المقالات

العمليه السياسيه بين مفهومين

1034 14:22:00 2008-04-21

( بقلم : سيفي الكاظمي )

ما من شك في ان العملية السياسيه في ظل النظام الديمقراطي حصرا قائمة على عناصر متحركة ومتغيرات ليس لها مساحة محددة او حتى حدود ثابتة يمكن الانطلاق منها لممارسة تفاصيل العملية السياسيه او الدور المعلن كأفكار وبرامج وشعارات .

لذلك تتعرض هذه العملية وبأستمرار الى أجواء ظاغطة قد تفرض عليها غالبا مسارا مغايرا وربما منهجا لايتفاعل مع الطروحات المعلنه وأحيانا تؤدي الى صراعات ومشادات حزبية على مستوى الفكر الواحد والحزب الواحد قد يتمخض الى بدائل ومسميات من نوع آخر والى متناقضا ت على شكل سلوك أنفعالي غير منضبط قد يطيح بالعملية السياسيه لاحقا أو يقزمها وقد يرهنها بأطر من نوع مغاير تلغي ما سبق

وما من شك أيضا أن أغلب الانظمة الديمقراطيه وبالذات الغربية منها تبرز عندها هذه التقلبات او التحولات بشكل واضح وعلى مرآى ومسمع من الرأي العام . ويكون للاعلام فيها دورا متميزا بحيث يتحول الى ناطق وحكم بل والى لاعب اساسي في أدارة هذه التقلبات أو الازمات التي تنتج عنها . والغريب في الامر أنها ورغم (ما يقوم به الاعلام وما ينتج عنهامن أفرازات ومماحكات مختلفة ) أي التقلبات لاتثير الرأي العام أو تجلب انتباهه بل ولا تثير حتى أهتمامهأ او قلقه لانها ظاهرة عامة تتكرر بأستمرار ويتوقع حدوثها بأى وقت ثم انها لاتغير من الواقع شيئا لانها لاتمسه اصلا كونها فردية اغلب الاحيان ثم انه يرى ان العملية السياسيه وطالما انها منبثقة من النظام الديمقراطي يجب ان تكون هكذا . فما دامت الثوابت قائمة ومساحة المناورات محددة فلا فيتــــــو يمنعها أو عصا توقفها . فلا غرابة أذن في التحولات أو ما يسمونه بتغيير الاتجاهات . بل ولايمانع حتى عندما ترهن الولاءات والافكار والاشخاص بموجب نظام الصفقات السياسيه التي عادة ما تحدد مقدار وسعة ما ينبغي الاتفاق عليه وحتى سقفه الزمني مسبقا .المهم أنهم يتنقلون بأفكارهم وشخوصــهم وما يرمزون به (صفاتهم الداله ) الى مواقع مختلفة وساحات جديدة قد لاتستوعب الافكار والمشاريع بقدر تركيزها عليهم كأشخاص وأصوات واحيانا كخبرات وما أشبه .ونحن عموما ندرك بما لنا من قرب معهم كوننا نعيش سوية معهم وبماهي صفات مجتمعاتهم وفكرهم السياسي . انهم وبدون أستثناء يفتقرون الى الولاء المطلق أو الايمان بفكر ما والى حد أنهم يرجحونه أو يضحون من أجل فرضه على الحياة أو المجتمع سواء بالقوة او مايتناسب وتبعات هذا الاختيار أن وجد . وهم قد تحرروا من هذه النزعة وبدلا من ذلك أتبعوا نهجا آخر في التعلق برموز المجتمع والانبهار بهم ومتابعة كل جديد يخصهم واغلبهم من رجال الفن والمال والرياضه .وما دامت الاضواء معهم اينما تحركوا فالناس معهم ايضا ومتى ما خفت وهي مرهونة بعامل الوقت وبما سيبرز لاحقا فا لناس كذلك .أى أن للانبهار والتعلق وقت معلوم ومساحة محددة فاللاحق يلغي السابق وهذا يتقاعد وهكذا دورة الحياة الحالية عندهم وهي مستمرة والمجتمع معها على هذا المنوال .أذن فوقت الولاء المفرط والخيار الواحد قد أنتــــهى وبعد العولمة والثورة المعرفيه الهائله أصبحت العملية السياسية أكثر اطلاقا وعمومية من ذي قبل وأصبحت كالمقهى او المرفق العام الذي يستقبل اصنافا واطيافا لاحصر لهم من الزبائن وذوي الميول المختلفة الذين لا يربطهم مع بعضهم من أواصر سوى الاسم أوالعنوان وهي من شكليات العمل الجماعي أوالمشترك وبتعبيرهم مجرد (هاي ) ثم (باي )وينتهي كل شيء أجل من يعيش في وسطهم ويشاركهم اهوائهم وميولهم السياسيه يدرك وبسهولة ان عمليتهم السياسية بسيطة جدا وغير معقدة بالمره والانتماء لها او المشاركة فيها لايتطلب هوية للاحوال المدنيه ولاشهادة للجنسيه اوكفالة من المختار ومجالس الشعب المتحزبة وبعض الاجهزة الامنية الاخرى كما ولايتطلب اعباءا مالية ملزمة او غير ملزمه (بدل الاشتراك )لذلك يكون الارتباط بها عفويا وبدون قانون أو اية شروط قد تفرض نوعا من الواجبات أوتأدية بعض المهام التي تتعلق بالنشاط الحزبي وهي طوعا كما ذكرنا .كذلك الامر بالنسبة للتبرعات وهي أختياريه ايضا شأنها شأن بقية التبرعات التي غالبا ما يشتهر بها الغرب خاصة بالمجال الانساني رغم أن حياتهم قائمة على الضرائب ولكنهم هنا غير ملزمين بها

ومن الضروري هنا ان نقارن بينهم (عمليتهم السياسيه ) وبين العملية السياسيه عندنا . وما دمنا نعيش ذكرى آيام الانهيار والسقوط للنظام البعثي الصدامي فينبغي أن يكون حزب البعث خير من نقارن به كونه نموذجا (سيئا )ترك أثرا سيئا فينا وفي نفس كل عراقي شريف يحب بلده الذي عانى منه ولازال اكثر من ثلاثة عقود ونيف .فالحزب المذكور ومن باب المقارنة السطحية طبعا لايؤمن اطلاقا بالديمقراطية سواءا في منطلقاته الفكرية او منهجه السياسي وحتى في نظامه الداخلي ايضا .وعندما يكون هذاالحزب غير مؤمن بها من الطبيعي ان يكون( معاديــا) لها ليس تلميحا أومجرد رأي او وجهة نظر وأنما هي مترجمة على الارض وبأبشع ما يكون ومنها دفع العـــــراق هذا الثمن الباهظ جدا . ومع ذلك فمسيرته خلال فترات حكمه البغيض كافية لمعرفة مدى كرهه وحقده الذي تجســد هو الاخر ليس بالحروب والدمار الهائل في العراق فحسب وأنما بجملة من القوانين والاجراءات التي فرض من خلالها حكمه الدموي . ومن خلال هذا الحكم أستحوذ على الدولــة بكل ما فيها وعليها من خيرات مادية ومعنوية كما وفرض نفســــه قائدا على الشعب العراقي ومنع كل ما يتعارض وهذا الفهم وبالقوة المفرطة . وبذات القدر حصـــر القرار والسلطة والقيادة به ولم يسمح للرأي الاخر أو كل من يعارض حكمه من المشاركة بالعملية السياسية او المساهمة بصنع القرار وما أشبه ..وعدم سماحه يعني وكما قال من يمثله( من لم يكن معنا فهو ضدنا اوعلينا ) وهو تبرير تحت يافطته حصل ما حصل وهذا هو فهمهم للعملية السياسيه أي أنها تنطلق من الانقلاب العسكري وتنتهي بالانقلاب على الشعب نفسه وتحويل حياته وكل ما يحمل من مقومات وأرث حضاري وثقافي الى طراز غير مألوف لم نعثر على مثيل له سوى ما كان سائدا في العصور الوسطى او مجاهل افريقيا ايام زمان . اما على صعيده كحزب وبالرغم من انه سخر الدولة بما فيها من قوى وقدرات ووضعها بخدمته ولأغراضه ترغيبا وترهيبا الا انه لم يفلح في تحقيق ما يريده حتى مجئ الطاغية المقبور الذي الذي تحول همسه وقوله وتلميحه الى قوانين ملزمة وتحول أسمه وشخصه وصورته واهله وعشيرته وقريته الى قداسة غير معهودة حتى ان من يمسها ولو بكلمة يكون معدوما لامحالة وحسب القانون وهذا ضمن حزمة من القوانين التي اصدرها الطاغيه وهي مكرسة لشخصه وحزبه واتباعه .

المهم وأضافة الى ما لدى حزب البعث فأنه فرض الشهادة (الجنسيه ) ومن صنف (العثمانيه ) فقط لكل من ينتسب ولو بألاكراه ويترقى لاحقا من درجة (رفيق )فما فوق ومن لايملكها سوف يراوح في مكانه او درجته حتى الموت اذا ما شمله التسفيـــــر.وهذا ما حصل للكثير من الذين لم يشفع لهم انتماؤهم للحزب وكان حالهم كبقية من هجروا بدعوى التبعيه ؟ والتي هي الاخرى تعتبر من الجرائم الكبرى التي اقترفها هذا الحزب وفي حينها اعتبرت اكبرخرق مارسه لحقوق الانسان في العراق وبسببه هجر مئات الالاف من العراقيين وبطرق وأساليب غاية في الوحشية والتخلف وفي فترات مختلفة

والحديث عن هذا الموضوع ذو شجون ويثير الالم كثيرا لما حصل من انتهاكات وامتهان للكرامة لهذه الشريحة الواسعة التي وبقرار من الطاغية فقد افرادها وبلحظة وطنهم واهلهم وابنائهم (قتلوا بالسجون )ومستقبلهم وكل ما لديهم من امكانيات مادية . فقد جردوهم منها ورموهم بالعراء كالحيوانات ظلما وعدوانا .وبالرغم من سقوط الطاغية الا ان هؤلاء لازالت مظلوميتهم قائمة ولم تعالج بشكل يتناسب وما تعرضوا له وما خسروه.

كما وما يدل على مقتهم للديمقراطية ومدى كرههم وازدرائهم لها أنــــهم فرضوا الاشتراك الشهري القسري على كل من ينتمي لهم من ادنىدرجة حزبية (نصير )فما فوق وعلى( النسبة ) اى على معدل الراتب الشهري وهذا كما نوهنا عنه بالمقارنة معدوم بالغرب وقلنا ان الحرية والكرامة لايفترقان واحدهما مكمل للاخر وهو ما نراه واضحا في العملية السياسية في الغرب .وبالمقابل لاوجود لهما عندنا وبالذات في حزب البعث وهو نموذج مقارتنا .فالحرية وعلى المستوى الداخلي (نظام طاعة صارم )(ونفذ ثم ناقش )وفي عهد الطاغية الغيت كلمة ناقش نهائيا حسب قول ادبياتهم .وهي تعني طبعا أن البعثي مجرد أداة ليس ألا وبلغة الوقت الحالي (ريموت كونترول )وبلغة البعث نفسه انهم من ممتلكات الحزب حسب تعبير صدام حينما سأله أحد الاخوة من رجال العهد الجديد وهو في زنزانته عن قتله لبعض القادة في حزب البعث .فكان جوابه هذا لايعنيك فهم بعثيون ونحن من يقرر مصيرهم اي أن حياتهم بيده أن شاء قتلهم أو ...

والغريب ان من يقتلهم رفاق لهم ومن نفس الدائرة كما حصل مع مجموعة محمد عايش وعدنان الحمداني .أما الكرامة فهي ككلمة وكمدلول مضطهدة اكثر من غيرها فبأسمها أمتهنت الكرامة ذاتها وبأسمها أيضا مارسوا كل هواياتهم وآلاعيبهم وقتلوا الانسان العربي وداسوا على كرامته بشعارات ويافطات ما أنزل الله بها من سلطان وقبلها قتلوا العراقي ثم ســـــاروا بجنازته وهم متكرمين عليه أ جل متكرمين عليه؟؟

وما دمنا في أجواء ذكرى سقوطهم لابد من القول أن فقد السلطة لايستلزم العودة لها حالا وأنما ينبغي التسليم بالهزيمة اولا ثم فسح المجال للاخرين لكي يجربوا ويمارسوا دورهم من خلال تطوير العملية السياسية وتحديث وتطوير البلد واصلاح مالا حصرله من الدمار والخراب وفي حالة الاحتقانات وهي متوقعة لكثرة ما هو موروث ومعطلينبغي اللجوء الى المعايير الحديثة التي تتناسب والمتغيرات الحاليه وهي الان لغة اكثرية

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك