تُثير القارئ أحياناً وتستوقفه اسباغات لأمور ونسبتها لأشخاص هم بعيدين كل البُعد عنها ، وبينهم وبين من سبقهم في تأسيس تلك الأمور قرون عدّة ، وهذا ما لاحظناه عند الزرقاني ت1367هـ عندما نسب تأسيس علوم القرآن ومصطلحاته إلى النحوي المصري علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي ت430هـ من خلال كتاب الحوفي المعنون ( البرهان في علوم القرآن ) وعلوم القران هي المباحث القرآنية المتعلقة بالقران مثل الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه واسباب النزول وغيرها ، وتابع الزرقاني في كتابه (مناهل العرفان في علوم القران) التسلسل التطوري لعلوم القرآن بقوله " أن علوم القرآن كفن مدون استهلت صارخة على يد الحوفي في أواخر القرن الرابع وأوائل الخامس ثم تربت في حجر ابن الجوزي والسخاوي وأبي شامة في القرنين السادس والسابع. ثم ترعرعت في القرن الثامن برعاية الزركشي. ثم بلغت أشدها واستوت في القرن التاسع بعناية الكافيجي وجلال الدين البلقيني. ثم اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج في نهاية القرن التاسع وبداية العاشر بهمة فارس ذلك الميدان صاحب كتابي التحبير والإتقان في علوم القرآن للسيوطي". بينما المتطلع بإنصاف يجد إن الإمام علي (ع) قد سبق الحوفي بأربع قرون عندما أسس لعلوم القرآن وبيّن مصطلحاته ومباحثه كما هو واضح من قوله (ع) " وفي القرآن ناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه ، وخاص وعام ، ومقدم ومؤخر ، وعزائم ورخص ، وحلال وحرام ، وفرائض وأحكام ، ومنقطع ومعطوف ، ومنقطع غير معطوف ، وحرف مكان حرف . ومنه ما لفظه خاص ، ومنه ما لفظه عام محتمل العموم ، ومنه ما لفظه واحد ومعناه جمع ، ومنه ما لفظه جمع ومعناه واحد ، ومنه ما لفظه ماض ومعناه مستقبل ، ومنه ما لفظه على الخبر ومعناه حكاية عن قوم آخر ، ومنه ما هو باق محرف عن جهته ، ومنه ما هو على خلاف تنزيله ، ومنه ما تأويله في تنزيله ، ومنه ما تأويله قبل تنزيله ، ومنه ما تأويله بعد تنزيله . ومنه آيات بعضها في سورة وتمامها في سورة أخرى ، ومنه آيات نصفها منسوخ ونصفها متروك على حاله ، ومنه آيات مختلفة اللفظ متفقة المعنى ، ومنه آيات متفقة اللفظ مختلفة المعنى ، ومنه آيات فيها رخصة وإطلاق بعد العزيمة ، لأن الله عز وجل يحب أن يؤخذ برخصه كما يؤخذ بعزائمه . ومنه رخصة صاحبها فيها بالخيار إن شاء أخذ وإن شاء تركها ، ومنه رخصة ظاهرها خلاف باطنها يعمل بظاهرها عند التقية ولا يعمل بباطنها مع التقية ، ومنه مخاطبة لقوم والمعنى لآخرين". وبعد هذا يتبيّن بجلاء الاسبقية والريادة لأمير المؤمنين (ع) في تأسيس علوم القرآن وليس كما ذهب إليه الزرقاني الذي تعتمل أمور داخلية عدّة في داخله تجعله يذهب بهذا المذهب.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha