محمد كريم الخاقاني *||
على إمتداد السنين السابقة لايمكن النظر لطبيعة الأزمات التي عصفت بالبلد إلا من خلال العودة الى احداث نيسان ٢٠٠٣ وما تلاها من تغيير شمل كل نواحي الحياة في العراق الجديد، من نظام حكم الى طريقة إدارة دولة، وهي بالتأكيد أزمات أثرت بشكل او بآخر على الوضع العراقي، فمن أزمة الى أخرى يدخل البلد ومن ثم تتراكم تلك الأزمات بإنتظار وضع الحلول المناسبة لها، فكل أزمة تولد أزمات جديدة معها،فكانت الأزمات السمة البارزة للحكومات ما بعد عام ٢٠٠٣ وبغض النظر عن طبيعة ابنظام السياسي الحاكم واهدافه ورؤيته، وإذا ما تناولنا أسبابها وما آلت اليها، فأننا أمام إنطباعات خلفتها كيفية معالجة تلك الأزمات والتي كشفت عن مدى جدية معالجتها من قبل النخب السياسية التي مسكت زمام الأمور ما بعد التغيير الشامل في ٢٠٠٣،ويكمن السبب الرئيس للأزمات في العراق الى عوامل سياسية بالدرجة الأولى مع الأخذ بنظر الإعتبار طبيعة المتغيرات الدولية والإقليمية وتأثيراتها على الوضع العراقي، وغالباً ما تتسبب الأزمات السياسية بشلل تام يشمل تعطيل السياسات العامة للبلد لإختلاف وجهات النظر بين مجموعة الكتل والقوى السياسية المشاركة في الحكم، ومن ثم البحث الدائم عن حلول وخطط بديلة تتماشى مع واقع الحال، الأمر هذا انعكس بدوره على صياغة وتشريع قوانين تهم الصالح العام. وعلى الرغم مما حدث في تشرين الأول ٢٠١٩ وما نجم عنه من تغيير كبير على مستوى العملية السياسية، إذ لأول مرة، نجد بأن الشعب اصبح فاعلاً مؤثراً فيها بعد ان كان مغيباً لسنوات طوال، نرى بأن القوى السياسية قد رضخت للإرادة الشعبية ومطالباتها المستمرة بضرورة إصلاح الواقع السياسي، وكان من نتائج ذلك ان تغيرت معادلات كانت قائمة في المشهد السياسي، فتم تشريع قانون جديد للإنتخابات وبما ينسجم ومتطلبات الواقع الحالي وبالشكل الذي يحقق مطالب الجماهير في تحقيق الإصلاح، وكذلك يسري الأمر على تغيير مفوضية الإنتخابات، ومن ثم التغيير الأكبر في إقامة إنتخابات مبكرة قبل موعدها المقرر لها.
ولا يمكن التعكز فقط على ما يحدث من أزمات تعصف هنا وهناك على تكالب القوى السياسية وتأثيراتها على مجمل الأوضاع، بل يمكن القول بأن هناك مجموعة من العوامل اسهمت بشكل في إدامة تلك الازمات، فهناك العوامل الإقتصادية والإجتماعية وغيرها، فإنعدام فرص العمل وتزايد اعداد الخريجين الجامعيين وإرتفاع مستويات البطالة بشكل كبير، مع عدم تناسي العوامل المجتمعية التي تؤثر في تنامي الأزمات بشكل مضطرد وهنا تظهر وبشكل جلي مسألة عدم توفر متطلبات السكن اللائق للعوائل العراقية وإنخفاض مدخولات الشعب وبشكل لا يسد المتطلبات الاساسية للعيش الرغيد، كل تلك العوامل فاقمت من تلك الازمات وحدتها.
ولتجاوز الآثار المترتبة على الأزمات التي يعاني منها البلد، ومن أجل تجاوز تداعياتها على جميع النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية، لابد ان نشخص بعض الحلول لمعالجة الأزمات المتتالية التي يعاني منها البلد؛ ان يتم الإسراع بتشكيل مجلس اعلى لإدارة الأزمات ووضع الحلول الناجعة لها، وضع خطط مستقبلية من قبل الحكومة لمعالجة الأزمات المستدامة، العمل على إستيعاب شريحة الخريجين الشباب عن طريق آليات مستحدثة من خلال مدخلات ومخرجات سوق العمل في العراق، وان يتم تشجيع القطاع الخاص والعمل على تنميته وبما يتوافق مع الرؤية الإقتصادية للدولة وتوجهاته في هذه المرحلة، ووضع خطط ناجعة لمعالجة آثار عدم فسح المجال للقطاع الخاص بممارسة دوره في دعم وتطوير القطاعات في البلد.
*اكاديمي وباحث في الشأن السياسي.
.........
https://telegram.me/buratha