المقالات

قدسية العمل في الإسلام ..وفي جميع الأديان لأنه ضرب من ضروب الجهاد الأكبر ...!

2978 01:59:00 2008-07-19

( بقلم : سيد صباح بهبهاني )

بسم الله الرحمن الرحيم

( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ ) الجمعة10لقد قدس الإسلام العمل وكرم العاملين والمنتجين واعتبره شرفا وجهادا وصورة معبرة عن ذات الإنسان واستعداداته.. فبالعمل يؤدي الإنسان رسالة الأعمار في هذه الأرض ..وبالعمل يتطابق مع دعوة القران إلى الأعمار والإصلاح في هذه الأرض ..ولذا قال تعالى : (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ) هود61ومن هذه الدعوة الصريحة حث الإسلام على العمل وحارب الكسل والأتكالية ودعي إلى الجد وبذل الجهد من اجل تحصيل الرزق والانتفاع بطيبات الحياة وأعمار الأرض وإصلاحها . وقد ضرب الرسول (صلى الله عليه وآله وأصحابه) وخلفاؤه رضوان الله عليهم أروع الأمثلة في الجد وممارسة العمل والنزول إلى ميدان الحياة فلم يستخفوا بالعمل ولم يحتقروا العاملين .. بل كرموا العمل والعاملين واستنكروا الخمول والأتكالية والكسل ، لأن العمل في عرف الإسلام هو بذل الجهد من اجل إشباع حاجة إنسانية محللة .. وهو ضرب من ضروب العبادة وتحقيق لإرادة الله وحكمته في الأرض والسعي لبناء وفق مشيئته تبارك وتعالى ..ولكي يحقق الإسلام فكرته هذه جعل إشباع الحاجات الشخصية واجبة من حيث الأساس على الإنسان نفسه ،لكي لا يتوانى عن الكسب ومباشرة العمل بنفسه ولذلك وضعت الشريعة الإسلامية فروض ..على إعطاء الزكاة للفقراء القادرين على العمل والكسب ..إلا إذا خرجوا للكسب ولم يحصلوا على شئ ..فان هو عجز عن توفير حاجاته كاملة انتقلت مسؤولية إشباع هذه الحاجات إلى الداخلين معه في علاقات النفقة والتكافل كالآباء والأبناء والأرحام فإذا تعذر النهوض بمسؤولية الكفالة هذه وإشباع الحاجات الضرورية انتقلت المسؤولية إلى المجتمع ..أو الضمان الاجتماعي للدولة . ولكي يتجلى للفرد اهتمام الإسلام بالعمل والإنتاج ..أوضح جملة من النصوص والمواقف التي تؤكد حرص الإسلام عليهما وحثه على تنمية الثروة لأعمار الأرض وإنما الحضارة والاستمتاع بطيبات الحياة وإسعاد الإنسان وربط كل ذلك برباط الأيمان والتوجه الشكور إلى الله سبحانه قال تعالى : كما ذكرت أعلاه من سورة الجمعة 10 وقال تعالى :( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ )الملك /15 .وقال خير الثقلين حبيب الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه) : ( إن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم : رجل يدعو على والديه ، ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه ولم يشهد عليه ..ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله عز وجل تخليه سبيلها بيده ،ورجل يقعد في بيته ويقول : رب ارزقني ، ولا يخرج ولا يطلب الرزق ، فيقول الله عز وجل له : عبدي ، ألم اجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة ، فتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ، ولكيلا تكون كلا على اهلك ،فان شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك ،وأنت غير معذور عندي..وعن أبي عبد الله (رضوان الله عليه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه) : ( ملعون من ألقى كله على الناس) وعن أبي جعفر (رضوان الله عليه وآله وأصحابه) قال : قال : رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه) (العبادة سبعون جزءا ، أفضلها طلب الحلال)..وعن الإمام الصادق (رضوان الله عليه) : ( لا خير في من لا يحب جمع المال من حلال ، يكف به وجهه، ويقضي به دينه ، ويصل به رحمه) وروى الإمام أبو الحسن علي بن موسى عن أبيه (رضوان الله عليهم قال: (قال أبي لبعض ولده : إياك والكسل والضجر فانهما يمنعانك من حظك من الدنيا والآخرة) وقال الإمام الصادق (رضوان الله عليه ) : (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله) وقال أبي الحسن كرم الله وجهه ورضوان الله عليه قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه) : إن النفس إذا أحرزت قوتها استقرت ) وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وأصحابه) (ما من مسلم زرع زرعا أو يغرس غرسا فيأكل منه الإنسان أو دابته إلا وكتب الله له به صدقة) ولم تكن يا أعزة هذه الأقوال الرائعة التي تقدس العمل وتدفعه إلى مستوى الجهاد والعبادات وأقوالا قيلت لتحفظ في بطون الكتب أو في أذهان الحفاظ ..بل هي أسس ومبادئ تشريعية وأخلاقية تقوم على قواعد عقائدية إيمانية وضعت ليقوم عليها بناء الحياة والمعاش ..وتشاد على هديها حضارة الإنسان المسلم ويتكون على هداها مفهومه عن العمل والمال والثروة وأعمار الأرض وإصلاح الحياة وملئها بمظاهر النشاط وعطاء الخير المثمر ..لذا يجب على كل فردا أن يقاوم فكرة البطالة وحث أصحابه وإخوانه وأرحامه على العمل ويد بيد لبناء الوطن..وقد جسد عظماء الإسلام هذه الأفكار حقيقة عملية في ساحة العمل فمارسوا الأعمال والأشغال بأيديهم ، فحرثوا الأرض وسقوا وزرعوا واحتطبوا ومارسوا الكثير من الأعمال ، فما أنفوا من عمل حلال وما ترفعوا عليه وان كان متواضعا بسيطا في أعين الناس ، لأن هؤلاء العظماء لم يعدوا نوع العمل أو ضعته .. بل عرفوا قيمة الإنسان في ذاته .. وفهموا العمل المباح وسيلة للكسب زاد أمة الحياة وإنعاشها ..ليكونوا قدوة للأمة المسلمة التي أراد الله لها أن تكون أمة منتجة معطاءة لا تعرف الكسل ولا تركن إلى الأتكالية والخمول لئلا يتدهور كيانها وتضعف مكانتها .. والفت نظرك عزيزي إلى شواهد تاريخية ..والاقتداء بها والكل يعرف سيرة الرسول (صلى الله عليه وآله وأصحابه) من عمل التجارة ورعي الغنم في حياته قبل النبوة ومارس الزارعة وغرس النخيل في المدينة أيام النبوة ، ومثلها أيضا ما رواه القران الكريم عن تأجير النبي موسى (ع) لنفسه يشتغل فيها أجيرا في بيت شعيب (ع) ..وكان الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أيضا وكان الصديق (رضوان الله عليه) أيضا عمل والفاروق (رضوان الله عليه) أيضا عمل وعثمان (رضوان الله عليه) عمل وكان تاجرا وانفق ماله فيها وعلي كرم الله وجهه كان فلاحا وقد روي ) أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضوان الله عليه كان يخرج ومعه أحمال النوى ، فيقال له : يا أبا الحسن ، ما هذا معك ؟ فيقول : نخل إن شاء الله فيغرسه فلم يغادر منه واحدة) وان داود (ع) كان ملك و حداد وأن الله يذكره غي سورة سبا ( وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) سبأ /10 .11 .وكان سليمان (ع) أيضا ملك ويعمل لمراقبته الجن الذين كانوا يعملون تحت يديه ويذكره تعالى في القرآن : (مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ) سبأ /12 . وفي سورة سبأ يحثهم الله للعمل بقوله تعالى : (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ/ 13 . والنبي نوح (ع) اشتغل نجار والكل يعرف قصته في القران . ومرة أخرى يدا بيد لبناء الوطن.ونعم ما قيل :وضع من الأوقات شطرا تعمل .. فيه ، وما علمك لولا العمل ؟واقتف في الطاعة أثار الحجج .. ولج في الخير ، فمن لج ولجونور القلب يذكره الحسن .. ودم عليه فهو من خير السننوصل في أوقاتها .. وواظب .. على المتمات من الرواتبواعرج إلى الله بها واستقبل .. بخالص النية وجهه العلي.المحب سيد صباح بهبهانيIngolstadt –Germanybehbahani@t-online.de

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك