جمعة العطواني ||
· مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
قرانا ولا زلنا نقرا عن الوحدة الاسلامية وضرورتها في ترصين الصف الاسلامي وتوحيد الخطاب وتحديد الثوابت ،والابتعاد عما يفرقنا والاشتغال بما يوحدنا.
عقدت المؤتمرات لهذا الغرض، وفتحت ورشات عمل خلال العقود الماضية، وتم تاليف مجاميع علمية من المصنفات، وتم استحضار الروايات والاحاديث الشريفة التي تتحدث عن اهمية الوحدة الاسلامية، وان ( المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره) و( ان كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه) ، و ( من قال لا اله الا الله عصم ودمه وماله وعرضه) وغيرها الكثير من الاحاديث الشريفة والروايات التي تتحث على التوحد والتاخي والتماسك امام العدو الذي حاول ولازال يهدف الى تمزيق وحدتنا وتقسيمنا الى جماعات متحاربة ومتصارعة ومتقاطعة .
فقد اسس العدو الجماعات الارهابية المتطرفة التي تقتلنا على اساس انتمائنا الديني والمذهبي كجزء من مشروع كبير اسسته دوائر المخابرات العالمية بمساعدة ادواتها في المنطقة من حكام ومرتزقة وغيرها.
الشهيد القائد سليماني حول هذا التنظير وهذه المؤتمرات الى مشروع عملي تطبيقي ، كيف ذلك ؟.
كنا في العراق في حقبة البعث الصدامي المجرم ننظر الى الشعب الفلسطيني وحتى الى فلسطين على انهم شعب يرقص على جراحاتنا ويعتاش على عذاباتنا بسبب دعمهم لنظام دموي يقتل شعبه وينتهك كرامته، هذا على الصعيد الاجتماعي والسياسي.
اما على العصيد العقائدي فقد كنا ننظر الى مؤتمرات الوحدة الاسلامية على انها ترف سياسي في اغلب الاحيان، وانها غير مجدية وغير عملية، على اعتبار ان ( النقيضان لا يجتمعان )، وان الجماعات الارهابية التي تقتلنا على الهوية هي امتداد لذلك الانتماء المذهبي التكفيري، فكيف تستقيم معهم الوحدة الاسلامية؟، لهذا تبقى الوحدة الاسلامية فكرة نظرية وترف فكري ليس اكثر.
بعد سقوط نظام البعث في العراق واحتلاله من قبل امريكا ودخول الشهيد القائد الى ارض المعركة، تغيرت اغلب القناعات السلبية عن الوحدة الاسلامية، وتحولت هذه الوحدة من تنظيرات ومؤتمرات فكريه الى واقع نعيشه بشكل يومي.
تعلمنا من الشهيد القائد سليماني بشكل عملي .
اولا: ان المستهدف الاول والاخير من قبل عدونا هو ديننا الذي هو اكبر من خصوصياتنا المذهبية والاثنية، فالعدو يستهدف الاسلام كمنظومة اخلاقية وقيمية والهية .
ثانيا: ان المستهدف بعد الاسلام هو رسول الاسلام الاعظم صلى الله عليه واله وسلم، وهو اكبر من كل خصوياتنا وسائر رموزنا.
ثالثا : ان المستهدف هو قراننا وما يمثله من قانون سماوي وشريعة جاءت لتحارب الظلم والعدوان، وتدعو الى الوحدة والتاخي والمحبة بين المسلمين، بل وسائر المستضعفين في الارض.
رابعا: تعلمنا من القائد الشهيد من خلا حركته الميدانية ان هذا الارهاب وذلك التطرف لا يمت بصلة الى سائر المذاهب الاسلامية، فهو يستهدف كل المكونات الاسلامية، فضلا عن غير الاسلامية، فهو يقتل الناس بالاسواق دون النظر الى خلفياتهم وهوياتهم الثانوية .
خامسا: زيارات الشهيد سليماني الميدانية الى الحركات الجهادية التي كنا نتصورها انها حركات سلفية متطرفة غيرت الكثير من القناعات لدينا ولديهم ايضا.
فالشهيد سليماني ( الايراني الشيعي) يتقاسم رغيف الخبز، ويجلس في خندق واحد مع قيادات الحركات الجهادية في فلسطين المحتلة .
هذه الحركات سلفية في انتمائها واعتقادها، فكيف يستقيم ذلك ؟.
القائد سليماني يجيب بلسان الحال والمقال، ان هؤلاء المجاهدين هم اخوتنا، وقضيتهم قضيتنا ورسالتهم رسالتنا، ودماؤهم دماؤنا وعدوهم عدونا.
كذا الحال بالنسبة لقيادات وجمهور الحركات الجهادية في فلسطين، بل وسائر محور المقاومة تغيرت قناعاتهم وتصوراتهم السلبية السابقة، فلسان حالهم يقول، ان سليماني هذا ودولته ( الايرانية الشيعية الاثنا عشرية ) يقتطعون رغيف خبزهم ليطعموه ابناءنا، ويقدمون لنا السلاح والمال، لا لشيء الا لعزة الاسلام والدفاع عن كرامة المسلمين في كل مكان، في وقت تبيع بعض الانظمة العربية قضيتنا، ويتاجرون بدمنا وكرامة نسائنا وهم في الوقت نفسه ينتمون الى مذهبنا.
فتم اعادة قراءة المفاهيم وتصحيح المسارات من جديد، فنحن امة دون الناس، هذه الامة هي امة الاسلام، امة المقاومة، هذه الامة تضم الشيعي والسني، الاثني عشري والسلفي الزيدي والشافعي والحنفي وغيرهم من مكونات الاسلام .
وان عدونا هو الاخر امة تضم الاستكبار العالمي وداوته من انظمة عربية او اسلامية اوجماعات ارهابية متنوعة الانتماء، وهابية تكفيرية ، او من جماعات ايرانية كمنافقي خلق وغيرهم، وقد تكون هذه الجماعات كوردية او عربية، بالنتيجة هم امة ونحن امة .
لم يقف دور الشهيد القائد سليماني عند حد قيادات المقاومة والمشاركة في هندسة المعارك والمشاركة الميدانية فيها فحسب، بل كان له دور اجتماعي كبير وواضح، فهو المشارك دوما والحاضر في الميدان والمتواجد مع العوائل المهجرة من وحشية الارهاب.
فقد راى الناس في العراق على سبيل المثال هذا الرجل الايراني الشيعي يجالس امراة عجوز او شيخ كبير او طفل صغير من السنة العرب، ويتقاسم معهم همومهم ومعاناتهم، يبذل حياته وجهده لرفع تلك المعاناة عنهم.
هنا تحولت الوحدة الاسلامية من امنيات وتنظيرات الى وحدة عملية ميدانية تطبيقية حقيقية .
ـــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha