مازن الولائي
لم تكن تعّرف تلك الفتاة غير حياة الرفاه، والبذخ، والسهرات، والسفر! إذ لم تكن تدرك شيء غير أن لها طاقة من جسد نظر ورغبات وعليها ما دام لا رقيب يراقب أو أحد ممكن أن يحاسب! وهذه حياة أغلب من لم يفقهوا الوجه الواقعي للحياة التي تتحرك تلك الحياة ضمن مسار وخرائط رسمتها يد تعرف مصلحة الإنسان وكيف طريقة إيصاله إلى بر الأمان والسعادة الحقيقة.. وسارى ككل بنات بلدها الطافي على حياة قشرية تفتقدها تجدها في أماكن الترفيه ورحلات الأصدقاء المملة والمتكررة! للحد الذي تمتلك كل شيء لكنها تفقد كل شيء وترى كل شيء باهت لا طعم له لكن مجبر أخاك لا بطلا!
وفي يوم حصل اضطرابات وإطلاق نار لا أحد يعرف مصدره! ولا يعرفون ماذا يتصرفون هرع الجميع وتشتيت الحضور وسارى أيضا هربت لكن دون معرفة ماذا تفعل وإذا بجنود لا تعرفهم اوقفوها بقوة السلاح وكثيرون معها! الخوف سيطر على الجميع وهناك من حاول الهرب أو التصدي فقتل فورا، بلمحة تغير كل شيء وانقلب على عقبيه! من اوقفهم فقط طلب منهم الهدوء وتنفيذ الأوامر، ولم يستخدم لغة العنف التي تكون طبيعية في مثل هذه الحالات! وسارى خائفة لكنها كل ما مر وقت تهدأ نفسها مع أن البقية يصرخون ويندبون ويتوسلون! عرفوا عن أنفسهم بأنهم مقاومة فلسطينية وهم أسرى، وبدأ تفويجهم إلى خارج منطقتهم وهم بالعشرات والدنيا منقلبة طول الطريق مقاتلين يجوبون المستوطنات بالسيارات والدراجات النارية وأيقنت سارى أن بلدها سقط وهذه لحظة وداع إسرائيل! وحين وصلت ومعها كثيرات دخلوا من مكان سري جدا ومموه جدا إلى نفق ساروا فيه ما يقرب ساعة وأكثر حتى بلغوا مكان آمن وهادئ، الرجل الذي اعتقل سارة مقاتل من كتائب القسام حيث تلك الشارة على يمنيه رائتها بعد أن دخلوا النفق، كان رحيما بهم وهو يأمر أصدقائه بكل عبارات اللطف والاحترام لهجة لم تسمع عنها بنت ال ٢٥ عاما في ما تشاهده من تصرفات عند البقية، ولفت نظرها تلك المسبحة الالكترونية التي مع الأصبع الضاغط على الزناد، وهو يلهج بكلمات تعرف بعضها ومنها الحمد لله رب العالمين.. صورة شغلت سارى وانستها هول مصيبة الأسر واقترابها من الموت! وانستها قدمها اليسرى التي تشعر بألم شديد فيها دونما تصرح بذلك! حتى اكتمل العدد الكبير من النساء فورا جيء بالماء لنشرب وكان الماء معلب واستدعيت طبيبة أخذت دورها في معالجة من اصبن بجراح معاملة فورا غيرت في قناعة سارى ومن معها وهي تسمع طوال حياتها من خلال الدرس والإعلام كيف علينا كره العرب والمسلمون!؟ لكنها سرعان ما تحرك محرك البحث عندها لتقارن بين عسكري أبناء بلدها وما يفعلون وبين هؤلاء العساكر الملثمون وهم قطعة من هدوء وسلوك وأخلاق لن تشاهدها يوما! بدأ الليل وتم توزيعنا على منامات كانت قد أعدت من قبل وآخر ما رأيت ذات الشخص يقف على الباب وكان صوته مميزا يسأل من خلف الباب هل هناك من يحتاج شيء؟! تعجبت وتعجبن من كانن معي! هل نحن في أسر أم في فندق!؟ ومن هؤلاء الذين لم يعتدوا ولو بالنظرات على النساء وفيهن جميلات ومكشوفات الشعر والجسد .. حالة أخرجت سارى من روتين الحياة اليومية المتكررة رغم حجم الخوف من البقية وسارى أيضا خائفة لكن أخلاق العسكر ما كانت تسمح باستمرار الخوف ومثل هدوء تراه يلف المكان وشمائل شباب ليس القتل والتنكيل طريقتهم كما تعرفه عن جيش بلادها!
وسؤال دائم يراودها وهي التي مضى عليها ثمانية أيام دونما يتحرش بها جندي أو يدعوهن أحد لأمر هو رائج في أدبيات جنود بلادها! وتسأل ما الحاجز ونحن تحت أيديهم مغريات من حيث الجمال وعدم إمكانية الرفض بحكم الأسر! بل أبعد من ذلك هم عندما ينقلوننا أو يحركوننا من مكان لآخر لا أراهم ينظرون ولو خلسة لنا! بدأت تلح على نفسها حتى في ليلة تالية تجرأت وسألت الطبيبة التي تمر كل كم يوم بعد أن شعرت منها الطمأنينة والرقي في التعامل، وقالت لها ممكن سؤال دونما تنكري علي سؤالي! قالت نعم اكيد اعوذ بالله من أن أنكر على سؤالك قالتها بطريقة ملفتة، قالت: لماذا الجنود وهذا الجندي المرافق لنا منذ أول يوم الأسر للان لم يتحرشوا بنا أو يظهرون غرائز الرجال الطبيعية؟! لماذا هذه الغرائز الهادئة؟! قالت الطبيبة بعد أن مدت يدها الى جيبها وأخرجت كتاب القرآن وقبلته قالت هذا السبب، حركت رأسها وجحظت عيونها كيف يعني؟! قال التعاليم الإسلامية في هذا القرآن والتي يؤمن بها هؤلاء الجند وعوائلهم واهل فلسطين عامة والمسلمون هي التي تمنع عن قناعة وليس عن صراع مع النفس! غمرتها رحلة آنية تذكرت بها حجم التحرش الذي كانت تتعرض له في الجامعة والنادي والطريق وأماكن كثيرة! سارى لا انتماء لها عائلي كبير فالعوائل في عموم الغرب مفككة وفي إسرائيل كذلك لكنها بدأت تشعر برغبة البقاء في الأسر بل تتمنى أن تطول الحرب حتى لا تأتي ساعة إطلاق سراحهن، وقد اتخذت من الدكتورة نرجس معلمة لها تطلعها على قضايا كثيرة منها الظلم الذي أجبر المجاهدون على أسرهم مع تبرير أنهم ليسوا أهل اعتاء لأجل الاعتداء إنما معادلة اجبرنا عليها ظلم الإحتلال! كانت الدروس تخلق عواصف في نفوس الأسيرات، حتى جاء خبر تبادل الأسرى وكانت سارى تتوسل في إلغاء أسمها من الوجبات التي تطلقها المقاومة، حتى طلب منها معرفة السبب قالت لا تصدقوا ما سوف أقول! انا عشقت طريقتكم ودينكم وهذا الجندي المرافق لنا اشعر أنه منفذي من الضياع، تأثرت نرجس ونزلت دموعها وهي نرى سارى دموعها ترشح على خديها وترفض التفويج والإفراج..
مازن الولائي
القصة هي أحد أنواع الفن الذي يؤكد عليه القائد الولي الخامنائي المفدى، لما لها من تأثير وسحر آخاذ على روح وقلب الإنسان وهي أحد وأهم أنواع جهاد التبيين..
https://telegram.me/buratha