المقالات

مواقف دول الجوار بين الواجب المفروض والحاجة الملحة

1214 15:03:00 2008-04-25

( بقلم : علي جاسم )

ترك مؤتمر الكويت لدول جوار العراق مساحة كبيرة من الامل والتفاؤل في ان تكون مقررات المؤتمر الذي خرجت به قابلة للتطبيق على ارض الواقع وان تجد لها مسافات واسعة من التنفيذ وتتم ترجمتها الى أفعال واجراءات عملية تظهر مدى التزام الدول المجاورة بالتعهدات التي تعهدت بها وحدود سعيها للعمل من أجل أظهار هذا الالتزام بشكل واضح وجلي لتكون فعلا دول تهتم بما يجري على أرض وساحة العراق وتتفاعل مع المتغيرات والاحداث التي تشهدها ، والامل والتفاؤل بنتائج (مؤتمر الكويت) ينطلق من إحساس العراق بالعلاقة الوثيقة التي تربطه بدول الجوار الممتدة عبر مئات السنين والمتأصلة عبر ترابطات سياسية واقتصادية عالية المستوى، كما انه يدرك جيدا ان دول المنطقة يمكن ان تلعب دورا مهما وفاعلا في تنامي مستوى احداث المشهد العراقي سلبا أو ايجابا كون هذ الدول لها اجندات أيدلوجية ومصالح سياسية قد تتضرر اذا ما تحقق الامن والاستقرار في العراق والعكس صحيح تماما وهذا ما أكده عدد كبير من المسؤولين العراقيين في الاجهزة الامنية إضافة الى اعترافات المتورطين أنفسهم من الجنسيات العربية بأعمال العنف والارهاب بصورة أثبتت حدود التدخل الاقليمي في الشأن العراقي سياسيا وأمنيا وتوفير الأجواء الساندة عسكريا ولوجستيا وماليا للعصابات التكفيرية والترويج لنشاطاتها الإجرامية بوسائل إعلام مُعّدة لهذا الغرض وتصدير الفتاوي التحريضية وتشكيل (بؤر التجنيد) وإرسالهم الى الأراضي العراقية مع أمتعة الاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة وتفريغ عناصر مخابراتية من هذه الدول خصيصا للشأن العراقي وإشاعة مبادىء القتل والتهجير والخطف والابتزاز فضلا عن بث روح التفرقة وزرع الفتن الداخلية التي ألقت بظلالها الكثيفة على الشعب العراقي وتحملها وكان هو الخاسر وحده دائما من دمه وحياته وامواله وثروته واحلامه الديمقراطية الجديدة.

دول الجوار والمنطقة لم تحسن استخدام مبادىء وحقوق حسن الجوار ولم تمنع نفسها من محاولات التدخل في صنع القرار السياسي العراقي والتأثير عليه من خلال التلاعب بالاوضاع الامنية مستغلة الحدود المفتوحة معها ، ولأجل ذلك فأنها ( الدول المجاورة) معنية أكثر من غيرها بتصحيح أخطاءها السابقة والتكفير عن مواقفها المضادة للشعب العراقي وحكومته واتخاذ مواقف جديدة تعبر عن مصداقيتها وحسن نيتها بمد أيادي الاخوة والدعم والاسناد شكلا ومضمونا ورسم صفحة جديدة من العلاقات تتسم في جميع جوانبها بالمواقف الواضحة والصريحة والاختيار بين مساندة حكومة بغداد أو الارهاب لأن الحكومة قد أكدت انها ماضية بمحاربة الارهاب والخارجين عن القانون وعازمة على احلال الامن والسلام وبالطبع هذا يتطلب من ( الاخوة الاشقاء وكبادرة حسن نية حقيقية لالتزامهم بهذه الاخوة) إدانة جميع اشكال الارهاب وأنواع التطرف ورفض كافة أساليب التدخل الخارجي في شؤون العراق لاسيما وان هذه التدخلات قادمة من أراضيهم واموالهم وأجندتهم.

وعلى هذا الأساس فأن دول الجوار ملزمة بدرجة كبيرة بإعادة النظر بمواقفها واجراءاتها وان التزامها هذا بمساعدة العراق لا يعني بمطلق الاحوال ان لها الفضل والمنة على أبناء الرافدين بل ان ذلك يعد أقل جزء من واجبهم الانساني والاخلاقي تجاه جارهم الذي يحارب الارهاب العالمي نيابة عن دول المنطقة والعالم بأسرها ، كما انه كان يفترض بها ان تكون هي المسارعة والسباقة لتقديم يد العون والدعم للشعب العراقي واحترام ارادته الوطنية والسياسية بدلا من الاعتراض عليها ومحاولة تعطيلها وترك فراغ كبير قد ملئت جزء منه الدول الغربية التي سارعت من جانبها بدلا من أخواننا العرب للوقوف مع العاق بعد ان عجزت الدول العربية من اتخاذ مواقف مماثلة تؤكد حرصها على العلاقات التي تربط بينهما وعلى مشاعر الوحدة العربية والاسلامية ،وأيضا فأن الدول المجاورة أصبحت اليوم بحاجة ماسة الى تفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري مع العراق بعد ان أدركت هذه الدول اهمية العراق الاقتصادية ومدى تأثيره على مستقبل المنطقة وتربعه على موارد وثروات يمكن ان تحدث ثورات كبرى مؤثرة ليس على دول الجوار فحسب بل على دول العالم بأكملها فالنفط والاحتياطي منه يشكل أبرز نقاط القوة الاقتصادية التي يمتلكها العراق مع الموارد الطبيعية الاخرى واعتباره نقطة التواصل بين المشرق الاسيوي ومنطقة الخليج العربي وامتلاكه ميناء البصرة وماله من أهمية مستقبلية خطيرة فضلا عن المميزات السياحية والزراعية الاخرى.

ولذا فقد وضع مؤتمر دول الجوار الكرة في ملعب الدول العربية والمجاورة لاتخاذ مواقف تعبر توجهاتها المستقبلية ولتحدد طبيعة علاقاتها التي تريدها مع العراق الذي لم يترك فرصة أو مؤتمر أو شاردة أو واردة إلا وأكد من خلالها حرصه الشديد على إدامة العلاقات وتفعيلها مع دول الجوار ولجأ أكثر من مرة الى تأكيد ذلك من خلال حرصه على عدم التدخل في شؤون الاخرين والتعامل معهم بالمثل خاصة وانهم قد زادوا من ذلك وعمقوا جراحات العراق ونزفه كثيرا ولكن كان العراق على الدوام حريصا على هذه العلاقات التي ستظل مقيدة بالمواقف الجديدة المتخذة من قبل قادة دول الجوار والمنطقة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك