محمد صادق الهاشمي ||
1- هناك من أشكل على أنَّ هذه الزيارة نوع من التنازل والإمضاء، لما قام به الكاظمي، غاية ما يقال عن الفرق إنَّ السيد شياع ربط بين العلاقات التي لا يمكن له رفضها، التي ربما أمضاها، وبين ملفات جديدة، منها موضوع الأموال المهربة والشخصيات الهاربة… وآخرون يرون أنَّ هذه العلاقة يبدو أنها أصبحت في ما فيها من اتفاقات وتفاهمات تفصيلية، من عهد العبادي، ثم عبد المهدي والكاظمي؛ أشبه بالثوابت التي لا يمكن هدمها، أو تجاوزها، أو القفز عليها، أو التخلي عنها؛ بل ظروف الحكومة المعقدة تقتضي (المسايرة والتشذيب).
2- أكثرهم يتجه إلى تفهم خطوات السوداني وسياسته الخارجية؛ لأنَّ الرجل يتحرك بالاستناد إلى مرجعية الإطار التنسيقي في رسم السياسة الخارجية، وأنَّ الإطار التنسيقي لا يشكل على أصل إقامة العلاقة مع الأردن، أو أي دولة؛ إلا أنه يريد أن يكوِّن علاقات تقوم على أساس (مصالح العراق أولًا)، وفي كل الجوانب: السياسية، الأمنية، والاقتصادية، مؤكد برأينا، أنَّ هذا الأمر يحتاج إلى غرفة عمليات من خبراء، تفوق بدقتها وخبرتها الإطار التنسيقي، ولا بد من مستشارين.
3- العراق لا يمكن أن يعيش بعيدًا عن محيطه العربي والإسلامي، لكن! لا بد من ترتيب العلاقات، على وفق مصلحة العراق؛ فإقامة العلاقات مع الأردن وغيرها، لا بد أن تحكم على وفق مصلحة العراق أولًا، وبعيدًا عن مصالح الآخرين بدرجة أساس، وأن يلاحظ القوة في إبعاد العلاقات عن التطبيع.
4- الإطار التنسيقي بحاجة ماسة أن يرسل برسائل جادة، عن رغبته المؤكدة في إقامة العلاقات مع المحيط العربي والإسلامي، وعليه فإنَّ هذه الزيارة، هي رسالة (إطارية) إلى الخارج بحكمة وواقعية، وحدود وصمامات أمان.
5- الإطار التنسيقي الآن، يرسل برسائل لا يفهمها إلا الراسخون في فهم الإستراتيجيات الشيعية وهي:
أولًا: إنَّ شيعة العراق تمكنوا من تجاوز كل العقبات.
ثانيًا: الخط الإسلامي الشيعي هو الحاكم، وهو من يرسم مستقبل العراق وسياسته الخاجية.
ثالثًا: على المحيط العربي والإسلامي أن يغادر نظرية المؤامرات وسياستها، ويقبل الواقع الشيعي.
رابعًا: الإطار التنسيقي، متمسك بالحشد الشعبي، ولا يتنازل قيد أنملة عنه، وأنَّ سياساته وإن أُجِّلَت إلا أنها رُسِّخَت.
خامسًا: رسالة جوهرية من الإطار التنسيقي، أنَّ المحيط العربي كان يتعامل مع الشيعة منقسمين وأحزابًا مختلفة في التوجهات، لكن! في عهد الحاكمية للإطار التنسيقي هم واحد في القرار ورسم الإستراتيجية.
سادسًا: لا يفوتنا أن نقول إنَّ من الرسائل المهمة للمحيط العربي، أنَّ الشيعة في العراق، يمتلكون العلوية السياسية والاقتصادية والعددية وغيرها… في الداخل بما يمتلكون من ثروات.
سابعًا: الشيعة اليوم يمازجون القوة السياسية والعسكرية بصفتها عاملَ قوة وتحصين.
ثامنًا: الشيعة الذين تجاوزا العقبات، قادرون على أن يرسموا المستقبل السياسي، لعمر قادم من العملية السياسية.
6- يدرك الإطار التنسيقي أنَّ ترصين موقفه الداخلي سياسيًا وخدميًا؛ يمنحه الفرصة العظيمة ليفرض رأيه في العلاقات الخارجية، ويمنع الخارج استخدامَ أي ملف داخلي.
7- ربما تأجيل السيد السوداني زيارته لإيران، وتقديم المحور العربي والدولي؛ يأتي على وفق نظرية إبطال تهمة أنَّ الإطار التنسيقي إيراني.
8- ما يقال إنَّ أميركا فرضت على الحكومة العراقية خريطة العلاقات الخارجية بتوجيهات السفيرة الأميركية، الجواب عن ذلك هو: كل شيء هنا ممكن، إلا أنَّ الإطار التنسيقي بحجمه يمتلك الحصانة النوعية، والقدرة على المناورة؛ للاستفادة من القوة، لتثبيت الحكومة، والسير بها بعمر أطول، تهميدًا لمراحل لاحقة وراسخة.
9- السوداني الآن، يعمل على البناء، وفي الوقت نفسه الهدم، أي: بناء المستقبل في كل مجالاته: الخدمية، الأمنية، الاقتصادية، وفي الوقت نفسه يجد أنَّ بناءَه يحتاج إلى هدم الفساد، ونزع بقايا التلوث في الجسد العراقي! وهذا يحتاج إلى توفير مناخات، هادئ نسبيًا مع الخارج، إقليميًا ودوليًا؛ للتفرغ تفرغًا كبيرًا للداخل؛ فالمهم معركة الداخل في كل ملفاتها وسنينها وحلقاتها المقبلة.
10- اما عن علاقة حكومة السوداني مع إيران، فإنها في كل الأحوال بحكم العلاقة الوثيقة، وتداخل المصير والملفات، وتاريخ المسيرة، ومستقبل الأطراف كلها ترى أي انتصارات أو خطوات يحققها الإطار التنسيقي والحكومة؛ فهي محسوبة لها في النتيجة، ولا يهم إيران في هذه المرحلة إلا تقوية الإطار التنسيقي وتجاوز عقبة السقوط، أو أنها حكومة مرحلية، كما يَعد الآخرون بهذا، بل الأطراف كلها من الإطار التنسيقي وإيران تعمل على أن تؤسس هذه الحكومة لعهد مقبل، وعهود مقبلة، وهذا يحتاج إلى تفعيل العلاقات الداخلية والخارجية؛ بما يصب في مصلحة العراق والشيعة والإطار التنسيقي. المهم، أنَّ الإطار التنسيقي إزاء واقع لا بد من أن يفكك العقد فيه، مهما قيل، ومهما كانت.
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha