المقالات

افتوني ماذا اقول لابني ؟!


  عمر الناصر ||   يقال ان الصراخ على قدر الالم فكيف اذا كان الصراخ قد مزق الاغشية الداخلية للوجدان وشق طريقه بأتجاه لملمة اشلاء وبقايا انسان، هو عاجز فعلياً عن التعبير والنطق بما يشعر به القلب والعقل ولايستطيع ترجمته اللسان، وقد نتوقف قليلاً من اجل المراجعة لغرض اعادة ضبط مصنع اليأس الموجود لديناً لغرض استعادة جزء قليل من الصمت الممزوج بالدهشة في ظل عدم توفر الادوات المناسبة للاجابة . في غضون اسبوع امتلئت جمجمتي من تساؤلات ابني الذي هو في الثامنة من العمر والذي يزور بلده الام لاول مرة ولم اجد لجميع تلك الاشياء اجابة مقنعة ، بل ان جميع المعاني والتعابير وطرق الهروب من الاسئلة المألوف منها وغير المألوف تم استنفاذها معه ولم اعد استطيع الحصول على مبرر لابتسامتي الممزوجة مابين ضعف حجتي في الاجابة ومابين مجاملة ابني الذي لم تعد براءته تتحمل جميع محاولات التزويق والتجميل من قبلي في ايجاد مبرر لاداء الفاشلين و الفاسدين والتي للاسف لم تجدي نفعاً بأقناعه بسبب المقارنة بين مالديه من واقع جميل قادم منه ومشهد صادم جاء اليه . لأول مرة اتأكد حقاً بأن جزء من نظرية الصدمة والرعب قد رأيتها فعلياً قد تسللت و طُبقت بحذافيرهاً معي عندما قرأت لغة الجسد في عيناه التي تحتوي على براءة الطفولة الفطرية لانها المرة الاولى التي اقف بها عاجزاً عن الاجابة بشكل حازم وقاطع امام صبي عنيد وقوي الشخصية وذكي هزتني ردود افعاله وهزمني حواره ومقارنته الواقعية بين بلده الذي ولد وترعرع فيه وبلده الاصلي الذي جاء ليراه لاول مرة . وكلما اردت التريث قليلاً في الرد او تزيين وتحوير الاجابة اجبرتني نظراته على التراجع والتقهقر وكأنها تخبرني " قُل الحق ولو كان على نفسك " او كأنني اشعر انه يخبرني بأن النجاة في الصدق كون اجوبتي فعلاً لم تكن صادقة معه فاصبحت ادور في فلك الصراع الذاتي بين امران احلاهما مُر، في وقت جهاز كشف الكذب لديه فعال بشكل جيد ويعمل بصورة دقيقة ، لاعيد وقتها المراجعة لاصطدم من جديد بأن الكذب اهم واولى من خدش سمعة وصورة بلد جراحة لازالت لم تندمل بعد. ونحن نسير في الشارع اشتريت لأبني قطعة حلوى ( نستلة ) واستمرينا بالتجول لمدة اكثر من ساعة ونصف ثم بعدها رجعنا الى المنزل فدار حوار بيننا عن بعض الحالات الموجودة في الشارع اتلعثم في الاجابة احياناً واتوقف واغير مسار الحديث احياناً اخرى ، لكنه كان مصراً على انتزاع اجابة مقنعة تسكته وترضي قناعته وعناده وغروره  :  ابني  …  لماذا كل هذه النفايات في الشارع ؟ انا … ممم !!! حبيبي لان هنالك عجز في توفير سلات النفايات ياولدي !!؟ ابني … وليش اصلاً يذبون النفايات في الشارع ميعرفون تنتشر امراض !؟ انا.. ممم..!!. لانهم لايجدون سلات نفايات  ياولدي !؟؟  ابني … بس همه يگدرون يبقوها مثل ما اني احتفظت بغلاف النستلة لحد ما يرجعون لبيوتهم مو صحيح بابا !! وفتح يده الممتلئة برطوبة العرق مع لون غلاف الچكليتة وكانت صدمة لي فعلاً انذاك لكونه رفض بقناعة تامة ان يرمي الغلاف في الشارع حتى وان كان مليئاً بالنفايات ، افتوني بالله عليكم ماذا اقول لأبني !!؟   انتهى ….   عمر الناصر/ كاتب وباحث سياسي
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك