احمد سالم الحسناوي ||
طوفوا بضريح الحسين، اقصدوه من كل مكان، تجدوا في ضريحه قوة الأحرار ووضوح الطريق.
لا تحتاجون الى دليل بعد يومكم هذا، إنه الحسين علامة الدهور الشاخصة. سرّ السماء المودع في كربلاء، ففيها كانت المعجزة.
كانت كربلاء بقعة منسية. تراب مهمل ورمال موحشة. مرّ بها الكثيرون، اجتازوها مسرعين الى ما بعدها. لم يسمعوا نشيد الأحرار ينبعث من أعماقها. لم يلمسوا حرارة الثورة في ترابها. اجتازوها مثل أي منطقة في طريق السفر.
وحين نزل بها الحسين، تفجرت عيون الثورة من صحرائها، وصارت حبات الرمل نوراً خالداً، يراه الطيبون فيهتدون، ويُعمي أبصار الأشرار فيزدادون ضلالاً.
في تربتها سرّ مكنون، إنْ لامسته الجباه ارتفعت عالية متحدية. وإنْ قبّلته الشفاه تعالى صوت الحق صارخاً بوجوه الطغاة.
نسمةٌ من كربلاء تنعش الأرواح. تجعل الصدور رحبة تحتضن الناس بالأمان. تحوّلها الى دروع قوية تصد سهام الكارهين لأهل البيت.
لا تبتعدْ أيها الساعي الى النجاة عن كربلاء. اقصدها وطفْ حول الضريح، سيكشف لك الحسين سرّ السماء المودع في صدره. ستراه واضحاً بينّاً. وستكون بعدها الحرّ الذي يرى اليقين فلا يحيد عنه.
في كربلاء صنع الحسين المعجزة. أبدلَ الخوف شجاعة. حوّل الضعف قوة. وقوّم انحناء الرقاب، فصارت الرؤوس شامخة لا تعرف الخضوع.
يقول أهل التاريخ أن واقعة كربلاء كانت قديمة تقاس بقرون الزمن. لم يعرفوا حساب الثورة. لم يروا المعجزة. فحين رفع بها الحسين أذان الثورة، تلاشى الزمان وتوقيته، وصار كله عاشوراء، وصارت الأرض كربلاء.
عندما تطوف حول الضريح وتعود لديارك، توقف قليلاً. هل أنت الآن مثلما كنت؟ تحسس صدرك، هل هو نفسه لم يتغيّر؟
عدْ الى الضريح ثانية، فطوافك الأول لم يكن حول ضريح الحسين، فما طاف أحد إلا وعاد حرّاً واعياً عاشقاً لدربه.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha