ماجد الحداد ||
هل تخيّلتم يومًا ماذا سيحدث لو تم إزالة مواقع التواصل الاجتماعي ؟ أو تم قطع شبكة الإنترنت نهائيًا عن العراق ؟ أين سيبرز (دعاة الوطنية) وطنيتهم ؟ و أيَّ مكان يصدعون رؤوسنا بوطنيتهم المزيفة ؟ كيف يستنكرون و يحذّرون و يتكلمون بدون تويتر ، فيسبوك و إنستغرام ..؟ تساؤلات كثيرة لكن بلا قيمة مثلهم .
حين تم استهداف الأبرياء و الأطفال و سقط منهم الضحايا و الجرحى خرج علينا مرتزقة البزاز و هم يُعاتبون العراقيين كون أصبحت قضية القصف التركي هي حديث الساعة و الشُغل الشاغل لهم بدلًا من التركيز و الاهتمام بالصراعات السياسية أو التسريبات الصوتية مؤخرًا !
أو يقول بعضٌ آخر من (الشركاء بالوطن) أن تركيا بريئة براءة الذئب من دم إبن يعقوب ، و هم يُلقون باللوم و الذنب الأكبر على حزب العمال الكردستاني إرضاءًا لولي نعمتهم (مسعود بارزاني) و منهم طاعةً للسلطان المجرم (أردوغان) .
أمّا الغالبية منهم لا يخجل بعدم ذكر اسم الدولة المعتدية (تركيا) لغايات و أسباب دنيئة ، فيقوم بتحميل الحكومة و الدولة (رغم لا يوجد إختلاف على فسادها و ضعفها) كل المسؤولية بسبب الإهمال و التراخي أو الخيانة ، و يذكرون حينها قوة النظام البعثي البائد و كيف كانت سيادة الدولة العراقية آنذاك !.
لن أتطرّق الى شرح و تبيين كم مرة أُنتهِكت سيادة العراق آنذاك و لن أتكلم أيضًا عن الاتفاقية العراقية - التركية أبان فترة حكم الطاغية و التي تسمح و تخوّل الأتراك لضرب عناصر حزب العمال الكردستاني شمال العراق ، و لكن حين كانت صواريخ الميليشيات و السلاح المُنفلت (حسب قولهم) تدك معاقل الأتراك و تضرب معسكراتهم كانت حكومة تصريف الأعمال اليومية (التي جائت بها تشرين) تتوسط لكي يتوقف القصف العراقي و تتعهد بعدم تكرار الاعتداءات التركية ، و في جانب آخر يَطُل علينا الناشطين و الإعلاميين المرتزقة و هم يتباكون عند قصف القواعد التركية خشية اندِلاع الحرب بين الدولتين لكن في وقت آخر يتفاخرون و يتغنون بـ(والله أنعل أبو إيران لابو تركيا) بصوت جرذ العوجة !.
لكن الطامة الكبرى هي تداول صفحاتهم لصورة تجمع بين الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي و نظيريه الروسي فلاديمير بوتين و التركي رجب طيب أردوغان في قمة طهران الأخيرة ، و كانت القضية السورية هي محور القمة .
و تعتبر سوريا حليف لإيران فما كان على إيران إلا عدم التخلي عن حلفائها و الاهتمام بقضيتهم ، لكن يأتي غبي الأغبياء و يقول (مو إيران دعمتكم بالسلاح ؟ چا ليش تتعاون وي تركيا ؟ و…) .
حسب ما أفادت وسائل إعلام أن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني يعمل بمخطط مشترك لشن حملات عسكرية ضد مواقع حزب العمال الكردستاني و كان أبرزها ضد مواقع الكريلا (عناصر حزب العمال) في منتصف أبريل (نيسان) الماضي ، و كان قد سبقها زيارة قام بها رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني إلى أنقرة و لقائه الرئيس التركي أردوغان بحضور رئيس جهاز الاستخبارات التركي حقان فيدان ، وذكر بيان لحكومة الإقليم أن الطرفين "أكّدا توسيع آفاق التعاون من أجل أمن المنطقة و استقرارها ، و توطيد العلاقات في المجالات كافة ، لا سيما في المجال الاقتصادي و التبادل التجاري".
أما بالنسبة للحكومة المركزية فهناك تحرّك برلماني قبل عدة أشهر يسعى لإستضافة الكاظمي تحت قبة البرلمان لمناقشة ملفات عديدة أبرزها الاعتداءات التركية المتكررة لكن ما أخّر ذلك هو القوى السياسية المؤيدة للكاظمي أو المعروفة بعمالتها لأجندات تركية ، فرئيس الوزراء الكاظمي لا يتخذ الإجراءات اللازمة و الصارمة إتجاه الانتهاكات التركية في شمال العراق ، فقد أفاد شهود عيان أن أفراد جهاز المخابرات العراقي متواجدين قرب بناية السفارة التركية و باقي القنصليات في العراق متنكرين في زي باعة متجولين و ما شابه ذلك ، فضلًا عن إرساله قوات أمنية و مكافحة الشغب لحماية المبعوثين الأتراك و القناصل .
و كذلك رئيس مجلس البرلمان محمد الحلبوسي إلتقى في تأريخ 26 فبراير 2022 ، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول بحضور رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر و هاكان فيدان ، "حيث تم بحث العلاقات الثنائية و التنسيق و التعاون بين البلدين في المجالات كافة، و منها الاقتصادي و التجاري ، فضلًا عن دعم تركيا للعراق في مجال مكافحة الإرهاب ، والتعاون في تبادل المعلومات الأمنية والاستخبارية" ، حسب ما صرّح به مكتب الحلبوسي .
فبعد تواطئ و خذلان رؤساء السلطة التنفيذية و التشريعية مع تركيا فضلًا عن خيانة مسعود بارزاني ، لماذا تُتهم إيران بسبب لقاء جمعها مع تركيا ؟!
ألستم أنتم من تطالبون بإنهاء التدخل الإيراني في العراق ؟ فلماذا العويل و الصياح !
ربما في قلب أحدهم قول يخجل من التصريح به ، و هو أنه يطالب إيران بإيجاد حلول للاعتداءات التركية ، و تقوم إيران كما فعلت سابقًا بإرسال الدعم و المساندة بالأسلحة و المستشارين و القادة الميدانيين ، فيما يكتفي ذلك الأحمق ببث الإشاعات و تزييف الحقائق و رفع الشعارات الرنانة .