المقالات

حب المرء لبلده دليل إيمانه..


كوثرالعزاوي ||

 

كلّ إنسان بطبعه يحب بلده ويحنّ إليه، معتبرًا إياه تلك الشجرة الوارفة الظلال والحضن الكبير، الذي يضمّ أبناءه بكل خصوصياته ومتعلقاته، باعتباره الملاذ الآمن والجزء الذي لايتجزّء من كيان الإنسان كما أنه مورد الشعور بالاستقرار والطمأنينة،فحب الوطن من القيم الأخلاقية العليا وله قدسية ومهابة في نفوس أهله وساكنيه، حتى صار من الإيمان كما

ورد عن أمير المؤمنين"عليه السلام"{عُمِّرَت البلدان بحب الأوطان}

وعنه"عليه السلام":{من كَرمِ المرء بكاؤه على ما مضى من زمانه، وحنينه إلى أوطانه، وحفظه قديم إخوانه}كتاب تنبيه الخواطر-١/٣٨

ومن هذا الحب يتفرع وجوب الدفاع والتضحية عن أرضه وخيراته وقداسته ضمن دائرةالحق.

فهو التراث ومحطّ الارتقاء وسلّم التكامل ومنطلق الشرف والعزة في الانفتاح على بلدان العالم سيما من له معه وشائج العمق الانساني والاسلامي والعقائدي، والاندماج

مع مايحقق معاني الانتماء إلى الوطن الأكبر بيت التوحيد المتمثل "بالإسلام المحمديّ الأصيل" وعلى ضوء ذلك، كم من الدماء التي أريقت لأجل الدفاع عن الوطن بدافع الدين والضمير والإنسانية!! ولكننا اليوم نرى عجبًا من الذين يدّعون أنهم  ينتمون إلى وطنهم وأنهم حماة الأرض والعرض والمقدسات، كيف وصلت بهم الخسة والنذالة أن يضعوا أيديهم في أيدي أشدّ أعداء البلاد خبثًا وحقدًا على مرِّ التأريخ!! ليوقّعوا معهم من وراء الكواليس خططًا ومعاهدات بمداد الذلّ والعار التي تقتضي توثيق الهيمنة على رقاب أبناء هذا الشعب الأبيّ المسلم المضحي الجريح بهدف إذلاله وسرقته، والحيلولة دون استقراره الفعلي الذي يفتقده منذ نصف قرن، ليصل بهم حب الدنيا إلى تغليب مصالحهم الشخصية والدنيوية على مصالح الشعب من خلال السيطرة على خيرات البلد والاستفادة من ثرواته عبر سَنّ {قانون الأمن الغذائي}بداعي الحرص على الشعب وأمنه المبطّن بالشقاوات والاستهتار بالبشر وحب الجاه، لا الخبرة والحنكة السياسية، بل بهدف تجويع الشعب، مستغلين بذلك اسماء وتاريخ أقوام من الآباء ممن عُرفوا بالشرف والتضحية والتقوى ومقارعة الاستكبار حد الشهادة! خلاف أولئك المتنفذين والمدّعين أنهم الأحرص على بلدهم وترابه، فبدلَ ان يعتكفوا متوكلين على الله القوي الجبار لإيجاد حلولٍ للخروج من مآزق كثيرة والشروع في استثمار نِعم الله تعالى في هذا البلد من نفط وزراعة وسياحة وغير ذلك والارتقاء به إلى مصاف الدول الآمنة بفضل حكوماتها المدافعة عنها، ولكن تراهم  يسقطون تحت أقدام الطامعين ليساوموا على بيع بلدهم والتنازل عن دماء الشهداء وخيانة التضحيات، حتى باعوا كل شيء بما فيه شرفهم وتاريخهم، منتظرين قبض الثمن وصك" ملك الريّ" الذي لايغني غدا عن خيانتهم شيئا! فبينما هم سكارى في نشوة هوس السلطة، إذ بالعدوّ يمرّر أجنداته المحمومة، منطلِقًا من قعر دارهم وفرضها بقوة على الشعب الجريح عبر الاستغفال تارة واستغلال نقاط الضعف تارة اخرى، ليرتقوا هم بعدها أعلى المناصب ويتسلطون على رقاب العباد ومقومات البلاد!! غير أن ذلك لم يثبت ولم يتحقق بأذن الله تعالى وفضل ماتبقى من العقول الشريفة التي تتصدى سرًّا وعلانية لتلك ، المراهنات الفاشلة التي لاتصب قطعًا بمصلحة الشعب والمحرومين، ولا تُعبّر عن شرف الانتماء للتراب الذي تفتديه الدماء الزكية الطاهرة  وتفتخر أنّها تروّي ترابه، سيما وأن تربة بلدنا العراق كل ذرة منها معبقة بزكي الدماء الطاهرة للاولياء والشهداء والصالحين وحسبها طهرًا أنها من عبق دم الحسين وصحبه وانصاره"عليهم السلام"، فلا اقلّ من ان يتذكروا الشهداء الذين أفنوا اعمارهم بالدفاع عن المبادئ وقيم السماء التي مثّلها تراب بلد عليّ والحسين والمعصومين"عليهم السلام"حد الاستشهاد والتضحية بالمال والأهل والنفس بعد أن أدركوا قيمة ومعنى أن يكون للإنسان وطن ينطلق منه بدافع الغيرة على الهوية الإسلامية وانتمائه العقائدي عندما شعر أن هناك من  يُحاول العبث في أمن الشعب والارض بدافع الرجوع به إلى حقبة الاجرام لسفاح العراق وزبانيته، وما دماء قادة النصر وشهداء الحشد المقدس عما ذكرنا ببعيد.

{إِنّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الّذِينَ آمَنُوَاْ إِنّ اللهَ لاَ يُحِبّ كُلّ خَوّانٍ كَفُور * أُذِنَ لِلّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنّ اللهَ عَلَىَ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}الحج:٨٣-٣٩

 

١٩شوال١٤٤٣هج

٢١-٥-٢٠٢٢م

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك