المقالات

عندما تخلف أصحاب شعار"الدولة واللادولة" عن بعث إسامة..!


 

عمار محمد طيب العراقي ||

 

يتردد على وسائل الإعلام العراقية، مصطلح(الدولة واللادولة)، وتجري حملات مكثفة في السوشيال ميديا، لتسويق هذا المصطلح المنحوت بمهارة، في محاولة لإن يحتل عقول المتلقين، وكي يصبح مصطلحا مفاهيميا، تبناه إحد التحالفات السياسية الموبوءة بالإنتهازيين، فجعله منطلقا لبرنامجه الإنتخابي، فضلا عن أن أسمه يوحي بهذا التبني، بعدما غير جلده عدة مرات خلال عامين، وفي كل مرة يطلق هذا التحالف على نفسه أسما براقا!..

هذا المصطلح كلمة حق يراد بها باطل، إّذ يفضح مستخدموه أنفسهم بإستخدامهم له كوسيلة إستقطاب إنتخابي، ويكشفون عن نواياهم الخبيثة، بعدما إنكشف الغطاء عنهم، وبان إفلاسهم المجتمعي، وفقدوا مواقعهم السياسية على نحو فضائحي، فضلا عن أن أصحاب هذا المصطلح هم أنفلسهم من عمل بلا كلل، على تحطيم المنجز المؤسساتي الذي تمّ منذ 2003، مهما كانت ضآلته وهشاشته، لأنهم هم الذين دعموا الفوضى التشرينية وروجوا لها وسكنوا خيامها المافونة بالرذائل.

يومها لم يلق أصحاب شعار "الدولة واللادولة" البائس، بالا لأفواج مكافحة الدوام؛ التي كانت تغلق المدارس وتروع المعلمين والمعلمات والتلاميذ الصغار بقوة السلاح، وكان أيضا يصفقون حتى تحمر الأكف، لقطاع الطرق بالإطارت المحروقة، وكانوا يشعرون بالفخر والإنتشاء، عندما احرق التشارنة دوائر الدولة ومؤسساتها، ومقرات الأحزاب والقوى السياسية، وقتلوا العراقيين الآمنين؛ ومنهم أطفال كالشهيد ميثم البطاط، ومجاهدي حشد كالشهيد أحمد المهنا الذي خرج مثلهم متظاهرا ضد الفساد، والشهيدين وسام العلياوي وشقيقه اللذان قتلا في ميسان بهمجية بشعة، تكشف عن المعدن الرديء لتشرين وأهلها...في هذا كله كان أصحاب شعار "الدولة واللادولة"، يعدون ما كان يجري من تدمير ممنهج للدولة وعناصرها الثلاث(السلطة والأرض والشعب)، عملا من أجل بناء الدولة.!

لكن عن أي دولة؟ يتحدثون؟! إنها الدولة التي يريدون الإجهاز على ما بقي منها، ليضعوها الى الأبد في الجيب الخلفي لسراويلهم!

صحيح أن الدولة كانت ضعيفة وسيئة الأداء، وتعاني من قصور القائمين عليها، وأن الطبقة السياسية غارقة بالفساد، وأن التغيير كان وما يزال؛ ضرورة حتمية لكي نمضي نحو مستقبلنا، لكن ضعف الدولة أو عجزها أو حتى استبدادها، لا يعالج بتحطيم ما أقامته من مؤسسات، ومصادرة دورها الوطني الشامل المفترض، وإنما بالعمل على النهوض بالمجتمع ليكون رقيباً عليها وشريكاً فيها.

ما نقوله لا يجوز أن يفهم إنه تبرير للدولة في المطلق، أو دفاع عن فشلها الذي هو فشل أشخاص، في طليعتهم أصحاب شعار"الدولة واللادولة" ذاتهم، وهم الذين يستخدمونه بخبث ومكر، حيث هم أنفسهم يحتلون معظم المناصب الرفيعة، في الدولة التي ينتقدونها ويعملون على تقويض دعائمها ونسف قواعدها.

فشل الدولة هو فشل أشخاص، قبل أن يكون فشل مؤسسات، ونحن ننطلق من الوعي بالحاجة إلى قهر هذا الفشل، ببناء المؤسسات القادرة على كسر هذا الخواء، واستبداله بحياة سياسية ديمقراطية، تحترم التعددية وتضمن المواطنة المتساوية، وهو أمر لا يتحقق بين عشية وضحاها، وإنما يلزمه عمل طويل ودؤوب..وهي ليست مهمة جيلنا الحاضر وحده، إنما يلزم تنفيذها عدة أجيال.

هنا نذهب بإتجاه تفكيك الأطروحة للوصول الى الحل، والعقل يأخذنا الى أن أفضل بناة للدولة هم حماتها، الذين أنتخوا في ساعة العسرة، يوم كاد أن يختفي كل شيء، ويمحق وطن أسمه "عراق"، حين هبوا ملبين فتوى السيد العظيم، بالجهاد دفاعا عن وحدة العراق وسيادته، وعن وجود دولته..

آنذاك كنا حقيقة أمام خيار "الدولة والادولة"، ويومها تخلف أصحاب شعار"الدولة واللادولة" عن بعث إسامة بن زيد..

شكرا

12/8/2021

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك