مهند حسين ||
شهد العراق في الايام الماضية أحياء ذكرى أهم المناسبات الدينية الإسلامية العظيمة، منها يوم العاشر من محرم الحرام نكبة الضمير الانساني، فهي ذكرى استشهاد الإمام الحسين و أخيه والثلة الطيبة من أهل بيته وأصحابه (عليهم السلام)، حيث تتجه أنظار العالم في هذا اليوم الى كعبة الأحرار ورمز الثوار (كربلاء) حرم الإمام الحسين وأخيه العباس (عليهما السلام)، ليشاهد العالم كل عام مصيبة عاشوراء والتي تظهر من خلال قراءة المقتل في الصحن الحسيني الشريف وما جرى على الحسين وأهل بيته و أصحابه من ظلم وغبن وحقد من قبل حكام الجور الطاغين.
هنا يجب الحديث بلغة الارقام والاحصائيات على الأقل، ففي هذا العام بالتحديد حضر أكثر من ثلاثة ملايين زائر الى كربلاء في ليلة ويوم عاشوراء، ناهيك عن نسبة المشاهدات في مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات التي كانت تنقل البث المباشر من كربلاء والتي تصل الى المليار مشاهدة، سيما مع بدء انطلاق مراسم ركضة طويريج التي تبدأ من بعد صلاة الظهر والتي استمرت هذا العام مدة أربع ساعات متواصلة، حيث شارك فيها أكثر من مليون معزي لأحياء هذه المناسبة، ويستمر العزاء في العراق والعالم من خلال أحياء المجالس الحسينية التي تذكرنا بالفاجعة الأليمة، لنصل الى أيام شهر صفر الخير وتحديداً من العاشر من صفر وحتى العشرين منه، حيث الزيارة الأربعينية وفيها أعداد الزائرين من العراقيين والضيوف الوافدين تصل الى أكثر من عشرين مليون زائر، وتستمر الزيارة حتى الثامن والعشرين من صفر حيث استشهاد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والتي تصل أعداد الزائرين لكربلاء والنجف الأشرف الى قرابة الستة مليون زائر.
وهنا يأتي السؤال عن مدى امكانية بلدان العالم بمختلف مؤسساتها من إدارة هكذا مناسبات مليونية تتوفر فيها جميع متطلبات الحياة الطبيعة من مأكل ومشرب ومسكن وغيرها من الأحتياجات الأخرى، والجواب إنه لا يوجد أي بلد في العالم أجمع يمكنه القيام بذلك سوى العراق فهو البلد الوحيد القادر على ذلك، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على عمق المعرفة العقائدية لهذه المناسبات الدينية من قبل العراقيين وكذلك معرفتهم بأهمية إكرام الضيف، وهنا يجب الحديث عن الضيف الذي يقطع آلاف الأميال ويترك أهله وعياله ليأتي زحفاً لأحياء هذه المناسبات الدينية المقدسة وهذه نقطة الأرتكاز والأتصال التي تربط الضيف بالمضيف بالمناسبة الدينية، فلولا أهمية المناسبة لما كان هنالك ضيوف ولولا الضيوف لما كان هنالك مضيف، فكرم الضيافة وضيافة الكرم كلاهما يؤديان الى نجاح أحياء ذكرى.
https://telegram.me/buratha