والمعترف بها من بقية الامم وبعض المسلمين بتصرفه هذا حتى لا يقال عن الحسين (ع) انه يسلب القوافل .
الجانب المهم هو ما تضمنته الرسالة من عبارة صارحة صارخة تندد بتصرفات معاوية المالية السيئة من نهل بيت المال وصرفها على ذويه من بني ابيه ( بني امية ) وهذا يعني ان الحسين (ع) على اطلاع تام بتصرفات معاوية المالية السيئة .
اذن حاكم الشرع هو الامام المعصوم او من ينصب بامرهم بقي لدينا الحق العام ما هو ؟ فالحق العام الشرعي هو كل شيء يعود لله عز وجل اما القانوني فهو ما تملكه الدولة وطالما ان الامام هو المنصب من قبل الله عز وجل على الارض فاذن هو الذي له الحق في التصرف بالحق العام شرعا وقانونا ، وطالما ان الاموال التي جمعت الى معاوية اغلبها جمعت طبقا لاحكام شرعية سنها الله عز وجل على عباده والمسؤل عنها وليه اذن من حق الحسين (ع) او من يخوله الحسين (ع) الاقدام على مثل هكذا امر ، على عكس ما حصل في العراق من سلب ونهب اثر السقوط على اعتبار انه ملك للشعب ورددوا كثيرا مقولة القومجية والبعثية العبثية ( مال الشعب للشعب موتوا يارجعية ) والاتعس من هذا هنالك من خول لهم هذه السرقة وذلك باستخراج الخمس والتصرف بالبقية رافق ذلك ان هنالك بعض المعممين صادروا بنايات حكومية وجعلها مقرات لهم او جامع ولا اعلم من اين لهم هذا الحق والذي عكس ردود فعل سلبية على المذهب .
اما الفقرة الثالثة وهي مجهولية المالك فهذه العبارة يطلقها السارق على ما سرق ليقنع نفسه ومن انقاد الى السرقة مثله ، وصنفوا هؤلاء السراق تحت عنوان ( الحواسم ) .
اذكر هذه الحادثة التي حصلت في بغداد قامت احدى التيارات الاسلامية بمصادرة منظمة حزبية وتحويلها الى مسجد واقاموا فيها الصلاة اليومية والجمعية وبعد مرور شهرين جاءتهم امراة قالت اين هو امام الجامع فقال لها احدهم انا قالت له من منحك الحق في تحويل هذه المنظمة الى جامع ؟ فبدأ يتفلسف بمجهولية المالك وحاكم الشرع ومال الشعب للشعب قالت له ومن قال لك انها مجهولية المالك فانا المالكة وهذا مستند الملكية فبعد ان تاكد من ذلك بدأ يعتذر من المراة وطلب منها ان ( تبريه الذمة ) فقالت لهم ( مبرين الذمة شيلوا غراضكم والله وياكم ) .الا تثير هذه الحادثة الاستهجان والامتعاظ من هكذا تصرفات تصدر ممن يدعون الاسلام ؟
طبعا هنالك بعض الملتزمين الذين استفسروا من المرجعية في النجف عن حكم هذه التصرفات فجاء الرد قطعي من السيد السيستاني بالحرمة بل ومن حاز على شيء يعود للدولة فهو ملزم بالمحافظة عليه لحين تشكيل الحكومة واسترجاعها للدولة .
اما الاموال في البنوك والتي يطلق عليها صفة مجهولية المالك فهي الاخرى حرام باستثناء المستلمة بطريقة قانونية حيث كان سابقا المودع لامواله في البنك يسترخص من حاكم الشرع في سحب ماله من البنوك بحجة انها اختلطت مع اموال مجهولة المالك فاعطى السيد السيستاني تصرف عام للكل بالاموال مجهولية المالك على شرط ان تكون قانونية أي ضمن قانون الدولة وبغض النظر عن عدالتها فهذا نص السؤال والجواب عليه (أريد منكم اجازة عامة في التصرف في الأموال مجهولة المالك ، وللصلاة في أرض مجهولة المالك مثل المدرسة ، الجامعة ، المستشفى ؟
الفتوى: بالنسبة للتصرفات المسموحة قانونياً أجاز سماحة السيد حفظه الله للمؤمنين عامة ).ومن ضمن افتاء المرجعية هو حرمة التصرف بالاسلحة ويجب الحفاظ عليها وحصرها بيد الدولة ولا يحق لاحد تشكيل مجموعات مسلحة بحجة الدفاع عن النفس ، ولعل الكل قراء الزوبعة التي اثيرت حول منح المرجعية الحق في حل او بقاء جيش (المهدي ).
الامر الاخر والمهم ان احدى الاسباب التي ادت الى تفشي السرقة في البصرة وخصوصا لنفط البصرة هو المخرج اللاشرعي الذي عمل به بعض فقهاء النفط لجعل سرقتهم هذه شرعية ، مضاف الى ذلك الفساد الاداري والمالي وعملية الاختلاس من مال الدولة وبنفس الحجج الواهية التي يساء فهما وعمدا وليس عن قلة ادراك حتى يلبسون الشرعية لما تسول لهم انفسهم من الاقدام على هكذا جرائم
https://telegram.me/buratha
