المقالات

الجزاء من جنس العمل ، أقوام الأنبياء انموذجاً… 


الدكتور علي زناد كلش البيضاني ||

 

القاعدة الإلهية التي ذكرناها أعلاه نجد تجسداتها الواقعية على المسرح التاريخي الذي ذكره القرآن في ما فعلته مجتمعات الأنبياء من أفعال وما نزل بهم من عذاب إلهي يسانخ ويجانس الفعل المتقدم لهم ولنا ان نستعرض صور أعمالهم مع صور عذابهم من خلال رؤية قرآنية ـ تاريخية وهي كالآتي :

أولاً : قوم النبي نوح (ع) عندما تركوه وخالفوه ولم يركبوا في السفينة معه إلا 82 حسب رواية الإمام الصادق (ع) هناك دعا نوح (ع) ربه " وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا " سورة نوح / 26 ، فكانت النتيجة الطوفان الذي لم ينج منه ألا العدد الذي ذكرناه آنفاً ، فقد طُهّرت الأرض منهم بواسطة هذا الطوفان ، حتى قيل لنوح (ع) أبو البشر الثاني لأن منه خرجت ذرية

وسلالة البشر للحياة من جديد.

ثانياً : قوم النبي صالح (ع) وهم ثمود لما نادوا صاحبهم بعقر الناقة فجعل رب العزة عذابهم وهلاكهم من جنس فعلهم ألا وهي الصيحة "وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ " هود / 67 ،  لأن النداء كان سبباً في عقر الناقة ، وقد بيّن ذلك الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير الأمثل ج20 / ص243 ـ 244 بقوله " ويلاحظ أنّ قاتل الناقة شخص واحد أشارت إليه الآية بأشقاها، بينما نسب العقر إلى كلّ طغاة قوم ثمود: "فعقروها"، وهذا يعني أنّ كلّ هؤلاء القوم كانوا مشاركين في الجريمة، وذلك أوّلاً: لأنّ مثل هذه المؤامرات يخطط لها مجموعة ثمّ ينفذها فرد واحد أو أفراد.

وثانياً: لأنّ هذه الجريمة تمّت برضا القوم فهم شركاء في الجريمة بهذا الرضا، وعن أمير المؤمنين علي(عليه السلام)قال: "إنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم اللّه بالعذاب لما عموه بالرضى، فقال سبحانه: (فعقروها فاصبحوا نادمين)"(3)

وعقب هذا التكذيب أنزل اللّه عليهم العقاب فلم يترك لهم أثراً: (فدمدم عليهم ربّهم بذنبهم فسواها)."دمدم" تعني أهلك، وتأتي أحياناً بمعنى عذّب وعاقب وأحياناً بمعنى سحق واستأصل، وبمعنى سخط أو أحاط(4).

و"سوّاها" من التسوية وهي تسوية الأبنية بالأرض نتيجة صيحة عظيمة وصاعقة وزلزلة، أو بمعنى إنهاء حالة هؤلاء القوم، أو تسويتهم جميعاً في العقاب ... ومن الآية نستنتج بوضوح أنّ عقاب هؤلاء القوم كان نتيجة لذنوبهم وكان متناسباً مع تلك الذنوب، وهذا عين الحكمة والعدالة.".

ثالثاً : قوم النبي هود (ع) وهم عاد الذين كانوا يمتزون بالقوة البدنية الكبيرة بحيث كانوا ينحتون الجبال بعظمتها " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (8)"سورة الفجر ، فكانت الرسالة الإلهية لهم ولغيرهم بالرغم من قوتكم فإن الله عز وجل أهلكهم بأهون وأرق الأشياء ألا وهي ( الريح ) "وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8) " سورة الحاقة .

رابعاً : قوم النبي لوط (ع) بما إنهم قد قلبوا الأحوال والفطرة الطبيعية التي استنها الله عز وجل بفعلهم المقلوب ( إتيان الذكور والإمساك عن النساء ) كان الجزاء مماثل لفعلهم بأن قلب الله عز وجل الأرض عاليها سافلها كما قلبوا تلك الفطرة  " فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ " الحجر / 74.

خامساً : الطاغية والمتكبر ومُدّعي الربوبية فرعون الذي عاصر النبي موسى (ع) جعل الله هلاكه بمثل ما كان يتبجح به فقد قال فرعون كما عرض ذلك القرآن " وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ " الزخرف / 51 ، فكان أن أهلكه رب العزة بنهر النيل التي تحدث فرعون عن ملكيتها له "فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا " الإسراء / 103.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك