إيمان عبدالرحمن الدشتي ||
معطاءة كالأرض تجود بما أينعت من ثمار، وكالنخلة الباسقة التي تساقط رطبا جنيا، وكالسلسبيل تروي ظمأ العطاشى، تلك هي المرأة العراقية.
حين أصبح الوطن قاب قوسين من أن يؤسر على أيدي بغاة لئام فجرة، وفعلوا فعلتهم الشنيعة التي يندى لها جبين الإنسانية والغيرة والمروءة، في قتل ما يقرب من ٣٠٠٠ شاب شيعي أعزل من أبناء الوسط والجنوب المتواجدين في قاعدة تكريت "سبايكر" العسكرية، بدم بارد وبأبشع الطرق وبتواطئ أبناء بعض العشائر الخائنة من عشائر تكريت، واستحكموا قبضتهم على ثلث اراضي الوطن الحبيب، نادى منادي الحق أن "فرض الجهاد على من إستطاع اليه سبيلا"
أثارت تلك الصرخة المدوية همم الرجال الغيارى بشيبهم وكهولهم وشبابهم وحتى فتيتهم، فتقدموا جحافلا لا يرهبون الموت يتسابقون الى مغانم الشهادة وكأنهم يُزفَون، فكانوا بين من نال شرف الشهادة وبين من حمل وسام الفخر وهو يحمل جراحاته وبين من ينتظر دوره بينهم وما بدلوا تبديلا.
كان للمرأة في تلك المنازلة العظيمة وما رافقها من أحداث وما سبقها نصيب لا يستهان به، إضافة للمعاناة التي تحملتها كثير منهن بسبب الأوضاع غير المستقرة وغير الطبيعية للوطن، فقد عانت كثير من النسوة في المدن الساخنة مرارة التهجير والبعد عن اقضيتهن وقراهن وسلبهن حالة الاستقرار إضافة للتعذيب والتنكيل وفقد الأحبة، وحتى وصل الأمر الى بيعهن في سوق النخاسة، كانت الحصة الأكبر في هذا الابتلاء قد نزلت على النساء الشيعيات والايزيديات، فالعدو فاقد لكل معاني الإنسانية والرحمة.
كان للمرأة دور كبير في التعبئة للبطولة والحمية وشحذ الهمم للمشاركة في تلك المنازلة العظيمة، فاستنهضت الأب والأخ والزوج والإبن للتطوع دفاعا عن الأرض والعرض والمقدسات، وقدمت القرابين من أعزتها بذلك الدفاع المقدس واحتسبتهم عند الله، ورغم أن حرارة جمرة الفقد لا تبرد في مهجتها، وأعباء تكفل العائلة بعد فقد الاحبة كبيرة وجسيمة؛ إلا أن المراة العراقية والشيعية على وجه الخصوص قابلت كل هذه الظروف بقوةٍ وصلابةٍ وتحدٍ وبطولةٍ، فكانت لسانا معبئا، ويدا معطاءة تجود بأنواع الأطعمة والأشربة على المقاتلين، ويدا حانية تمسح على رؤوس أيتام الشهداء، وتحملت متاعب الحياة وقيادة الأسرة بصبر وثبات، فكيف لا وقد تربت في مجالس الذكر المحمدي الأصيل، واستلهمت الإباء من سيدة النساء مولاتنا فاطمة، ومن فخر المخدرات مولاتنا زينب، ومن أم الوفاء مولاتنا أم البنين عليهن السلام.
الدور المشرف الذي قامت به بعض نساء محافظة صلاح الدين أيضا لا ينسى، مثل الشهيدة أمية الجبارة والتي تصدت مع اخوتها وأبناء عمومتها الى عناصر داعش الإجرامية حتى نالت شرف الشهادة، إذ استطاعت ان تحمي حياة بعض الشباب التابعين لقاعدة تكريت "سبايكر" ممن استطاعوا ان يفلتوا من سطوة القتلة، كما شاركتها هذا الشرف الحاجة أم قصي التي استطاعت وببطولة قل نظيرها من تأمين حياة مجموعة أخرى من شباب هذه القاعدة، غير مكترثة بالمخاطر التي قد تحدق بها في حال اكتشف المجرمون ما قامت به.
هنيئا للعراق نساؤه المجاهدات المضحيات اللاتي كن بيارق فخر وعزة على مر الزمان، ومازلن على نفس الثبات، بل ازددن تعبئة واستعدادا للتضحية والصمود لنصرة الإمام الموعود عجل الله فرجه.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha