المقالات

مراعاة الثوابت الوطنية في الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة الاميركية..

1231 20:19:00 2008-06-08

( بقلم : احمد عبد الرحمن )

مع اقتراب العدد التنازلي للموعد النهائي لابرام الاتفاقية الامنية طويلة الامد بين العراق والولايات المتحدة الاميركية، اتخذت تتسع مساحة الرفض والتحفظ في داخل الاروقة السياسية العراقية ولدى الرأي العام العراقي.ومن المفترض بحسب اعلان مباديء علاقة التعاون والصداقة طويلة الامد الذي تم ابرامه من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، والرئيس الاميركي جورج بوش في السادس والعشرين من شهر تشرين الثاني-نوفمبر من العام الماضي، ان يتم الانتهاء من صياغة وتوقيع الاتفاقية الامنية بين الجانبين في الحادي والثلاثين من شهر تموز-يوليو المقبل، وذلك ارتباطا بقضية عدم التمديد مرة اخرى للقوات المتعددة الجنسية في العراق من قبل البرلمان العراقي بعد انتهاء مهلة التمديد الاخير مع نهاية العام الجاري.

ويبدو ان الاتفاقية المؤلفة من خمسة وسبعين صفحة تضمنت قضايا حساسة وخطيرة دفعت الفريق الفني العراقي المفاوض الى تحويل الملف برمته الى المجلس السياسي الوطني الذي يتشكل من كبار قادة وزعماء الكتل السياسية في البرلمان والمسؤولين السياسيين والامنيين في الدولة. وتمحورت تلك القضايا بحسب مصادر مطلعة على حصانة القوات الاميركية، وحصانة الرعايا الاميركان المتواجدين في العراق، وحرية استخدام المجال الجوي العراقي من قبل الطيران الاميركي، ومنح الحصانة للشركات الامنية الاميركية العاملة في العراق وفق عقود مع وزارتي الدفاع والداخلية العراقيتين، وعدم اخضاع السلع والبضائع الداخلة والخارجة للعراق من قبل الولايات المتحدة للرسوم الجمركية، ومجمل القيود والضوابط التجارية والامنية، وحق القوات الاميركية بأعتقال من تقدر انه يشكل تهديدا لها.

واغلب الظن ان هناك قضايا اخرى هي مثار جدل وسجال بين الطرفين ربما تعرقل ابرام الاتفاقية خلال وقت قريب، بل ربما تفضي الى اعادة النظر بكثير من المواقف، ولعل هذا ما راح يتبلور بوضوح خلال العشرة ايام الماضية.فالمجلس السياسي للامن الوطني، ومعه كتلة الائتلاف العراقي الموحد (الاغلبية البرلمانية) اعلنا بصورة رسمية تحفظهما على اية اتفاقية امنية لاتضمن خروج العراق من البند السابع من ميثاق الامم المتحدة، واستعادة سيادته واستقلاله بالكامل، وعدم اتخاذ الاراضي العراقية منطلقا للعدوان على الاخرين.

رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وزعيم كتلة الائتلاف العراقي الموحد، وضع حدا لكثير من الجدل واللغط حول توجه المجلس الاعلى ودفعه بأتجاه ابرام الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة بأسرع وقت، وذلك من خلال بيان رسمي موقع من قبله اشار فيه الى ان هناك اجماعا وطنيا على رفض الكثير من النقاط التي يطرحها الجانب الاميركي في هذه الاتفاقية ؛ بسبب مساسها بالسيادة الوطنية العراقية , مشيراً الى اجماع اعضاء المجلس السياسي للامن الوطني والائتلاف العراقي الموحد على هذه النقاط. داعياً الجميع الى التريث في اصدار الاحكام المسبقة على العراقيين, والتوقف عن كيل الاتهامات الباطلة لهم. ومؤكدا بالقول "نحن كنا منذ البداية وما زلنا نؤكد على اهمية عدم مساس اي اتفاقية بالسيادة الوطنية, وضرورة الالتزام بالشفافية فيما يتعلق بهذه الامور, واطلاع ابناء الشعب العراقي عليها ,لان مثل هذه الامور تتعلق بحياتهم حاضراً ومستقبلاً".

وفي وقت لاحق اكد قياديون في المجلس الاعلى ان الاخير وضع اربعة شروط لابرام الاتفاقية الامنية مع واشنطن تتمثل في، ان تحفظ سيادة العراق، وان يتم التوقيع بين بلدين كاملي الاستقلال والسيادة، وان تتوفر شفافية عالية خلال المفاوضات، واعلان بنود الاتفاقية ليعرف بها ليس ابناء الشعب العراقي فحسب بل العالم كله، ا ضافة الى ضرورة توفر اجماع وطني عليها، من دون ان تتوافق مجموعة من الكتل السياسية وتهمش كتل اخرى.وبصورة او بأخرى فأن موقف المجلس الاعلى يتطابق مع مواقف المرجعيات الدينية في النجف الاشرف، لاسيما اية الله العظمى السيد علي السيستاني، ويتطابق مع موقف الحكومة العراقية، التي اكد رئيسها نوري المالكي ان المفاوضات مازالت مستتمرة ومن المهم جدا ان تنتهي لمصلحة العراق بأتجاه استعادة كامل سيادته.والواضح ان معظم الكتل والكيانات السياسية عبرت عن رفض بمستويات وصيغ مختلفة لابرام الاتفاقية بمحتواها الحالي الذي لم يتداول الا في داخل دوائر سياسية ضيقة، فجبهة التوافق العراقية (الكيان السني الرئيس في البرلمان) وكذلك التحالف الوطني الكردستاني، والكتلة الصدرية، وقوى اخرى من خارج الحكومة والبرلمان، اكدت ان وضع العراق بزاوية حرجة من خلال ابقائه تحت طائلة البند السابع من ميثاق الامم المتحدة وتوقيع الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة امر غير مقبول، داعين الى افهام واشنطن بأن العراقيين يرفضون وضعهم في هذا المأزق.

وسواء تمثلت المواقف بالرفض او بالتحفظ فأنها نحت بنفس الاتجاه، وحددت الاطار العام والمقبول والمنطقي المتمثل بفكرة امكانية ابرام معاهدة مع الولايات المتحدة من اجل تطوير البلاد على قاعدة التعامل بالمثل شبيهة بالمعاهدات المبرمة بين الولايات المتحدة ودول كثيرة من حيث الرعاية الاقتصادية في ظل ظروف افضل من الظروف الحالية. والاجواء والمناخات السياسية ضد ابرام الاتفاقية الامنية على علاتها، ترافقت مع توجه شعبي وجماهيري للرأي العام العراقي بنفس المنحى حركته وفعلته قوى سياسية ربما تكون قد ارتأت ان تعزز المواقف السياسية الرسمية بمواقف جماهيرية مساندة وداعمة. وعلاوة على ذلك فأن برلمانيين اكدوا ان هناك ثلاثة خيارات للتعاطي مع الاتفاقية الامنية مع واشنطن تتمثل في:

-التوصل الى نقاط توافق بين طرفي التفاوض.-تمديد الوجود الاجنبي لعام اخر في حال لم يتم التوافق على الاتفاقية الامنية.-عدم التمديد لبقاء القوات الاجنبية مرة اخرى واضطلاع القوات العراقية بمهمة تسلم الملف الامني كاملا في جميع المحافظات.

والحديث عن مثل تلك الخيارات ينطوي في جانب منه على مؤشرات توحي بوضوح استبعاد ابرام الاتفاقية خلال وقت قريب، وهو ما يذهب اليه بعض اعضاء فريق التفاوض المعنيين بالمسائل الفنية الذين يبدو انهم اخضعوا ثمانية اتفاقية علنية بين الولايات المتحدة ودولا اخرى، واربعين اتفاقية سرية لدراسات معمقة للوقوف على جوانب الضعف والقوة، وتشخيص مدى انسجامها والتقائها في بعض المسائل مع الحالة العراقية.

وحتى الاطراف التي تتعاطي بقدر من الايجابية مع موضوعة ابرام الاتفاقية الامنية مع واشنطن بأسرع وقت، ترى ان الارضيات والاجواء غير مهيئة حاليا بالكامل، ولابد من دراسة الامور بتأن وعلى مهل، واكثر من ذلك هناك اتجاه يذهب الى القول بأنه من الافضل الا يصار الى ابرام اية اتفاقية حتى وان تم التوصل الى صيغ تصب في مصلحة العراق، في ظل الادارة الاميركية الحالية التي لم يتبق على وجودها الا ثمانية شهور فقط.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك