المقالات

ثلاث سنوات حتى اصبح التعليم بيد الخالق

2475 2021-11-15

 

عمار الجادر ||

 

كان هناك تاجر يملك شركات, تدار شركاته من قبل مدير فاسد؛ مرض التاجر, وتعهد المدير امام ذويه انه سيعمل على تلقي التاجر العلاج الامثل في افضل المشافي في العالم, ونظرا لانشغال ذوي التاجر بأمور الحياة تواكلوا على المدير الفاسد, وبالفعل اخذ ذلك المدير الفاسد يبحث عن افضل مشفى في العالم, ويكتب الوصولات الباهظة الثمن في سفراته, والتاجر يستفحل عليه المرض, حتى اطمأن المدير ان المرض اصبح في سن اليأس لدى التاجر, عاد به الى مشفى المدينة القديم, متظاهرا بحرصه على تأمين حياة التاجر حتى بمبالغ طائلة, ولكن كان الجواب: (( ان حالته بيد الخالق, خذه الى بيته ليموت بسلام)).

ثلاث سنوات عاشها التعليم في بلادي مريض, وادعى الفاسد ان تعطيل الدوام سيكون عاقبته بمدارس مؤثثة وتليق بمكانة ابنائنا, حتى كنا نجابه بصور شوارع يملئها الطين ويحتجون بها علينا, زعما منهم انهم يبحثون عن افضل المشافي لأطفالنا, وكانت عبارة ( ماكو وطن ماكو دوام) مخطوطة على جميع المدارس, ومرض الجهل يستشري في اطفالنا, فمن دخل المدرسة قبل ثلاث سنوات وهو يحلم ( بدار) اوهموا اهله بانهم سيبنون له ( دور), وهكذا حتى عاد ذلك المسكين وهو في صف الثالث الابتدائي ولم يجد في عقله حتى ( صريفة اهلة القديمة).

من المسؤول عن هذا الدمار الذي حل في التعليم, فبعد عناء وانقطاع, عاد النورس الابيض الى عشه الصغير وقد وجده باليا لا يصلح للسكن, وكل ما فعله الذي ادعى انه حريص على مستقبله هو غسله بالماء, دون ان يعلم انه من القش, ولكثرة النوارس لم يجد ذلك النورس حتى مكانا يجلس فيه, ولم يجد كتابا يقرأ به درسه, فالرحلات المدرسية عليه ان يشتريها, والكتب والقرطاسية عليه ان يشتريها وينسخها من المكاتب, وبعدما كان الدفتر المدرسي الذي ثمنه ( 1 دولار) يباع بألف دينار عراقي, اصبح ب1500 دينار نظرا لارتفاع الدولار, وقس على باقي المستلزمات الاخرى, ومديريات التربية تتعمد وضع العراقيل امام المدارس الحكومية لكي تذهب مضطرا الى الاهلية.

انها مؤامرة كبرى على التعليم, وعودة بنا الى تاريخ الشيوخ والاقطاع, فقد كان الاقطاعي يتعمد ان يعرقل على ابناء الفلاحين طريق العلم لأسباب,  الاول: كي لا يكون ابن الفلاح افضل من ابنه, والثاني: كي لا يتنور ابن الفلاح بالعلم ويحاربه به, وهكذا فمن هجم على المدارس واغلقها اراد ان يضيع جهله في المجتمع, وان لا نميز بين الجاهل والعالم, وكذلك اراد ان يكون له جمهور اكبر من الجهلة الامعية.

على ذوي المريض ان يتركوا جميع ملاهيهم الدنيوية, وينظروا قليلا لمريضهم قبل ان يكون عمره بيد الخالق, و ان لم يكن حبا فيه, فلتحبوا ثروته التي استنزفها فساد الفاسد ولهوكم عنه, وبدل ان تبحثوا له عن وطن من الخيال, ابنوا وطنه الذي ضاع بسبب احلامكم البالية.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك