المقالات

ماهي قصة علي بن مهزيار ...؟


نور الجبوري|| 

 

روى الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي و الطبرسي عن عليّ بن ابراهيم بن مهزيار  انّه قال: حججت عشرين حجة كلّا أطلب به عيان الامام فلم أجد إلى ذلك سبيلا  ,فبينما أنا ليلة نائم في مرقدي إذ رأيت قائلا يقول "يا عليّ بن ابراهيم قد اذن اللّه لك في الحج‏ " فانتبهت وأنا فرح مسرور فما زلت في الصلاة حتى انفجر عمود الصبح وفرغت من صلاتي ,وخرجت أسأل عن الحاجّ فوجدت فرقة تريد الخروج فبادرت مع اوّل من خرج فما زلت كذلك حتى خرجوا وخرجت بخروجهم أريد الكوفة ؛ فلمّا وافيتها نزلت عن راحلتي وسلّمت متاعي إلى ثقات اخواني وخرجت أسأل عن آل أبي محمد (عليهم السّلام) فما زلت كذلك فلم أجد أثرا ولا سمعت خبرا .

وخرجت في اوّل من خرج أريد المدينة فلمّا دخلتها لم أتمالك ان نزلت عن راحلتي وسلّمت رحلي إلى ثقات اخواني ,وخرجت أسأل عن الخبر وأقفوا الأثر فلا خبرا سمعت ولا أثرا وجدت ، فلم أزل كذلك إلى أن نفر الناس إلى مكة وخرجت مع من خرج حتى وافيت مكة ونزلت فاستوثقت من رحلي وخرجت أسأل عن آل أبي محمد (عليه السلام) فلم أسمع خبرا ولا وجدت أثرا فما زلت بين الأياس والرجاء متفكرا في أمري وعائبا على نفسي وقد جنّ الليل .

فقلت: أرقب إلى أن يخلو لي وجه الكعبة لأطوف بها وأسأل اللّه عز وجل أن يعرّفني أملي فيها فبينما أنا كذلك وقد خلالي وجه الكعبة إذ قمت إلى الطواف فاذا أنا بفتى مليح الوجه طيب الرائحة متزر ببردة متشح باخرى وقد عطف بردائه على عاتقه فرعته .

فالتفت إليّ فقال: ممّن الرجل؟ فقلت: من الأهواز فقال: أ تعرف بها ابن الخصيب؟

فقلت: (رحمه اللّه) دعي فأجاب ,فقال: (رحمه اللّه) لقد كان بالنهار صائما وبالليل قائما وللقرآن تاليا ولنا مواليا فقال: أ تعرف بها عليّ بن ابراهيم بن مهزيار؟ فقلت: أنا عليّ فقال: أهلا وسهلا بك يا أبا الحسن أ تعرف الصريحين؟ قلت: نعم قال: ومن هما؟ قلت: محمّد وموسى ثم قال: ما فعلت العلامة التي بينك وبين أبي محمد (عليه السلام)  فقلت: معي فقال: أخرجها إليّ فأخرجتها إليه خاتما حسنا على فصّه محمد وعليّ وفي رواية: يا اللّه ويا محمد ويا عليّ ؛ فلمّا رأى ذلك بكى مليا ورنّ شجيا فأقبل يبكي بكاء طويلا وهو يقول: رحمك اللّه يا أبا محمد فلقد كنت اماما عادلا ابن أئمّة وأبا إمام أسكنك اللّه الفردوس الأعلى مع آبائك (عليهم السّلام) ؛ ثم قال: يا أبا الحسن صر إلى رحلك وكن على أهبة من كفايتك حتى إذا ذهب الثلث من الليل وبقي الثلثان فالحق بنا فانّك ترى مناك ان شاء اللّه ؛ قال ابن مهزيار: فصرت إلى رحلي أطيل التفكّر حتى إذا هجم الوقت فقمت إلى رحلي وأصلحته وقدّمت راحلتي وحملتها وصرت في متنها حتى لحقت الشعب فاذا أنا بالفتى هناك يقول: أهلا وسهلا بك يا أبا الحسن طوبى لك فقد اذن لك فسار وسرت بسيره حتّى جاز بي عرفات ومنى وصرت في أسفل ذروة جبل الطائف .

فقال لي: يا أبا الحسن انزل وخذ في اهبة الصلاة فنزل ونزلت حتى فرغ وفرغت ثم قال‏ لي: خذ في صلاة الفجر وأوجز فأوجزت فيها وسلّم وعفّر وجهه في التراب ثم ركب وأمرني بالركوب فركبت ثم سار وسرت بسيره حتى علا الذروة فقال: المح هل ترى شيئا؟

فلمحت فرأيت بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء .

 فقلت: يا سيدي أرى بقعة نزهة كثيرة العشب والكلاء فقال لي: هل ترى في أعلاها شيئا؟ فلمحت فاذا أنا بكثيب من رمل فوق بيت من شعر يتوقّد نورا فقال لي: هل رأيت شيئا؟ فقلت: أرى كذا وكذا فقال لي: يا ابن مهزيار طب نفسا وقرّ عينا فانّ هناك أمل كلّ مؤمّل ؛ ثم قال لي: انطلق بنا فسار وسرت حتى صار في أسفل الذروة ثم قال: أنزل فهاهنا يذلّ لك كلّ صعب فنزل ونزلت حتى قال لي: يا ابن مهزيار خلّ عن زمام الراحلة فقلت: على من أخلّفها وليس هاهنا أحد؟ فقال: إنّ هذا حرم لا يدخله الّا وليّ ولا يخرج منه الّا وليّ فخلّيت عن الراحلة فسار وسرت فلمّا دنا من الخباء سبقني وقال لي: قف هناك إلى أن يؤذن لك فما كان هنيئة فخرج إليّ وهو يقول: طوبى لك قد اعطيت سؤلك ؛ قال: فدخلت عليه صلوات اللّه عليه وهو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر متكئ على مسورة أديم فسلّمت عليه وردّ عليّ السلام ولمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر لا بالخرق ولا بالبزق‏ ولا بالطويل الشامخ ولا بالقصير اللّاصق ممدود القامة صلت الجبين أزج الحاجبين أدعج العينين أقنى الأنف سهل الخدّين على خدّه الأيمن خال فلمّا أن بصرت به حار عقلي في نعته وصفته .

فقال لي: يا ابن مهزيار كيف خلّفت إخوانك في العراق؟ قلت: في ضنك عيش وهناة قد تواترت عليهم سيوف بني الشيصبان‏  فقال: قاتلهم اللّه انّى يؤفكون كأنّي بالقوم قد قتلوا في ديارهم وأخذهم أمر ربّهم ليلا ونهارا  لتملكونهم كما ملكوكم وهم يومئذ أذلّاء ؛ ثم قال: انّ أبي (صلوات اللّه عليه) عهد إليّ أن لا أوطن من الأرض الّا أخفاها وأقصاها إسرارا لأمري وتحصينا لمحلّي من مكائد أهل الضلال والمردة من أحداث الأمم الضوال .

 اعلم انّه قال (صلوات اللّه عليه) : يا بنيّ انّ اللّه جلّ ثناؤه

لم يكن ليخلّي أطباق أرضه وأهل الجدّ في طاعته وعبادته بلا حجة يستعلى بها , وامام يؤتمّ به ويقتدى بسبل سنّته ومنهاج قصده وأرجو يا بني أن تكون أحد من أعدّه اللّه لنشر الحق وطيّ الباطل واعلاء الدين واطفاء الضلال ,فعليك يا بنيّ بلزوم خوافي الأرض وتتبع أقاصيها ,فانّ لكل وليّ من أولياء اللّه عز وجل عدوّا مقارعا فلا يوحشنّك ذلك ، واعلم انّ قلوب أهل الطاعة والاخلاص نزّع إليك مثل الطير إذا أمّت أوكارها ,وهم معشر يطلعون بمخائل الذلة والاستكانة وهم عند اللّه بررة اعزاء يبرزون بأنفس مختلّة محتاجة وهم أهل القناعة والاعتصام استنبطوا الدين فوازروه على مجاهدة الأضداء ، فاقتبس يا بني نور الصبر على موارد أمورك تفز بدرك الصنع في مصادرها ,فكأنّك يا بني بتأييد نصر اللّه قد آن ,وتيسير الفلح وعلو الكعب قد حان, وكأنّك بالرايات الصفر والأعلام البيض تخفق على أثناء أعطافك ما بين الحطيم وزمزم, وكأنّك بترادف البيعة وتصافي الولاء يتناظم عليك تناظم الدرّ في مثاني العقود, وتصافق الاكف على جنبات الحجر الأسود تلوذ بفنائك من ملأ برأهم اللّه من طهارة الولاء ونفاسة التربة ,مقدّسة قلوبهم من دنس النفاق ومهذبة أفئدتهم من رجس الشقاق ، فاذا اشتدّت أركانهم وتقوّمت أعمادهم قدّت بمكاثفتهم طبقات الأمم إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة بسقت أفنان غصونها على حافات بحيرة الطبريّة, فعندها يتلألأ صبح الحق وينجلي ظلام الباطل ويقصم اللّه بك الطغيان ويعيد معالم الايمان ، تهتزّ بك أطراف الدنيا بهجة وتهزّ بك أغصان العزّ نضرة وتستقرّ بواني‏  العزّ في قرارها وتؤوب شوارد الدّين إلى أوكارها ؛ ثم قال: ليكن مجلسي هذا عندك مكتوما الّا عن أهل الصدق والأخوة الصادقة في الدين .

قال ابراهيم بن مهزيار : فمكثت عنده حينا أقتبس ما أورى من موضحات الأعلام ونيرات الاحكام فلمّا أزف ارتحالي وتهيّأ اعتزام نفسي غدوت عليه مودّعا ومجددا للعهد وعرضت عليه مالا كان معي يزيد على خمسين ألف درهم وسألته أن يتفضّل بالأمر بقبوله منّي ، فابتسم وقال: استعن به على مصرفك فانّ الشقة قذفة وفلوات الأرض أمامك جمّة فدعا لي كثيرا وانصرفت إلى وطني.

المصدر : موقع مدرسة الامام الحسين عليه السلام

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك