مازن الولائي ||
ما سمعته عنها غير ما رأته عيناي، وقلت في نفسي كم كان الناقل ظالما وغير منصف؟! إذ من صوّرها لي قبل دخولي لها على أنها خربة مستباحة ما كان صادقاً! وبدأت مشاهد تلك المدينة بمعولها جمالها تهشم قناعاتي المسبقة، وصادف أن دخلت سوق المدينة صباحا ولم تفتح أغلب الدكاكين، وأنا أسمع من بعض الدكاكين والبسطيات التي يقف عليها بعض الشباب النورانيين تعرفهم من أشكالهم الجميلة ولحاهم التي عليها طابع من تقوى وورع ملحوظ حيث اللبس الذي يختلف عن بقية شباب المحافظات، فقلت في نفسي كم المسؤولين في هذه المحافظة محترمون؟ لأن الناس على دين ملوكها، كل دكان قد اختار ما يبدأ به يومه المفعم بالتوكل على الله سبحانه وتعالى، تارة صوت عبد الباسط عبد الصمد الشجي، وهو يتلوا "وإذا الشمس كورت" وآخر يبعد عنه بكم متر قد وضع دعاء العهد بصوت باقر المقدسي، حتى بدأت الحركة تدب في سوق لم الحظ عليه الازدحام الذي نراه بين الرجال والنساء في بقية المحافظات، والنساء يلبسن أروع الحجاب ولهن شبه طريق خاص بهن وآخر للرجال! فقلت في نفسي إذا لماذا هذا الضجيج حول مثل هذه المحافظة وأن نسائها لا يعرفن الحجاب الكامل؟! وأن شبابها لبسهم البرمودة والبنطال الجينز الممزق من كل مكان؟! لماذا الهدوء والمظهر الأخلاقي الجميل يعم المكان؟! قلت في نفسي كم النقل ظالم والمشاهدة هي أم الحقيقة؟!
ثم تقدمت وصديق لي يرافقني، هناك محلات كتب عليها البيع فقط للنساء! قلت لماذا للنساء فقط!؟ تبسم وقال لأني في داخل هذا المحل الذي لا واجهة إعلامية له امرأة لا تسمح للرجال بالدخول فهي تبيع فقط ملابس تخص النساء واعراف هذه المحافظة هكذا، حمدت الله تعالى على نعمة ما أشاهد من التزام.. ثم سألت من أين كل هذه البضائع الوفيرة يكاد كل شيء موجود وبمثل هذا السعر الرخيص، قال في هذه المحافظة تجار إشراف يخافون الله الجبار المنتقم، لا يقبلون أي بضاعة تدخل السوق خاصة تلك التي تعود إلى دول تحارب الشيعة! مثلا هنا لا أحد يشتري ولا يبيع أجبان المراعي التي تنتجها السعودية والسبب لأنها تحارب اليمن وباقي الشيعة في أماكن كثيرة في العالم، ولا الحاجات التركية وغيرها لذات السبب، والجميع متفقين على شراء كل شيء من الجمهورية الإسلامية الإيرانية للجودة العالية والرخص وكذلك تجارنا يقولون التجارة أن خرجت عن الفقه والدين والتقوى وعملت بلا بصيرة سوف تهلك صاحبها والأموال سحت حرام!
"التجار فاجر حتى يتفق بالدين"
قبيل الآذان لصلاة الظهر، بدأ القرآن يتعالى من بعض الحسينيات الصغيرة التي تتوسط السوق وبعض الفروع المطلة عليها، وبدأ أصحاب الدكاكين والبسطيات ينزلون قماش مكتوب عليه حيا على الصلاة، وهناك مغاسل للوضوء وقف الشباب بالدور عليها وكأنهم عائلة في بيت واحد، وعندما دخلنا المكان للصلاة وجدنا صورا للعلماء مزينة بالزينة وتحتها الحناء كناية عن تحقق نذور من طلب منهم حاجات، منها للسيد روح الله الخميني قدس سره ومنها للسيد السيستاني وأخرى للشهيد الصدر وعلماء وصور قديمة ومنها مراثي حسينية ومشاعل، شعرت بخشوع خاص وأنا اغبط هذه المدينة إذ كان سوقها هذه أخلاقه إذا كيف ببقية مرافقها، لازلت أتجول حتى بطريق الصدفة ضربت بائع للشاي الذي عطره يدغدغ الأنف، لكن أسقطت منه أحد الأكواب ففزعت وإذا بي كنت في حلم تمنيته لا ينتهي..
"البصيرة هي ان لا تصبح سهمًا بيد قاتل الحسين يُسَدَّد على دولة الفقيه"
مقال آخر دمتم بنصر ..