المقالات

الدوغمائية ونفسية الفرد العراقي


ظاهر العقيلي

تعرف الدوغمائية بانها حالة من الجمود الفكري يتعصب فيها الشخص لأفكارهِ الخاصة لدرجة رفضهِ الاطلاع على الأفكار المخالفة وإن ظهرت لهُ الدلائل التي تثبت لهُ أن أفكارهِ خاطئة سيحاربها بكل ما أوتي من قوة .

 

وتعتبر حالة شديدة من التعصب للأفكار والمبادئ والقناعات لدرجة معاداة كل ما يختلف عنها وهذه الحالة تعيشها طبقة كبيرة وشريحة واسعة من ابناء الشعب العراقي للاسف الشديد حيث يطغي التعصب الفكري على اغلب مجالس الحديث او المسامرة سواء كان ذلك في الشارع او البيت او العمل او حتى في مواقع التواصل الاجتماعي !!

 

ربما يذهب البعض ان سبب التشدد والتعصب هو لطبيعة تكوين المجتمع العراقي الديوغرافية او التاريخية مثلا حيث للتاريخ والاحداث دور مهم في التاثير على نفسية الافراد والمجتمعات فاغلب الاحيان تنعكس سلبا على حياة المواطنين فتظهر اثارها على الحديث واسلوب النقاش وتتحول الى ركيزة للتعصب ورفض الاخر والتسقيط به وعدم الاستماع لاي راي مخالف حتى وان كان منطقي وصحيح .

 

ما نشهده في وقتنا الحاضر من رفض الاخر والتشهير به والتسقيط والطعن واسلوب الشتم والتعدي الصارخ على كل القيم الاسلامية السمحاء والاجتماعية الاصيلة انما هو نتاج حركات ضالة مظلة ومدعومة من دول ارهابية لا تريد بالمجتمعات ومنها المجتمع العراقي الخير والصلاح فاثرت تلك الحركات والجماعات الجوكرية البعثية والمدعومة من السفارة الامريكية ودول الخليج على الراي العام العراقي وخاصة الشباب الذي راح لا يطيق او يتقبل اخيه في الانسانية والوطن وربما حتى في ذات العرق والجنس البشري ولقد لمسنا التطبيق الحرفي والفعلي والعملي لذلك ابان ماتسمى بثورة تشرين وما جرى بعدها من تبعات فاصبح المجتمع العراقي لا يتقبل اي فكر او راي مغاير بل وتجاوز ذلك حد التعدي بالالفاظ على كل الرموز الدينية والاجتماعية والسياسية والعشائرية وللطعن بها ولم يسلم من ذلك اي شخص او مجموعة وبحجج بائسة وغير منطقية .

 

ان من الضروري على افراد المجتمع الذي يسعى الى الصلاح والاستقامة اشاعة روح تقبل الاخر فكرا وقولا وفعلا وعدم التمسك بمفهوم او راي واحد فقط واعطاء جانب وفسحة للاستماع والاخذ بكلام الاخرين لعل فيه مصلحة وسداد وبطبيعة الانسان ليس معصوم عن الزلل او الخطأ وكما جاء عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب ( ع) ( من شاور الرجال شاركهم عقولهم ) فأين المشورة والراي ومشاركة العقول والنصح والنصيحة وقول الصواب لماذا غابت كل القيم والمفاهيم الانسانية الطيبة والرائعة عن اداب المجتمع العراقي وهل الطعن والتجاوز والسب والشتم والتعصب حل للمشاكل !!؟

 

ان اشاعة ثقافة تقبل الاخرين ان كانت اراءهم وتوجهاتهم عقلائية ومنطقية وصحيحة هي صفة محمودة ومنطق ايجابي وعامل مساعد للرقي والتفهم والادراك والوصول الى نتائج ايجابية سليمة على عكس رفض الاخر والتزمت والتعصب لرأي او فكرة او شخص فليس هنالك احد نقي نقاء تام او مقدس فوق ما يدركه العقل سوى الامام المعصوم وهذا من البديهيات العقلية والمنطقية فكل بني البشر خطائون وخيرهم التوابون .

 

ماكان يوما التعصب الفكري والتشدد ومنطق التجاوز والسب والشتم حل او صفة جميلة على العكس فان الانسان المتعصب هو انسان معزول ومكروه عند اغلب المجتمعات وتصل الحال الى نبذه وعزلته حتى لا يسبب الارباك ويؤثر على الراي العام والاخرين فكل المجتمعات لم تكن على صف او نسق واحد من الثقافة او الفكر او العقيدة او الرؤى فجميعهم مختلفون ولمن يتوحدون عند نقطة مهمة وهي الاخلاق وتقبل الاخر اذا كان نزيه وعنصر مسالم وصحيح وانساني وصاحب خلق ودين وغير فوضوي او حقود او خبيث .

 

الخروج من الجمود الفكري الى فضاء العلم والمعرفة والدين والاخلاق وتقبل الاخرين رأيا وشخصا هو سبيل وطريق جيد وصحيح ويعود حتى على النفس بالطمأنينة وسموها وسمو من يعمل بالمفاهيم الانسانية والاخلاقية وان نكران الذات هي ايظا عامل مكمل للاستماع الى الراي الاخر ومناقشته نقاش موضوعي وايجابي نحو التكامل الفكري والعقدي والانساني والاخلاقي والديني والمجتمعي :

فما مِن كائنٍ إلا لدَيهِ 

صفاتٌ حسنُها زاهٍ صَبيحُ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك