مازن البعيجي ||
لم يكن الليل كَليلِنا الذي فقد رداء سواده الحالك بأنوار الحداثة والأضواء التي مزقت حجابه المعتم، ليل مع فقد سواطع الأنوار والكواشف الدريّة التي تشكل يدًا من طمأنينة ولمسة حنان وجرعة صبر تتوقف معها مخيّلة الأطفال من أي مجهول يجلبه ذلك السواد البهيم، والانين يمزق حنايا روح زينب، زينب التي انطفأ مصباح فجرها الأزهري وطوق أنوار الفجر!
أصوات وضحكات الحرس تشلّ تفكيرها، والرقص من قبل الجنود ابتهاجا يؤذي عزيزة الطالبين، وصيحات الصبية وأطفال يلفهم الذعر فلو ابتعد عنها بعض أمتار تلاشى شخصه من شدة الظلام، ورائحة جثث العشاق تهب عليها رياح الليل الغاضبة تنقل عبيرا أذفريًا فيه عطر الحسين وأبي الفضل والأصحاب، وبكاء من حولها من النساء وصمت زين العابدين "عليه السلام" كلها سكاكين شرعت في ليل الوحشة، وهي تسرق نفسها من بئر الأسى لتنظر الى ما بعد نحر الحسين ورحلة أسرها، فهي العالمة الغير معلَّمة والفَهِمة الغير مفهَّمة، تعرف ماذا ينتظرها؟! وأي زينب التي عليها تقديمها!؟ زينب العاطفة التي لازال ينزف قلبها ويقطر على مشهد ابكى السماء وتناولت فيه الملائكة الدماء، ام عليها استنهاظ زينب بطلة كربلاء، محطة الوعي والبصيرة ومن عليها إقناع النجوم والافلاك لتصوغ منها عقدا مضيئا يبدّد وحشتها ويمزق هذا الظلام، فشمس الحسين بعد مغيب الجسد لابد من أن تشرق روحا ولابد أن يرى العالم المنتظِر شمس الخلود عن طريق زينب أم المصائب وجبل الصبر الأشمّ .
البصيرة ان لا تصبح سهماً بيد قاتل الحسين ومنه يسدده على دولة الفقيه ..مقال قادم نلتقي..دمتم)..
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha