سلمى الزيدي ||
شغلني انتشار ظاهرة الفساد كثيرا، والسبب ما نشاهده من فوضى وسوء التصرفات والتخبط واختلاطٌ للمعاني والقناعات والركود وانتشار المهرجين..، وكأننا نعيش في زمن غير الزمن وكوكب غير كوكب الارض. ومن حولنا المجتمعات تتطور وتتغلب علي مشاكلها ونحن نسير بنفس الوتيرة منذ أن تخلصنا من نظام القيح البعثي الى اليوم.
والسبب
هو فساد العقول والأفكار وغيرها من السلوكيات السيئة التي تؤدي إلى فساد الإنسان. وهي قضية تعتبر مهمة وخطيرة، اولاً لانها تدخل في تكوين شخصية الإنسان وثانيًا ترسم ملامح المجتمع وبها يقاس محور التقدم والتطور. وبمقدار ما يملكه المجتمع من فكر وعقل ناضج يَصلح وينهض بل إنها البداية لأي اصلاحْ والعكس صحيح. وهذا يجعلنا نطرح تساؤلات ربما جوابها يحتاج بحوثًا. فأين نحن من فساد العقل والفكر والأخلاق .. ؟ ثم كيف ينعكس الفساد والكذب والنفاق ..على تطور المجتمع؟
إن الفوضي وتفشي الفساد والَّلامبالاة والأنانية والذاتية وعدم الإبتكار واللَّا فنْ.. تعد من آفات العصر الحديث. إذَا أصيب المجتمع بهذه الآفات يتولد انحطاط القيّم والاخلاق وغيرها من السلوكيات ولا تنتظر منه التطور. عندما يصبح الكذب من الضَّروريات والرشوة أمر طبيعي لسير المصالح الشخصية، والحقد، الحسَد، الكراهية ظواهر طبيعية والنفاق منهجية الحياة والذي يعد من أخطر هذه الظواهر لانتشاره في المجتمع.
" النفاق الاجتماعي” يتحكم في طبيعة السلوكيات والعلاقات والتصرفات .. في المجتمع، وهي مسالة بعيدة عن الإخلاص والصدق والأمانة.. وللأسف أصبح هدفٌا لدى كثيرين في مجتمعنا ، ويدفعهم للقيام بأي شيء في سبيل تحقيق غايات معينة. وهي مسألة تتنافى مع قيَّم الاسلام والاصلاح.
الإسلام خاطب العقل بهدف الإرتقاء بالانسان إلى مرتبة تليق به وكان دائما محور اهتمامه و بناءه إيمانيًّا وثقافيًا وعلميًا وحضاريًّا... و تحرير عقله وتوعيته من هذه الأمور السيئة. وهنا نتساءل هل هذه التصرفات تعتبر من خصال النفاق؟ ليس لدي جواب على هذا السؤال.
إن عدم محاسبة النفس و حالة الانطواء الذاتي عليها دون الآخرين في المجتمع والتي تحول دون فاعلية العقل واندماجه في التطور الوطني. اضافة الى أزمة إلقاء المسؤولية على الآخر في اي فشل يلحق بالفرد، مثلاً علي المدير او علي الحاكم او علي الصديق او علي اي مسؤول او او او، جعلت هذه الدلالات عادة ثقافية. إن الصدق مع النفس وطرح التساؤلات ماذا فعلت ؟ ما الذي كان يجب ان افعله ولم أفعله ؟ هي بداية الموضوعية والنجاح الذاتي.
اذًا فقد خلقنا بأيدينا مجتمع متهاون وعديم المسؤولية وكما قال المؤرخ "أدوارد جيبون " ان من اسباب انهيار الإمبراطورية الرومانية هو انهيار المسؤولية"، فعندما يفقد المجتمع قيمته العقلية والفكرية والأخلاقية والقيميَّة، ينقاد الي الجمود والعجز عن التجديد و الابتكار وهذا يؤدي بدوره لامحالة ايضًا الي العجز عن خوض التحديات المختلفة، وبالتالي تصبح هذه الظواهر سبب في خراب أركان النهوض والتنمية.
https://telegram.me/buratha