محمد كريم الخاقاني *||
لا زالت القوى السياسية تتباحث بشأن الخروج بصيغة مقبولة مرضية للجميع بعد نتائج إنتخابات تشرين الأول ٢٠٢١، ولا يمكن التكهن حالياً بما ستؤول اليه الأوضاع نظراً لتقارب الأعداد المؤهلة التي يمتلكها كل فريق لتشكيل الحكومة المقبلة، فلا يمكن من وجهة نظرنا ان يكون هناك تشكيل للحكومة المقبلة من دون التيار الصدري والإطار التنسيقي، إذ يحكتم الطرفان على أعداد متقاربة لا تكفي لحسم الإنفراد بتشكيل الحكومة من دون القوى السياسية الأخرى، إذ يحتاج كل منهما الى أعداد القوى السياسية المشاركة الممثلة للمكون السني والكردي، وهذا بحد ذاته عامل اساس للبدء بخطوات تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب وفقاً لما حازته تلك القوى من مقاعد نيابية.
ومع هذا نرى بأن الخيار الوطني هو عامل مهم في مفاوضات تشكيل الحكومة بعد الإتفاق على من سيرأسها والإنطلاق بمشاورات جدية مع الجميع لتكون الحكومة ممثلة بجميع الكتل والقوى السياسية وبشكل يضمن مشاركة ومساهمة الجميع فيها، فالأفضل هنا بتغليب العامل الوطني وعدم الركون للفئوية وتغليب المصلحةالحزبية الضيقة التي تسهم في تشتيت الصف الوطني.
ومع كل إنتخابات تشريعية تجري في العراق منذ عام ٢٠٠٥ ولغاية اللحظة، نجد ان بأن مشاورات ومفاوضات تشكيل الحكومة تأخذ وقتاً طويلاً مما يدخل البلاد في دوامة أزمات وتعقيدات دائمة، ويكمن الحل الأمثل بإتباع المسارات القانونية لحسم الخلافات بشأن النتائج النهائية للإنتخابات، وذلك عبر إتباع الطرق الديمقراطية وآليات الطعون التي تقدمها القوى السياسية التي ترى في النتائج التي تحصلت عليها بأنها غير متوافقة مع ما كانت تطمح اليه قبل إجراء الإنتخابات، وهذا يعطي صورة إيجابية لتطور مسار العمل الديمقراطي الناشئ في العراق منذ نيسان ٢٠٠٣، ويمكن ان نجد صدى تلك الدعوات في ممارسة الحق الديمقراطي الذي كفله قانون الإنتخابات رقم ٩ لسنة ٢٠٢٠ والذي جرت على اساسه إنتخابات تشرين الأول ٢٠٢١ وحسب المادة ٣٨ منه والتي تعالج مسألة الصعون في النتائج في اي محطة إقتراع ومركز إنتخابي، إذ عهد الى المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات بمهمة إعادة الفرز والعد اليدوي وبحضور ممثلي الكتل والأحزاب السياسية لكي تزيل اي شكوك تصدر من هنا وهناك حول قانونية العملية الإنتخابية وتبين مدى مصداقية المفوضية بشان إعلانها النتائج النهائية.
ومن هنا نجد بأن على الكتل السياسية التي تحصلت على مقاعد عكست مدى شعبيتها وقبولها كممثل لها داخل اسوار مجلس النواب القادم بأن عليها الركون للخيار الوطني ووضعه الاساس الاول بمباحثات تشكيل الحكومة الجديدة لإن تعطيل إنبثاق الحكومة لا يخدم احد بل يزيد من المشاكل التي تتطلب معالجات سريعة تستهدف خدمة المواطن العراقي.
* اكاديمي وباحث في الشأن السياسي.
https://telegram.me/buratha