رياض البغدادي
وصلتني بعض الاعتراضات من إخوة أعزاء حول قضية تبادل الزيارات الدينية مع الكيان الصهيوني ، والذي نشرته يوم أمس ، واعتبرته خيانة عظمى للعراقيين وتأريخ العراق ، بسبب الفقرة الخاصة بجواز تبادل الزيارات ذات الطابع الديني ، التي زجها المشرعون في مجلس النواب ، ضمن قانون ( تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني ) خطأً ، او سهواً ، او غفلةً او تعمداً ، تبيح تبادل الزيارات الدينية مع الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين ،
وقالوا بأن المقصود من هذه الفقرة هو استثناء إخوتنا من أبناء الطائفة المسيحية من العقوبة ، فيما لو أرادوا زيارة كنيسة القيامة في القدس الشريف !!
وهذا لعمري ( عذرٌ أقبح من فعل )، ولنا على هذا الاعتذار المزعوم كلامٌ و ردٌّ نلخصه بالتالي :
اولاً. الفقرة القانونية ( موضع الخلاف ) ، مطلقة ولم يقيدها المشرع بقيد ( مسيحية الزيارة ) ، وغاية ما موجود من قيد لفظي ، هو قيد موافقة وزير الداخلية ، وهذا القيد يمكن معالجته فيما لو رفض وزير الداخلية لطلب أي مواطن لزيارة القدس ، بمواجهته بالدستور الذي يمنع تقييد المواطن عن ممارسة حقوقه التي ضمنها الدستور العراقي ومنها حرية السفر ، فسيكون رفض وزير الداخلية مخالفة دستورية لا يستطيع الوزير التملص منها .
ثانياً. ورد في القانون المدني العراقي رقم ٤٠ لسنة ١٩٥١
المادة ١٦٠ ( المطلق يجري على اطلاقه اذا لم يقيد دليل التقييد نصاً أو دلالة .).
وبهذه الفقرة القانونية ،اضافة الى نص الفقرة التي تبيح الزيارات الدينية الى الكيان الصهيوني ،سيكون كل عراقي مباح له السفر الى ( الكيان المجر +م) وسيعجز اي قاضٍ عن معاقبته ، فيما لو كان عذره زيارة المسجد الأقصى أو قبة الصخرة أو أي مكان آخر من الأماكن الدينية في فلسطين المحتلة .
ثالثاً. كلنا يعلم ويؤمن إيماناً راسخاً ، بأن المسيحي العراقي لا يختلف عن أي مواطن عراقي آخر أمام القانون ، فلماذا يشرّع مجلس النواب العراقي ، قانوناً يبيح لبعض العراقيين ما لا يبيحه لغيرهم ؟ مع أنهم بحسب الدستور مواطنون متساوون بالحقوق والواجبات ؟ فهل يمتنع المواطن العراقي المسيحي من مشاركة اخوته العراقيين في مقاطعتهم للكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين ؟!!
رابعاً. لم يدَّعِ أحدٌ ، سواء كان رجل دين مسيحي ، أو حتى الإدعاء بوجود نص ديني ، يلزم المسيحيين بزيارة كنيسة القيامة ، أو غيرها من الأماكن الدينية ..
فما الذي استند اليه المشرعون في مجلس النواب لإباحة الزيارة لهم ؟ وتمييزهم عن باقي العراقيين ؟
لذلك كله فنحن نصر على تعديل قانون ( تجريم التطبيع ) ، وإلغاء هذا الإستثناء من القانون ، وإلا فنحن أمام مؤامرة كبيرة ، يُراد بها استغفال الشعب العراقي ، وتمرير التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت مسمى تبادل الزيارات الدينية ، والتي سيتبعها قطعاً ، فتح مكتب للكيان الصهيوني في بغداد لرعاية شؤون الزائرين اليهود للاماكن المقدسة في العراق ، كقبر النبي هود والنبي صالح في النجف الاشرف ، أو قبر نبي الله العزير في العمارة ، أو قبر نبي الله نوح في كربلاء ( بحسب المعتقد اليهودي ) أو حتى سفينة نوح التي هي الأخرى مقدسة لدى اليهود ، وموقعها الذي رست فيه داخل مسجد الكوفة ، الذي حتماً سيغص بالزوار الصهاينة ، فلا يسع بعد ذلك لإقامة صلاة الجمعة ، التي مازال دويّ صوت ( المقدس الصدر ) رضوان الله تعالى عليه يهز اركانه ، بشعاره العظيم ( كلا كلا اسرائيل ) ..
وهذه مناسبة ان اكتب الى الوريث الشرعي للمقدس الصدر ، وأعني ( السيد مقتدى الصدر اعزه الله ) بأن يأمر بمعالجة هذا القانون ، وتوجيه أبناء التيار الصدري في مجلس النواب ، الى العمل على تعديل قانون ( تجريم التطبيع ) وهو الأولى بالمحافظة على تراث المقدس الشهيد الصدر ، الذي جزء مهم منه الشعار الذي رسخه في ضمائر العراقيين ( كلا كلا إسرائيل ) .. لتكتمل فرحتنا بهذا الإنجاز العظيم ، الذي حتماً سيكون باكورة التراجع عن التطبيع ، الذي سعت إليه بعض الدول العربية والاسلامية ، بسبب االضغوط الدولية الظالمة ضدهم التي يصعب التحرر منها ..