المقالات

الجمهور بين الوعي والتجهيل...


محمد حسن الساعدي ||

 

منذ الوهلة الأولى للمتابع للمشهد, سواءً السياسي منه أو الاجتماعي, سيرى أن المجتمع العراقي تغلب عاطفته  على مقاييسه العقلية.. لذلك تجد أن العراقيين يجسدون هذه العاطفة, من خلال أتباع رموزهم وقياداتهم الدينية والسياسية، بشكل بعدي عن الوعي بالمجمل، اعتقاداً منهم بأنها جاءت لتكون خلاصاً لهم مرة، وحباً وتعلقا بها مرة أخرى، فصار الجمهور يسير وفق منطق العاطفة أكثر من المنطق العقلي, ناهيك تقديم المصالح العامة على المصالح الحزبية الضيقة.

الحالة الصدرية كانت أهم وأكثر حالة بارزة في المجتمع العراقي، فهم وبقراءة واقعية يمتلكون قاعدة جماهيرية وقوية ومتماسكة، قد تمثل 16% من الجمهور الشيعي " تبعا لأرقام التصويت الإنتخابية" وكان من الممكن الإستفادة منهم في كثير من ركائز الديمقراطية في البلاد، أو تسخير قدراتهم في تصحيح المسارات الخاطئة فعلاً، بدلاً من أن يكونوا"كماشة نار" لقياداتهم التي لم تستطع إستثمار هذا الكم الهائل من الجمهور"المطيع"

التظاهرات الصدرية ليست بالشيء الجديد على المشهد العراقي عموماً، ولا تمثل عمق الخلاف السياسي بين القوى السياسية.. فمنذ عام 2003 كان الصدريون في سباق مع الزمن, لبسط سيطرتهم على مراكز القرار في الدولة..ومنذ احتلال العراق وصدامهم مع المحتل, الذي لم ينعكس عسكرياً كنتائج على الأرض, سوى انه عمق الخلاف أكثر، فلم يخرج المحتل وظل الموقف المعادي لكل القوى السياسية, التي كانت تريد ركوب التيار الصدري, وتريده "مطية" لها.. وفشلت كل محاولاتهم تجعل الصدريين أداة لتنفيذ مشاريعه, وآخرها تجربة الحزب الشيوعي" فخلافهم الفكري" والذي لم يبدوا ظاهراً أمام هذا التحالف, كان واضحا لمن يفهم الأمور.

التظاهرات الصدرية الأخيرة وإقتحامهم مجلس النواب، ومنع انعقاد جلساته بالتأكيد لم  تهدف لتعميق مفهوم الديمقراطية، بقدر زيادتها للشرخ بين القوى السياسية الأخرى وتحديداً مع "الإطار التنسيقي" وربما الدفع بإتجاه صراع واقتتال داخلي يكون فيه المواطن هو حطبها، من خلال " تجهيله" ودفعه إنفعاليا, دون أي حرص على المصالح العامة, أو مصالح الجمهور الصدري في الأقل..

واهم من يعتقد أن الحالة الصدرية يمكن لها أن تنتهي قريبا ، بل هي متمددة ليس من خلال الجمهور، لأن الشعب العراقي هو الآخر منقسم على الوجود الصدري بينهم، فهو في غالبيته رافض لطريقة تعاملهم مع الملفات، وتعاطيهم مع النظام السياسي، ناهيك عن مقت حالة "التأليه" التي يمارسها الصدريون تجاه قيادتهم وزعامتهم، من خلال التصريحات أو التلميحات أو التغريدات, التي أنتجت حالة من العبودية والإتباع "اللا منطقي" وإيصالهم لدرجة المعصوم وربما أكثر!

يعتقد كثير من المحللين للمشهد السياسي, أن العراق ونتيجة لتنوع مكوناته, فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقاد من جهة لوحدها.. وقد لمسنا سابقاُ كيف أن السيد المالكي رغم حصده 89 مقعداً، لكنه لم يستطع تشكيل الحكومة لوحده.. لذلك لا يمكن لا للصدريين أو غيرهم, لن تنجح محاولات تجهيل المجتمع أو استدراجه بشعارات زائفة, أو تسويق تهم هم أول المشاركون بها, وعلى القوى السياسية وخصوصا الشيعية منها, أن تتحمل مسؤوليتها أمام نفسها وجمهورها, بالمضي في عقد جلسة مجلس النواب العراقي، والانتهاء من تشكيل الحكومة وبمشاركة الجميع, أو من يريد منهم ذلك.. على أن تذهب نحو إعلان الحرب على الفساد بكل أنواعه وانتماءاته.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك