محمّد صادق الهاشميّ ||
بحكم الواقع الحالي، وتصدّي الإطار لتشكيل الحكومة، يوجد اتجاهان عن مستقبل التيّار السياسيّ:
الأوّل : يذهب إلى أنه يتّجه إلى الضعف.
والثاني : يرى أنه سيعود أقوى ممّا كان عليه، أو يبقي محافظا على وزنه.
أمّا الرأي الأوّل فيرى ذلك للأسباب التالية، وهي :
1. القوّة العسكرية:
كان التيّار الصدريّ يعتمد على قوّته العسكرية لفرض إرادته السياسية، وتلك القوّة لم تعد موجودةً بما كان يتوهّمه الصدر، خصوصا بعد أحداث الخضراء يوم 28-10-2022.
2. الحليف الكرديّ والسنيّ:
لقد تأكد لدى السيّد مقتدى أنّ الكرد والسنّة إنّما هما مع مصالحهم، وبحكم هذا الواقع هما مع الأقوى، خصوصا بعد تمكّنِ أطراف الإطار من حسم الموقف معهما ،ويمكن أنْ يستمرّ هذا التحالف ما لم تثار عقدٌ معينة، لكن يبدو أنّ الإطار عازمٌ على تفكيكها بتأجيل بعضها والتنازل عن البعض الآخر منها. ولا ننسى أنّ المكوّنين: ( الديمقراطي والسيادة ) لديهما من المشاكل داخل مكوناتهما ما يجعلهما بوضع لا مناص من التنازل . كما أنّ الجانب الآخر من السنة والكرد من الاتحاد هم بحكم الواقع ايضا على مقربة من الإطار .
3. مؤسسات الدولة :
مؤسسات الدولة منذ إعلان الثلث المعطِّل وإلى الآن - خصوصا المحكمة الاتحادية والأمن والمؤسسة العسكرية والحشد نوعاً مّا - لازمت بموقفها الميل إلى الإطار؛ كونه الأقرب إلى الدستور .
4. العزلة السياسية للتيّار :
التيّار لم يمتلك المرونة السياسية ممّا جعله يخسر الحليف الشيعيّ من الإطار والمستقلّين والكرد والسنّة، فهو يعيش عزلةً سياسيةً؛ لأنه لم يحسن الأداء السياسيّ المرن . خصوصاً أنّ التيّار يشترط مواقف تجعله يصدم الجمهور الشيعيّ بموقفه في شقّ الصفّ الشيعيّ، وتهميش الحشد، وعزل قوّة الفصائل .
5. احتمالية تضاؤل التأييد الشعبي للتيّار :
من المؤكّد أنّ جمهور التيّار في طريقه إلى الاختزال والتناقص العدديّ؛ كون الجمهور بطبيعته يميل إلى الدولة، وتتعلّق مصالحه بها . خصوصا إذا تمكّن الإطار من تقديم خدمات ملموسة، وهو متجه إلى هذا الأمر بقوّة، مستفيداً من التجارب الماضية .
6. معادلة القوّة الشيعية :
السيّد الصدر خسر أمراً مهمّاً لا يمكنه أن يعوّضه إلّا بمراجعةٍ عميقةٍ، وهي أنّ الواقع الشيعيّ لا يمكن لأحدٍ أنْ يتفرّد فيه، وأنّ تراكم أخطائه وَلَّدَ جبهةً قويّةً ضدّه، وتبقي قوّته متراصّة وتتضامن مهما اختلفت، وأنّ الإطار اكتشف جميعه أنْ لا أحد منهم يمكنه تفكيك الأزمة وتقديم الحلّ إلّا بالسير المشترك ، أي أنّ الجميع اكتشف أنّه لا يمكنه السيرُ إلّا من خلال التحالفات، وأيّ تحرّكٍ منفردٍ نتيجته الفشلُ .
7. فقدان التيّار لأيديولوجيته:
سقوط نظرية الإصلاح بفعل الفساد الذي اكتشفه الجمهور الشيعيّ في عهد الكاظميّ، ومازالت كرة الثلج تكبر لصالح الإطار، وتعمّق إحراج التيّار .
8. خسر التيّار التعبئة والاستنجاد بالشارع :
تشتت جبهة الخطّ العلمانيّ الحاكم بهزيمة الكاظميّ، وظهور أغلب أفراده أمام الجمهور على حقيقتهم الفاسدة، هذه الأخطاء أفقدت الصدر الكثير من الجمهور، فضلا عن الصدام والتقاطع بين التيّار وجمهور الشارع الذي يطلق على نفسه تشرين . نعم تفكك العلاقة بين التيّار والعلمانيين وخطّ تشرين ولم يعدّ بمقدور مقتدى أنْ يجد له حليفاً به يعود إلى تعبئة الشارع .
9. خسر التيّار المحيط الدولي :
بفعل قدرة الإطار على إرسال رسائل التطمين والتفاهم إلى المحيط الاقليميّ والدوليّ سيّما أنّ أمريكا لم تعد قادرة على المناورة في العراق في ظلّ الظروف الدولية، والحرب الروسية الأوكرانية، ومشاكل الطاقة ، فلا مناص لها إلّا أنْ تتقبّل الواقع ، وتتجرّع كأس القبول بالإطار، ولابديل عنه في الواقع، كما عبّرت التقارير الأمريكية .
10. اتساع جمهور الإطار :
الإطار تحوّل بنظر غالب الجمهور الشيعيّ إلى اطار شيعيّ، وليس إطاراً حزبيّاً، وهذا الأمر يكسبه الكثير من الجمهور، حتّى جمهور المرجعية، والقوى الشعبية الصامتة ،وبدوره يفقد التيّار مساحات شعبية كبيرة .
11. خطوات السودانيّ :
خطوات السيّد السوادنيّ إنْ استمرّت بذات الخطّ، التي تركز فيه على الاقتراب من المواطن وهموم الفقراء فإنها توظّف لصالح الإطار ، وهي إلى الآن خطواتٌ جيّدة، وتسير باتجاه الاقتراب من هموم المواطن، وتبعث فيه الأمل، ونجدُ أنّ الجمهور عاد إلي احتضان العملية السياسية أكثر من أيّ وقتٍ مضى.
12. الفهم العام للجمهور :
يوجد فهم عامٌّ كوّنته الأحداث بأنّ المرجعية مع الإجماع الشيعيّ، والإطار أحد مصاديق هذا الإجماع .
13. الانتخابات القادمة:
الانتخابات القادمة لمجالس المحافظات نقطة أولى في اختبار الواقع الشعبيّ للإطار، وحال فوزه فإنّ نتائجه تنعكس على الانتخابات التشريعية للبرلمان القادم .
14. قرار الإطار الايجابي :
قدرة الإطار وتصميمه على تصحيح الأخطاء الانتخابية بإجراء التعديلات المهمّة على القانون الانتخابيّ، وتعديلات في القوانين والمفوضية، وغلق أبواب التزوير، وإلى حين إجراء انتخابات مجالس المحافظات تتوفّر فرصة كبيرة للإطار بأن يتصل بالجمهور، ويوفّر الأجواء الانتخابية لصالحه، ويفعّلُ دورَه الخدميّ مع وجود وحدة القرار، والوفرة المالية والتعبوية .
15. المرونة مرحليا مع الأمريكان :
الهدنة بين الفصائل والأمريكان يمكن أنْ توظّف بنحو إيجابيّ إلى الإطار .
16. العامل الاقتصادي :
العامل الاقتصاديّ والخدمي لاعبٌ كبيرٌ في إعادة الجماهير إلى تأييد العملية السياسية، وخلق أجواء التأييد إلى الإطار، سيمّا أنّ الجمهور الشيعي يتفهّم بدقّةٍ مشروع الصندوق السيادي الذي ينوي السيّد السوداني تأسيسه .
17. إسناد الإطار إلى السيّد السودانيّ :
حالة مثالية جدّاً توفّر للإطار فرصة ذهبية نحو النجاح، وهي اسنادهم إلى السيد رئيس الوزراء نوعاً ما ونسال الله الاستمرار وتضافر الجهود، إذْ يبدو أنّ هذا الزورق الذي بالكاد قد نجا من الغرق لا يريد أحدٌ اغراقه ثانية؛ لأنّ الجميع سيغرق بغرقه.
كلّ هذه الظروف ليس بصالح التيّار، وأنها تخدم الإطار، ولكن نبقى نذكّر كلّ شيء بشرطه وشروطه ، فإنّ أيّ انتكاسة خدمية، أو تصدّع في الصفّ، أو العودة إلى المغالبات والفساد والمصالح الحزبية يوفّر إلى التيّار فرصةَ العودة أقوى من أيّ وقتٍ مَضي، والأيام حاكمة .
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha