الشيخ محمد الربيعي ||
إنّ للشباب دورا مميَّزا وكبيرا، ولذلك لابدّ للأُمّة من أن تشجّعهم، وأن تعطيهم الفرصة ليؤكّدوا ذاتهم، فنحن نعيش اليوم في مرحلة يسيطر فيها العلم على كلّ مرافق الحياة.
ولكن عندما نريد أن نطلّ على العالم، وخصوصاً كمسلمين، علينا أن نطلّ عليه بجيل من الشباب المبدع، الذي يبدع في الفكر، وفي كلّ المعادلات الرياضية، وفي صناعة النظريات التي تساهم في تقديم الاختراعات والاكتشافات العلمية، فيكون لنا اختراعاتنا التي تدلُّ على عمق ثقافتنا.
ففي القرآن الكريم، ورد تأكيد العلم كقيمة كبيرة: «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» (الزّمر: 9).
وقد أكّد نهج الأئمّة (عليهم السلام) ذلك، حيث أخذ الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) الفكرة، وقال: «قيمة كلّ امرئ ما يحسنه». وهناك فقرة في القرآن الكريم، يوجِّه الله سبحانه وتعالى فيها النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويوجّه الأُمّة من خلال النبيّ إلى أهميّة العلم، بقوله تعالى: «وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا» (طه: 114).
وهذه الآية تقول: عندما يحصل الإنسان على درجة من العلم، فعليه أن يسعى إلى الدرجة الثانية، مع ملاحظة الظروف المختلفة لكلِّ شخص.
نحنُ نريد لإنساننا أن يمتلك القُدرة على ارتقاء درجات العلم، فعندما يصل إلى درجة الدكتوراه لا يكتفي بذلك، بل يطمح إلى المزيد، بمعنى أن يكون لدينا طموح التقدّم وطموح العلم. إنّنا نريد الإنسان المثقّف، والمقصود بذلك، أنّنا بحاجة إلى الدراسة العلمية التي تؤهّلنا لأن نكون جيلاً يستطيع أن يشارك في تقدّم الحياة، من الناحية التكنولوجية ومن النواحي الأُخرى. يجب على الإنسان أن يتثقّف ثقافة عامّة، تشتمل على كلّ ما هو علمي وسياسي واقتصادي وفكري، فان يكون لدينا ثقافة، يعني أن يكون عندنا قراءات؛ قراءات للكُتُب ومصادر المعلومات الحديثة الأُخرى.. إذا لابدّ من أن نكون مثقّفين علمياً، مثقّفين سياسياً، مثقّفين اجتماعياً ومثقّفين إسلامياً.
ونحن في أدبياتنا الإسلامية ننطلق من مبدأ: «منهومان لا يشبعان؛ طالب علم وطالب مال»، فكما يحتاج الإنسان إلى الطعام ليتمكّن من الاستمرار في الحياة، يحتاج إلى الطعام الثقافي والطعام الاجتماعي والطعام السياسي.
الشباب هم عنوان القوّة، هم بوابة المستقبل، مستقبلهم ومستقبل عائلتهم ومجتمعهم وأُمّتهم، وبالتالي، هم ملزمون شرعاً بأن يتحمّلوا مسؤولية ما عندهم من طاقات ومؤهّلات وقدرات فكرية وروحية وثقافية وجسمية، وأن يضعوها ويوظفوها في مكانها الصحيح، لأنّهم مؤتمنون عليها ائتمان الإنسان على أيّ نِعمة يهبها الله سبحانه لهم.
إنّ الشباب ليسوا أحرّاراً في أن يحتكروا طاقاتهم، أو يتلفوها أو يضيّعوها عبثاً، ولا أن يضيّعوا أيّامهم ولياليهم، لأنّ الوقت ما زال أمامهم، لأنّ في هذا التضييع تعدّياً على حقوق الله سبحانه وحقوق العائلة والنفس والجماعة والأُمّة، وهو تفريط في مفهوم موجبات الاستخلاف للإنسان في الأرض.
والشباب كمرحلة هو إحدى النِّعَم الأربع التي يُسأَل الإنسان عنها يوم القيامة. فقد ورد في الحديث: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال؛ عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه...»، إلى آخر الحديث. وكان ممكناً أن يكتفي بالسؤال عن العمر، ولكنّه خصّص إضافةً تتعلّق بمرحلة الشباب لأهميّتها ودورها.
اللهم احفظ الاسلام و اهله
اللهم احفظ العراق و اهله
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha