محمد صادق الهاشمي ||
لا يمكن الحديث عن المرجع الراحل السيّد محمّد سعيد الحكيم من أي زاوية بمفردها؛ كونه وليد ونتاج العديد من العوامل التي جعلت منه أحد عمالقة الفقه والأصول، والبناء والتضحيات.
المرجع الراحل ابن أقدم مدرسة نجفية، وهو عَلَمٌ من أعلامها والأستاذ البارز فيها ، فمنذ الإمام السيّد محسن الحكيم، ثمّ الشيخ الحلّىّ، ثمّ السيّد الخوئي (قدّس الله أسرارهم) إلى حين انتقل إلى جوار ربّه وهو عطاء لم يتوقّف ، فكان فقيهاً لامعاً ، وفيه نبض يتحرّك كلّ الفقهاء البارزين خلال خمسين عاماً.
المرجع الراحل في محطات مهمّة من تاريخ العراق وصراعه السياسيّ والثقافيّ كان له الدور والكعب المعلّي، فقد تعرّض إلى الإرهاب والتخويف والسجون وفراق الأحبة وحصار، وإعدام القامات من أُسرته، إلا أنه بقى ثابتاً شامخاً شموخ الجبال ، راسخا صادقاً ومصداقاً للآية الكريمة: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } [الأحزاب : 23].
المرجع الراحل يقف التاريخ له ولأسرته من آل الحكيم إجلالاً يوم أراد النظام منهم كلمة واحدة تجيز او توجب القتال بين المسلمين إبان الحرب المفروضة على الجمهوريّة الإسلاميّة من قبل طواغيت الأرض ، وعميلهم الطاغية ( صدام) وحزبه العفن، وهذه الأسرة أعطت فلذات أكبادها بسخاء، ولم يعطوا كلمةً لعدوّهم، فكان من رجالات هذه الأسرة من سيق إلى المشانق، فرحم الله الشهيد السيّد العلم المرجع آية الله ( عبد الصاحب الحكيم)، والعلم الكبير السيّد ( علاء الحكيم) ،وآخرين، وفدوا إلى ربّهم، وآخرون مُلئت بهم السجون، وكان المرجع الفقيد وأولاده واخوته وأسرته في الصف الأول للتضحيات في السجون .
نعم لا يمكن النظر إلى المرجع الراحل من خلال زاويةٍ واحدةٍ، العلم، أو الشهداء، أو السجون، أو الزمن الطويل من البحث والتحقيق، ولا من خلال ما قدّمته الأسرة من علم وشهداء ، بل ينظر إلى المرجع الراحل من خلال كلّ هذا، وكلّ الأسرة ، ومجموع تاريخها ، هؤلاء مدرسة الإمام محسن الحكيم وأسرته، وكفى وختامها دم شهيد المحراب .
:4 / 9 / 2021م .