المقالات

لعبة الاتفاق السري من البعث إلى جيش المهدي

1336 14:57:00 2008-05-08

( بقلم : عواد عباس الموسوي )

في الوقت الذي تشير فيه مصادر مطلعة من داخل مدينة الصدر إلى قرب تنفيذ القوات العراقية و الأمريكية هجوما كاسحا و عنيفا يضع حدا لاشتباكات استمرت خمسة أسابيع وسط معاناة الأهالي سرّب قادة صدريون خبرا مفاده إن ثمة اتفاقا سريا بينهم و بين الحكومة . و رغم أنه لم تشر أية شخصية حكومية أو برلمانية غير الصدريين لوجود مثل هكذا اتفاق فإن هناك ما يفسر إطلاق مثل هذه " الشائعة " حتى الآن على أقل تقدير و هو يتمثل بموجب قراءة موضوعية في مجموعة من الأهداف التي سنعرض إليها .

و لكن قبل ذلك لا بد من الإشارة إلى أن بعض المتابعين للشأن ذهبوا باتجاه أن يكون التحرك العسكري و ترتيبات البدء بهجوم واسع النطاق يكتسح آخر معاقل جيش المهدي محاولة ضغط حكومية على الطرف الآخر والذي هو في وضع لا يحسد عليه لأجل دفعه لإعطاء تنازلات كبيرة و لا سيما إن من المعلوم تماما هو أن المعركة الجارية تدور بين طرفين غير متكافئين و بمقدور القوات العسكرية سحق مليشيات الصدر و عصاباته الخاصة و غير الخاصة في ظرف ساعات إلا أن توقع سقوط أعداد كبيرة من المدنيين بين قتيل و جريح و الخراب الذي سيلحق بمدينة اغلب منازلها تقوم على أساس هش و بعضها آيل للسقوط يمثل العقبة الكأداء بوجه أي قرار عسكري بشن هجوم واسع و خاطف .

و نعود هنا إلى الغاية و الهدف الذي رمى إليه الصدريون بتسريب خبر إلى الصحافة يفيد بوجود مباحثات و اتفاقات سرية بينهم و بين الحكومة العراقية و نرى أن تلك الأهداف تنحصر بالآتي :

أولا : محاولة التشويش على المُخطِّط العسكري العراقي و إرباكه لا سيما و أنه لا يريد أكثر من فرض هيبة القانون و تسليم العصابات الإجرامية لأسلحتها و فسح المجال لقوى الأمن في ممارسة عملها دون تدخل أو حظر و لهذا فالعمليات العسكرية ليست مطلوبة بنفسها بل هي وسيلة لتحقيق تلك الأهداف التي تصب في مصب استقرار الوضع الأمني و فرض سلطة الدولة ، و لعلم الصدريين بأن حكومة السيد المالكي تقف ضابطة أعصابها و مصغية بدقة كلما أظهروا أنهم بصدد إبداء مرونة كافية و الرضوخ لحكم العقل و المنطق في عدم مزاحمة كيان الدولة و سلطتها .

ثانيا : تبعا لذلك إعطاء فرصة لمليشيات جيش المهدي و العصابات الخاصة ذات الإدارة و التوجيه الخارجي لالتقاط أنفاسها و إعادة نشر فلولها و تريب أوضاعها و تحصين مواضعها داخل المدينة المنكوبة بهم .

ثالثا : ترويج أن ثمة اتفاق سري بين الصدريين و الحكومة العراقية يتيح لهم فيما بعد وقوع الهجوم المرتقب الادعاء بأنهم كانوا طلّاب سلام و كانوا يسعون للحل السلمي لحقن دماء الأبرياء المدنيين خاصة و تصوير أن الحكومة كانت مصرة على مواجهتهم لأن القضية – كما كان و سيكون ادعاء الصدر و أتباعه – لا تتعلق بأكثر من الرغبة في تهميش " التيار " و إقصائه هذا بالرغم من أن ضرب العصابات المسلحة أيا كان انتماؤها لا يمكن أن يعد تهميشا للطرف السياسي الذي يكفلها و يدعمها لأن المشاركة السياسية لا تتم عن طريق القنابل و الصواريخ و العبوات الناسفة و اختطاف المدن من أهلها و من سلطة القانون .

رابعا : إدخال الناس في مدينة الصدر في تردد و حيرة قاتلة ستدفع ببعض منهم إلى انتظار شيء قد لا يتحقق أبدا ما دامت العصابات الإجرامية تسرح في شوارع المدينة . القول بوجود اتفاق سري جاء مواكبا تماما للأخبار المؤكدة التي تشير إلى قرب وقوع هجوم نهائي و ماحق و لهذا فالجنود العراقيون يجوبون الآن العديد من القطاعات و يدعون المواطنين لضرورة إخلاء منازلهم و الخروج إلى أماكن أكثر أمنا . فالهدف من وراء ادعاء اتفاق سري هو دفع أكبر عدد ممكن من الناس للبقاء في بيوتهم و عدم الأخذ بجدية الدعوات الصادرة إليهم من القوات العسكرية و بالفعل تشير مصادر خبرية من داخل المدينة إلى أن بعض العوائل حبذوا البقاء في منازلهم ، و بهذا يتسنى تحقيق أمرين الأول استمرار اتخاذ المدنيين دروعا بشرية في المواجهة و الثاني انتظار وقوع أكبر عدد من القتلى المدنيين للتشنيع الإعلامي على الحكومة و التطبيل إلى أنها أوقعت مجزرة كبيرة بالمواطنين . إننا نهيب بالجهات المسئولة كما بالمواطنين الأبرياء المبتلين بعصابات الجريمة و القتل و التخريب أن ينتبهوا إلى ما ذكرناه و يحملوه على محمل الجد لتقليل فرص الوقوع في بعض الأخطاء غير المحسوبة أمام كيد المليشيات و عقول الشر التي تدبر كل ما هو خبيث و مضر بالعراق و العراقيين .

إن لعبة التسريب لوجود اتفاقات سرية في وقت احتقان الأزمات و فقدان الحلول و الشعور بقرب الهزيمة ليست بالجديدة فقد مارسها و لعبها النظام السابق أكثر من مرة و كانت تتوخى أهدافا قريبة مما ذكرناه . فعلى سبيل المثال في حرب الكويت كان صدام و أثناء اشتداد الضربات الموجعة التي وجهها سلاح الجو الأمريكي لقطعاته و مراكز قياداته العسكرية و الأمنية بما توقع معه المواطنون بدء مرحلة سقوطه و انفلات الأمور من قبضته قد سارع لتسريب خبر يفيد بحصول اتفاق سري بمساعدة روسيا الأمر الذي أسهم في تخفيف الضغوط عليه من الداخل نتيجة لتراخي الرغبة في التحرك ضده لتوقع أنه سيستعيد قوته و أن عملية الانهيار الدراماتيكي لقواه الأمنية لن يستمر بما يمنح الفرصة للشعب في الانتفاضة عليه . و من جهة أخرى شوّش حسابات بعض الأطراف الإقليمية التي كانت تتأهب للدخول مع القوات الأمريكية إلى الكويت و من ثم إلى العمق العراقي . كذلك زرع الخوف و التردد في نفوس بعض القيادات العسكرية المهمة من القيام بانقلاب على النظام و تحرك يسهم في إسقاطه و وقف عمليات التدمير اليومي للقوة العسكرية العراقية .

إنها لعبة الاتفاق السري الذي يبدو أنه جزء من ثقافة و عقلية لا تريد مغادرة العراق ما دامت تجد لها وريثا بارا يتمثل بالصدر و مليشياته كما برّ هؤلاء في أكثر من ميدان و على مستويات أخرى فكانوا بحق بقية الظلم الدكتاتوري و حاملة لذات الذهنية مخلصة لها أيما إخلاص سواء شعروا بذلك أم لا و سواء مارسوه بوعي تام منهم أم بنصف وعي أم بدونه حتى ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك