المقالات

العمامة..!


د. محمّد صادق الهاشميّ ||

 

 كثر الحديث عن العمامة منذ عقود، بعدما تصدّت وكان لها الدورُ الأهمّ في مسار الأحداث،  وتآمرت عليها أممٌ وشعوبٌ ومؤسساتٌ غربيةٌ وشرقيةٌ، والحديث يطول، إلّا أنّ  من يراجع رسائل (المس بيل) يجد أنّها تقولُ: « إنّ العمامة العثمانية التي تفتي للسلطان العثمانيّ لم تتمكّنْ من أنْ تحرّك المسلمين ضدّنا إلّا أنّ المحرّك هو عمامة لا ترتبط بالسلطات، ألا وهي العمامة الشيعية» ، فكان الجهاد في العراق، وكانت الثورات والانتفاضات والأحداث الساخنة  التي استمرت إلى يومنا .

عمائم المراجع الكبار قادةِ ثورة العشرين التي أزعجت بريطانيا، فكان من بواكير القرار الأوّل لحكومة السعدون تسفير العمامة إلى إيران: كالمرجع أبي الحسن الاصفهانيّ، والنائينيّ والخالصيّ، ثمّ تصدّت للحياة السياسية في العراق عمامةُ المرجع كاشفِ الغطاءِ، وتلتها في أحداث النهضة عمامةُ المرجع السيّد محسن الحكيم، وتضمّخت بالدماء عمامة الشهيد محمّد باقر الصّدر ، وعمامة السيّد الشهيد محمّد صادق الصّدر، وعمامة الشهيد السيّد محمّد باقر الحكيم شهيد المحراب ، وقد سبقت ذلك كلّه عمامة الشهيد الأوّل محمّد بن مكّي العامليّ، والشهيد الثاني زين الدين بن عليّ العامليّ.

وعمامة الإمام الخمينيّ، وتلتها عمائمُ كريمةٌ حفظت للأمّة كرامتها آلا وهي عمامة المرجع السيستانيّ والمرجع السيّد الخامنئي، رسمت مصيراً  للأجيال، وعزةً وكرامةً ووجوداً  لا يمكن أنْ يحدثه أيّ رجلٍ أو نظام  على وجه الأرض .

السؤال هنا: مع كُلّ ما تقدّم وغيره لماذا بعض الشباب يحاولُ أنْ يخرج عن خيمة العمامة، ويعمد إلى إسقاطها وتسقيطها؟

والجواب التقليديّ: هو أنّها مستهدفةٌ من الأعداء، وهو صحيحٌ، لكنّه ليس كُلّ العلّة، وإنّما هناك أسبابٌ أخرى تؤدّي إلى الإسقاط المادّيّ والمعنويّ، وهي :

1. إنّ كمّاً كبيراً من العمائم في النجف الأشرف وعموم العراق- وإنْ كان الجمهورُ يحسبها على الحوزة  - لا تنتمي إلى الحوزة حقيقةً، لا في الدرس، أو الأخلاق أو التربية، فقدّمت نموذجاً سيّئاً للأمّة والشباب .

2. إنّ الكثير من خطباء المنابر والذين أصبحوا متواجدين في الفضاء المجازيّ قدّموا أفكاراً وسلوكيات مهينة إلى العمامة أمام الأجيال .

3. اشتراك العمائم في السياسة اشتراكٌ غير سليم، فكانوا مظهراً للثراء والمال والسلطة والمغانم، وحتى الفساد الماليّ في الوقت الذي ينتشر الفقر والبطالة بين الشباب . هذا فضلا عمّا لعبوه من دورٍ سياسيٍّ خطيرٍ، وكادت تقع بسببهم الدماء .

4. وللأسف البعض أصبح بعمامته مظلةً للعلمانية والليبرالية والنماذج التي سببّت النفور عن الخطّ الإسلاميّ .

5. عدم وجود برنامج تبليغي واضح يعزز وجود المبلّغين والمرشدين في ظهراني الأمّة فتواجد الهمل والنماذج المسيئة وغير العالمة واللمم وأصحاب التاريخ السلبيّ بديلا عن العمامة الواعية الصالحة .

6. الأحزاب التي تدّعي الإسلامية بما قدّمته من تجارب فاشلة قاصرة انعكس ذلك على العمامة سلبا .

7. عدم امتثال الكثير من المعممين والسياسيين المحسوبين على الحوزات لتوجيهات المرجعية في احتضان الأمّة وتوجيه النموذج الأمثل في الزهد والورع والاجتهاد والعفّة والسداد.

8. الطبقية العالية بين بعض العمائم التي استأثرت بالمال العام ، وملكت وتنعمت هي وأسرها على حساب الفقراء .

9. عدم وجود برامج لاستيعاب الشباب وتربيتهم، والإسهام في حلّ مشاكلهم واحتضانهم ممّا جعل العدوّ يستوعبهم ويوجههم في الاتجاه الذي يريده.

10. الولاءات المتعددة للعمائم أسهم في خلق جيل متضادٍّ في رؤيته للعمامة، وربمّا أسهم البعض من العمائم في تربية وتوجيه الشباب ضدّ العمامة الأخرى التي لا تنسجم مع خطّه . 

11. الجهل والأمية وتلقّي الشاب ثقافته من الفضاء المجازيّ والإعلام المسيّر من الأعداء يقابله ضعف الاعلام الإسلاميّ والحوزوي الذي ينبغي أنْ  يثقّف الشباب على أهمّية ودور العمامة في صون أمّته وأرضه وعرضه ودينه وتعميق العلاقة بينه وبين العمامة .

12. عدم مسايرة الحوزة للأجيال في التبليغ والاستفادة من الوسائل الحديثة المؤثّرة والمباشرة؛ لأنّ الجيل لا يمكن التعامل معه الآن كما يتمّ التعامل مع الأجيال قبل عشرات السنين عبر الفتوى والرسائل العملية فقط .

هذه وغيرها أسباب عديدة جعلت الشباب في العراق ينحو على العمامة باللائمة، ويحمّلها المسؤولية، ويسهل عليه طعنها، لكن هذا لا يعني أننا نتحدّث عن كلّ الأمّة وكلّ الشباب، بل عن البعض القليل فلا بد من التوجّه بحرصٍ وشجاعةٍ إلى غلق الثغرات التي يستغلّها الأعداء، لأنّ الشاب إذا انفصل عن العمامة يعني أنّه قد انفصل عن الاسلام . إنه مشروع خطير انطلق منذ عقود يرفع شعار : (ما كو مهر بعد شهر والحاكم نذبه بالنهر). 

 

ــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك