محمد صادق الهاشمي ||
6-3-2023
مرت الرسالة الاسلامية بمنعطفات خطيرة وكادت التحديات ان تقضي على اسسها , وهذا هو المشهد الحاكم في تاريخ المسلمين , فقد بذلت القوى المعادية عبر التاريخ جهدها للنيل من الرسالة الاسلامية والسعي لتغيير جوهرها وتهميش دورها ,ولو ركزنا على التاريخ وخصوصا المعاصر لوجدنا الاحداث متصلة كحلقات متسلسلة تتكامل وتتجه الى هدف واحد وهو تهميش حاكمية الاسلام من خلال القتل والتحريف والاختراق والغاء دور المسلمين ومنع نهضتهم .
نفس الكلام يصح حينما نعود الى الوراء فما لقيه الاسلام المحمدي الاصيل وقادته الكبار من ((محاولات انقلابية) كما يعبر عنها الشهيد الصدر الاول في كتابه :فدك في التاريخ , كان واضحاان القيادات القبلية والاعداء لا تنسجم مخططاتهم مع فكر الرسالة المحمدية , وقد ادركت تلك القيادات الخطرة ان الطريق لاعادة هيمنتها يتم من خلال الانقلاب على الحكم الاسلامي المحمدي لتشكيل الدولة والعقل الاجتماعي وفق رويتها ومصالحها الاستكبارية فكانت الدولة الاموية وغيرها وصولا الى العصور الاخيرة وكلها سارت بمنهج واحد تترسمه حذو القدة بالقذة وركبت طبق عن طبق .
من هنا كانت الثورة الرسالية الخمينية قد عالجت قضايا مهمة بعد ان استوعب الامام التاريخ وركز على الهدف الذي تحاول ان تحققه قوى الاستكبار العالمي في هذه المرحلة وحدد سبل مواجهته وفي مراحل متقدمة وعمل على افشالها , ومن هنا نستكشف اهم مفردات منهج نهضة الامام الخميني هي :
اولا . الهوية الاسلامية وحاكمية الاسلام
ركز الامام الخميني على ان يستعيد المسلمون هويتهم وايمانهم بقضيتهم العليا وهي الاسلام ووفق هذه الهوية يعملون على تحقيق سيادتهم ويتخلصون من الاستعباد والاستبعاد وان لايسمحوا لاحد من عملاء الخارج ومن القوى الكبرى الخارجية ان تتلاعب بمصيرهم وكل هذا براي الامام الخميني يتم من خلال حاكمية الاسلام واقامة الدولة الاسلامية العادلة المطبقة للشريعة الاسلامية .
ثانيا . الدولة في ثقافة المسلمين .
سعى الامام الخميني جادا ومن اليوم الاول على ترسيخ وجود مفهوم الدولة في اذهان الامة فان الاسلام وتشريعاته تتعرض الى التحديات وتغتالها الموامرات والمخططات وتقتل رجالها الدول الكبرى والمخابرات كلها هذا حصل ويحصل مالم تكون هناك دولة عليا تكون قادرة على حماية المسلمين وتوفير الامن لهم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وامنيا , وان تكون هذه الدولة الوعاء الذي يحفظ الشريعة الاسلامية وينقلها من النظرية الىى التطبيق ومن التهميش الى الوجود ومن الضعف الى القوة والعزة ويسير بالمسلمين الى بناء الدولة المتكاملة سعيا الى بناء الدولة الحضارية , والتي تتمكن ايضا ان تكون خيمة لاستنهاض المسلمين في العالم , وبهذا فان عهد الامام الخميني هو الحد الفاصل بين الذل وبين الكرامة وبين الوجود وبين التهميش انه عالم حاكمية الاسلام وظهور قدرات المسلمين بعد ان كان المسلمون همل .
ثالثا . الثورة والدولة .
مازج الامام الخميني في منهجه العملي بين مفهومي الثورة والدولة , فان المقاومة هي الثقافة الجهادية التي تجعل المسلمين على استعداد للدفاع عن مصيرهم ومصالحهم ووجودهم وتحقيق مساحتهم والتموضع في قلب العالم والسيطرة على ثرواتهم وقرارهم وقطع ايدي العابثن والمتكبرين من رجال الصهيونية العالمية.
نعم مازج الامام الخميني بين هذا الخط الثوري وبين المنهج العملي( بناء الدولة) , وعليه فان منهج الامام الخميني لنهضة المسلمين هو الممازجة بين منهجي الثورة والدولة والا يبقى الاسلام بنظر الامام محاط بالتحديات وعرضة الى الانقلابات .
رابعا . المقاومة
لمن يتابع ويدقق في مسيرة الامام الخميني يجد ان كل حياة الامام كانت تركز على مفهوم المقاومة والتصدي الى الاستكبار وعدم الاستكانة لهم , و هذا لايتم الا من خلال منهج المقاومة , وحسب راي الكثيرمن المفكرين ان الامام الخميني لا يقصد بالمقاومة هو الجانب الاحادي من استعمال السلاح وتطوير القدرات التسلحية فقط , بل المقاومة في منهج الامام الخميني تعني الاخلاق والدين والنزاهة والنموذج الاسلامي و التنمية البشرية الكبرى في الفكر والثقاقة والاعلام والطب والهندسة وسائر العلوم بما يجعل الامة الاسلامية امة قادرة على ان تقف في الصف الاول لمسيرة الشعوب والامم ,والنموذج الاعلى في الاستقلال والتطور والاختراع والاكتفاء الذاتي حتى تعتمد الامة على قدراتها ويتحقق مفهوم السيادة الذاتية والسيادة الاقتصادية والامنية والعسكرية فضلا عن السيادة على الارض والجغرافيا والفكر والدين والثقافة بهذا يمكن انيشكل المسلمون القطب المضاد للاستكبار .
خامسا . الثورة والدولة والثقافة .
ركز الامام الخميني على ثقافة الشعوب ووعيها لخطورة المشاريع الاستكبارية التى جعلت وجودها قائم على سلب ارادة المسلمين وتعطيل تنميتهم ومنع نهضتهم ومصادرة قرارهم وتغيير ثقافتهم وسرقة اموالهم وتسليط الحكام المحليين عليهم ومنعهم من ادراة امورهم بانفسهم , لذا خلقت الثورة الاسلامية جيلا يحكم دولة يمكن الاعتماد عليها لتكون حامية للمسلمين وحاضنة لهم وهي النموذج الاروع في تاريخ العالم الاسلامي بعد حاكمية المعصوم وقبل حاكمية الظهور.
سادسا . المنهج الثوري
الامام الخميني اوجد فهما سياسيا جديد وادخل في قلب المنهج السياسي مفاهيم راقية فقد كانت السياسة تعني الاستكانة والخمول والجمود والتسليم للقطب الاوحد بان يتحكم بالعالم ورسخ مفهوم التطبيع بينما الامام اوجد مفاهيما جديدة في الفكر السياسي الاسلامي مثل المقاومة والنهضة والصحوة ولا شرقية ولا غربية والتحرر والسيادة وحاكمية الاسلام
اليوم نشعر ان القطب الاسلامي الممتد من ايران الى العراق وسوريا ولبنان واليمن وغزة يرسم واقعا ينهي فيه قدرة القطب الامريكي من التحكم بقيادة العالم ويضع القطب الاسلامي في الصدارة
ــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha