إياد الإمارة ||
الكبير ليس بجسمه وضخامته وما يكتنز من لحم وعضلات مفتولة، وليس الكبير بماله الذي لا يُعرف كيف ولا من أين جُمع ولا كيف ولا أين يُنفق، وليس الكبير ببطشه وجبروته وتعديه على الناس الضعفاء والعزل وترويعه الناس الآمنين بغير وجه حق..
الكبير ليس بصوته المرتفع أو بشتائمه للناس وهو يفرغ عقده بهذا العمل القبيح.
الكبير بعقله الراجح..
الكبير بخصاله الكريمة..
الكبير بهدوئه ووقاره وسكينته..
الكبير بحبه للخير وعمل الخير ولا يُرتجى منه إلا الخير..
الكبير بحبه للناس جميعاً وحب الناس له..
الكبير بإنجازه الذي ينفع الناس فيقال: انه سن سنة حسنة، أو بنى هذا الصرح، أو شيد هذا المعلم، ..
يُقال: مزهر الشاوي في البصرة باني شركة الموانئ العراقية..
ويُقال: الأُستاذ نجم النصراوي مدرس مادة الكيمياء الشهير في البصرة..
ويُقال: السيد طالب النقيب نقيب أشراف البصرة وأهم غارسي نخيلها منذُ أواخر القرن التاسع عشر وإلى يومنا هذا..
يُقال: الشيخ عبد الهادي الفضلي، والسيد مير محمد القزويني والشيخ محمد فلك..
يُقال: الدكتور ثامر الحمداني، والدكتور سعد شاهين، والمعمار حامد تركي هيكل، وبنيان صالح، ووو..
هؤلاء هم الكبار حقاً بالأعمال الكبيرة التي قاموا بها وبالآثار الطيبة التي تركوها.
يُقال: الحاج تركي الملا هيكل الرجل الأسمر النحيف الذي يملك (١١٤) دونماً زراعياً تعج بالنخيل في مقاطعة واحدة، جاء ذات يوم "يخرص" ثمرها فغرف من ماء النهر ووجده مالحاً فقال: لا خرص هذا العام والماء ملح اجاج ما هكذا علمنا علي أمير المؤمنين عليه السلام..
الكبير تركي الملا هيكل يتحدث عن عدل علي عليه السلام أكثر من هؤلاء الذين يستظلون بظله ويدعون الإنتماء له وهم أبعد ما يكونوا عنه.
رحم الله تركي الملا هيكل الذي كان يُهدي الكتب للمثقفين ويوزعها بين الشباب يحثهم على القراءة..
هذه نماذج الكبار..
وهكذا يتصرف الكبار..
هكذا يتصرف الكبار..
حينما يشخصون مَن هو العدو الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يواجههوه وكيف يواجهوه..
حينما يحددوا حاجات الناس ويسعون جاهدين لتحقيقها مهما كلف الأمر..
حينما يحقون الحق ويدحضون الباطل، ويقفوا بوجه الظالم وينصروا المظلوم ولا تأخذهم في الله لومة لائم..
هكذا يتصرف الكبار.