المقالات

الكلمة الطيبة عطاء دائم..


كوثر العزاوي ||   من معاني الكلمة الطيبة التي طالما وردت في مواطن متعددة بدءًا من القرآن والروايات مرورا بالقصص لتصبح واقعًا مشهودًا ملموسًا لما للكلمة الطيبة من أثرٍ على النفس، كونها تمثّل الدواء المعالج لجميع أمراض الحقد والكراهية وسوء فهم الآخر، كما أنها الأكسير الذي يقارب بين المتباعدين ويؤالف بين المتباغضين، وهي ذلك النمط السلوكيّ الشفاف الذي يعكس جمال التوجّهات وسلامة المتبنّيات التي أمر الله تعالى به نبيّه وكل الأنبياء "عليهم السلام" وهي ذات نهج المعصومين الاطهار "عليهم السلام" من الناحية السلوكية الجاذبة المربّية التي تمنح النور وتغطي كل الظلام الذي قد يمرّره الشيطان بين أبناء البشر، إذ أنّ الإنسان يتأثر عادة من طريقين: إما بالقول أو بالفعل، لذا كان الحساب والعتاب من الخالق "عزوجل" عليهما كما جاء في قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} ق ١٨ { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}فاطر ١٠ وعليه، فالكلمة ذات الأثر سلبًا كانت أم إيجابًا إنما هي تحت مِجهر المَلَك الخاص المُوكَلِ بها! ولعل الكلمة الطيبة تُعدُّ السرّ الأساس في تقويم النفس الانسانية، وأهم رابط إجتماعي يقارب بين أفراد المجتمعات الإنسانية، كما أنها المائز بين مجتمع الإنسان ومجتمع الغاب،    ومن طريف القول وظريف المَثَل، ما جاء في بعض الأساطير المتداولة من بعض ثقافات الشعوب مايلي: "يلجأ رجال القبيلة في حال لم يستطيعوا قطع إحدى الأشجار العملاقة، وبعد العجز والمحاولات المتكررة، بالوقوف والصراخ بصوتٍ عالٍ لأيام متواصلة على تلك الشجرة، وبعدها تذبل شيئا فشيء ثم تهوي على الأرض! وهي أسطورة نابعة من الأيمان والاعتقاد بخطورة طرق المعاملة السيئة والكلام الجارح على الإنسان والطبيعة منذ طفولة العقل البشري"! ولسنا بصدد معرفة هل هي حقيقة أم خرافة! ولكن كما قلنا أنها من الأساطير، وثمة سؤال يُطرَح : "إذا كان الكلام الجارح والمواقف المؤلمة تفعل فِعلها مع الشجرة فكيف بالإنسان؟!.فهل يهوي ويموت معنويًا أو جسديًا إذا تعرض للأذى والألم الكبير متأثرًا بالصوت العالي المرافق للكلام الجارح؟! بالطبع، لابد من الأثر، غير أن الأمر  يختلف باختلاف نظرة الشخص إزاء المواقف والتجارب التي مرّ بها وتفسيرها والتعبير عنها، فأما تكون دعامة للقوة والصمود تمنحها له، أو دليل انكسار وخجل وهروب!! وخير مايقرّب مفهوم الكلمة الطيبة، هو ما جاء في "قوله تعالى": عندما مثّلَ طيّب الكلام بالشجرة قائلا: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}إبراهيم ٢٤ لماذا الشجرة؟! وذلك لعدة أمور كما ذكر في كتب المعارف الاسلامية والانسانية منها:  لأن الشجرة تتركب من جذور وأغصان وأوراق وثمار وظلال، كما أن الشجرة عطاء لا ينتهي ما دامت العناية والاهتمام بها حاصلين، فلا يأتي ثمر العطاء من الفراغ أبدًا، بل من الكلمة والفعل الطيّبين اللّذَين يثمران موقفًا طيّبًا، ومن تلك المسائل مسألة أنّ عطاء الشجرة متنوع ومختلف ألوانه، وهي لذة للإنسان من حيث اللون والطعم والرائحة ومآرب أخرى كثيرة! كما لايخفى أنّ من خصائص الشجرة،الثبات والاستمرار، فالشجرة تبقى ببقاء الدنيا والإنسان يستفيد منها ويتأثر بعطائها وأنواع الفوائد منها، وهكذا مادام الانسان متجاوبًا معها فسيحصل التفاعل أيضا، وتعطي الكلمة الطيبة ثمرة محبوبة مرغوبة كما الشجرة الطيبة، وخلاف ذلك إذا كان الكلام خبيثًا فسيُسقِط الأشجار العملاقة وتدمّر الانسان وهو بناء الله وخليفته في أرضه، أما مَن يثبت فقط هم أولئك الذين يصنعون أرضًا صلبة للتسامح مع النفس والغير ويؤمنون بأجزل العطاء وهؤلاء يصعب انكسارهم وإماتتهم ولو تعاقبت عليهم سهام جارح الكلام والأفعال.   ٢١-محرم١٤٤٤هج  ٢٠-٨-٢٠٢٢م
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك