المقالات

ليلة القدر ليلة عيد الميلاد..!


طالب الأحمد ||

 

اعتقد – والله أعلم – أن لكل إنسان ليلة قدره..وأن فلسفة ليلة القدر تكمن في مراجعة الإنسان لذاته ولمسيرة حياته الماضية ما أن تحلّ العشرة الأخيرة من شهر رضمان المبارك التي تُرتجى فيها ليلة القدر..فيسأل نفسه عن ما حققه منذ شهر رمضان الماضي وحتى شهر رمضان الحاضر، وأقصد بذلك أن يقوم بجردة حساب للأعمال التي قرّبته من الله تعالى، وتلك التي – لا سمح الله – أبعدته عن رضا الله وعطلّت رحلته في الكدح إلى الله تعالى. وفي كل الأحوال يتوجب على الإنسان أن يجعل من ليلة القدر ليلة "عيد ميلاده" إذا جاز التعبير، فيُصمّم على أن يجدّد حياته الإيمانية بالتصميم على المضي قدما في السعي لنيل رضا الله تعالى بالعبادة وطلب العلم وبالعمل الصالح، وتلك هي -في تقديري- ثلاثية الحياة الإيمانية في الدنيا..العبادة والعلم والعمل.

لم يقل الله تعالى أن ليلة القدر كانت خيراً من ألف شهر.. وإنما هي "خيرٌ من ألف شهر" بإستمرار، ليمنح الإنسان الفرصة تلو الأخرى للتجدد والتكامل حتى بلوغ غاية الغايات وهي نيل رضوان الله تعالى. ولذلك لايكفي الدعاء وحده في ليلة القدر رغم أنه "مخ العبادة" كما ورد في الأثر الشريف، ولاتكفي الأعمال التعبدية لوحدها رغم أهميتها القصوى في تزكية نفس الإنسان، بل ينبغي أيضاً أن تنعقد العزيمة في قلب الإنسان المؤمن على جعل أعمال ليلة القدر منطلقا لعزيمة أكبر على السعي عمليا لنيل رضا الله تعالى حتى شهر رمضان، وهكذا تتحول ليلة القدر إلى منهاج وتبصرة مستدامة ومشكاة نورانية ترافقنا في حياتنا اليومية طيلة السنة إذا قدّر الله تعالى لنا البقاء على قيد الحياة لشهر رمضان القادم، وهذا ما يدعوني لتسميتها بليلة عيد ميلاد القلب المؤمن.

قد يكون تحقيق ذلك أمراً صعباً، فالإنسان ينسى ويحتاج إلى التذكرة من حين إلى آخر، وهنا يأتي دور الصلوات الخمس والشعائر والمواسم العبادية وزيارات الأئمة والشهداء لكي نبقى في حالة استنفار إيماني وتذكرة دائمة لكيلا ننسى ما عقدنا عليه العزم في ليلة القدر المباركة.

إذن هي ليلة المراجعة للذات، ليلة مناجاة الله تعالى بقلب صادق، ليلة التجدّد بحُسن التوكل على الله تعالى في الأمور كلها، ليلة تجلي الحق في القلب الذي هو حرم الله تعالى..وبذلك تكون حقا – بالنسبة لنا- خيرٌ من ألف شهر ومن الشهور كلها فليس هناك ما أهو أفضل وأبهى وأجمل من الإحساس بالقرب من الله تعالى..ذلك الإحساس الذي يجعل القلب يغتسل من كل أدرانه وأطماعه فتبدو الحياة كلها كأنها جنان سرمدية وفجرٌ بهيّ لا غروب له.

في ليلة القدر بوسعنا أن نفهم معنى الخلود الذي وعدنا به الله تعالى..وأن نفهم فلسفة الموت والبعث الجديد، وهذا ما يتطلب منا المزيد من التأمل في ليلة القدر المباركة بعظمة خلق الله والتفكّر وتدبّر آياته جلّ وعلا في أنفسنا وفي الآفاق، وكذلك التدبّر في آيات كتابه الكريم.

وأحسب أن ما ورد عن الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام من أن أفضل الأعمال في ليلة القدر هي "طلب العلم" تندرج في هذا السياق.

نحتاج إذن إلى العلم الذي يقربنا من الله تعالى..وكل علم يمكن أن يكون كذلك متى ما كان في خدمة الإسلام والبشرية، ويكفي أن نعقد العزم على ذلك مهما كانت صعاب وتحديات الواقع.

هذه الأفكار دونتها بلا تصميم أو تخطيط مسبق، فهي خطرت في قلبي في هذه الليلة المباركة من شهر رمضان الكريم ورأيت من المناسب أن أعرضها لأحبتي لعلنا نكون من الذين يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر .. والله تعالى من وراء القصد أولا وآخراً.

 أسأل الله تعالى أن يوفقنا لنيل هداياه وعطاياه السنية في ليلة القدر المباركة..دعواتي الخالصة لكم جميعاً أحبتي، وأسألكم الدعاء.

ــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك