المقالات

مد رجليك على كد دستورك

1824 2022-08-17

  حمزة مصطفى ||   من الأفلام المصرية تعلمنا "الإحم والدستور". لا أعرف معنى الأحم لكن المعنى المتداول للدستور هوالنظام العام المكتوب والذي يحتاج الى قوانين لتطبيقه.  بعض الشعوب لاتحتاج الى دستور لأن النظام العام أي مجموعة الأعراف المجمتمعية التي تراكمت عبر العصور أصبحت لها قوة القانون مثل بريطانيا. ففي بريطانيا العرف أو الدستور غير المكتوب هو الذي ينظم حياة الناس. لا تستطيع الملكة الخروج على هذا العرف غير المكتوب ولا رئيس الوزراء الذي يمكن أن يطرد بـ "ليلة ظلمة" لأنه أقام حفلة في مقر رئاسة الوزراء خلال فترة الحجر أيام كورونا. العرف وإن كان غير مكتوب "ماعنده يمه إرحميني". أما القانون لابد أن يكون مكتوبا لأنه ينظم شؤون الحياة المختلفة بدء من إشارة المرور الى شراء أو إستئجار منزل أو إستخراج إجازة سوق أو بطاقة فيزا كارد.   وحيث أن العراق تاريخيا هو من بين أقدم الشعوب والبلدان التي عرفت الحياة المدنية وكانت لها قوانين وأنظمة إدارية في كل شئ بدء من أنظمة الري الى شؤون الحكم والسلطة, فإنه يفترض أن يكون "فريضة" في هذا المجال. يكفي أن أول قانون تولى تنظيم الحياة في بلاد الرافدين كان قانون حمورابي.   إذا تخطينا عصور ماقبل التاريخ, فإن العراق واحد من أقدم  بلدان المنطقة على صعيد بناء الدولة الحديثة. فهو بلد مؤسس لكل المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والجامعة العربية فضلا عن العديد من الأحلاف والتجمعات وسواها. ومع أن العراق من بين البلدان التي تفتخر بوجود منظومة قانونية متكاملة على مختلف الصعد فإن المشكلة التي واجهها ولايزال هي  الدستور. فبسبب إختلاف الأنظمة (ملكية وجمهورية) على مدى أكثر من ثمانية عقود لم تستقر منظومته الدستورية. الدستور الدائم الوحيد هو الحالي الذي تم التصويت عليه عام 2005. لكن هذا الدستور ولأسباب تتعلق بطريقة بناء الدولة من قبل القوى التي تسلمت الحكم من الأميركان عام 2003 بعد سقوط النظام السابق إفتقرت الى الثقافة الدستورية ولم تستعين بذوي الشأن في هذا المجال. والدليل على ذلك أن عيوب الدستور بدأت تظهر منذ أولى سنوات تطبيقه. واليوم وبعد 19 عاما من التغيير بدأنا نواجه شتى أنواع الإنسدادات السياسية بسبب الدستور. ولعل آخر عقبة كأداء واجهناها هي كيفية حل البرلمان بعد إخفاقه على مدى 9 شهور في إكمال الإستحقاقات الدستورية. فالدستور لم يعالج مسالة تخطي المدد الدستورية اللازمة لقيام البرلمان المنتخب بواجباته. ولأن أهم جزء مما نعيشه اليوم هو سياسي متمثلا بنوع من صراع الإرادات فعند البحث عن حل وجدنا الطريق مسدود حتى بإفتراض جلوس المتخاصمين على مائدة حوار. فالدستور وفي ظل هذا الإنسداد بات عاجزا عن توفير حل لما نعانيه. ولأن تخطي المدد اللازمة لتشكيل الحكومة بعد الإنتخابات لم يعالجها الدستور ولم يفرض عليها إجراءات عقابية فإننا ندور الآن في حلقة مفرغة بين طرفين يعلنان إيمانهما بالدستور ويريدان الحل من خلاله. لكن الدستور من جهته لايوفر حلا لأنه عند كتابته لم يأخذ بعين الإعتبار إحتمالات من هذا النوع, أو سكت في الأقل ومثلما قال القاضي فائق زيدان عن فرض عقوبات في حال تم مخالفة المدد الدستورية. وإنطلاقا من ذلك فإن الدستور الذي كان هو الملاذ في إيحاد حلول للأزمات أصبح هو محورالنزاع والصراع بل والإحتدام. ولو عدنا الى الدستور البريطاني غير المكتوب (العرف) نجد أن الفرق بين عرفنا وعرفهم أن عرفهم يشتغل لما بعد الدولة, في حين أن عرفنا هو مجموعة "سواني" ترهم لمرحلة ماقبل الدولة. وبين هذين العرفين حيث الفرق شاسع فإن دستورنا لكي لانظلمه كليا يلبي جزء ويسكت عن أجزاء. وفي هذه الحالة نجد أنفسنا مضطرين أن نمد "رجلينا على كد" مايتيحه دستورنا من حلول أحيانا تحتاج الى حلول.  
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك