المقالات

المجلس الاعلى والظروف المحيطة بالتأسيس(الحلقة الثانية)

1221 04:31:00 2008-07-29

كريم النوري

 ثمة حقيقة لا غبار عليها هي ان المجلس الاعلى وبسبب ظروف الهجرة والمواجهة قد تأسس في خارج العراق.وهذا التأسيس خارج الوطن قد يترتب عليه ضريبة باهضة وربما لا يعصمه من تدخلات اصحاب الدار ومصالحهم.قد يرى الكثير من اعضاء المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وانصاره بان الخوض في مثل هذه المساحات الشائكة قد لا يكون ضرورياً ومناقشة مرحلة قد انتهت قضية غير مجدية فالاعراض عن تناول هذه القضية انفع من تناولها.واعتقد بان الاعراض عن هذه القضية اخطر من الخوض فيها وتناولها لانه يجعل قوانا الوطنية المعارضة سابقاً عرضة للاتهامات والتقولات والاراجيف.ثم لا يمكن ان نغمض النظر عن قضية باتت معلومة للجميع ولا يمكن انكارها ولابد ان نوضح الحقائق ونبدد الغموض والضبابية عن مسيرة كيان كبير بحجم المجلس الاعلى.وليس هناك ما يدعونا الى التحفظ او التوجس من مناقشة ظروف التأسيس ومخاضاته ونشير الى آفاقه وحضوره الفاعل في الواقع العراقي الجديد.ولا يمكن ان نكابر او نقفز على الحقائق امام قضية تأسيسية لكيان سياسي معارض كبير كما ليس لدينا ما نخشاه في هذا السياق بل كنا ومازلنا واضحين في الاشارة الى الحقائق والتصورات والشبهات.هناك حقائق كانت تحيط الواقع التأسيسي للمجلس الاعلى ربما أبرزها استشهاد المرجع الديني والمفكر الاسلامي الكبير السيد الشهيد محمد باقر الصدر الذي افتى ببذل اقصى الجهود لازالة هذا الكابوس الجاثم على صدر العراق بالاضافة الى الحرب العراقية الايرانية التي دامت ثمانية سنوات وقد يكون العامل الاخير مهماً في دعم المجلس الاعلى لكنه لا يعني سبباً في تأسيسه فان الثوابت التي اطلقها الايرانيون اثناء انتصار ثورتهم الاسلامية عام 1979 كانت ترتكز على دعم القوى التحررية الوطنية والشعوب المستضعفة بحسب التعبير الايراني ولو كانت الحرب سبباً للتأسيس وورقة للضغط على نظام صدام فان نهاية الحرب والاتفاق العراقي الايراني على معاهدة الجزائر يستدعي انهاء دور المجلس الاعلى او تقييد نشاطه في ايران لكن ذلك لم يحصل ابداً بل استمر المجلس الاعلى يتحرك على اكثر من صعيد وموقع فأنشأ فرعاً في سوريا برئاسة السيد بيان جبر الزبيدي وزير المالية الحالي واخر في كردستان برئاسة الدكتور عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية العراقية الحالي وثالث في النمسا برئاسة الدكتور الشهيد علي العضاض وفروع اخرى في العواصم الاوربية.وتبقى قضية جديرة بالاثارة والمناقشة وهي طبيعة العلاقة بين المضيفين الايرانيين وقيادة المجلس الاعلى كذلك علينا التأكيد على حقائق فرضها الواقع وظروف الحرب والموقف الدولي لكي تتضح طبيعة هذه العلاقة ومديات تأثيرها في قرارات المجلس الاعلى.كانت هناك مصالح مشتركة بين ايران والمجلس الاعلى فالاتفاق عليها امر منطقي ومقبول وهو التناغم المتبادل او التخادم المتقابل كاسقاط النظام الصدامي فكان غاية مشتركة ليس بين المجلس الاعلى وايران بل بين ايران والحزبين الكبيرين في كردستان ( الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني) وبقية الاحزاب والقوى السياسية كحزب الدعوة ومنظمة العمل الاسلامي والوفاق الوطني بالاضافة الى رغبة دول اقليمية كالكويت وسوريا.وهذه المصالح المشتركة لا تعني بالضرورة توجيه الاتهامات للقوى السياسية التي تتفق مصالحها مع ايران او اية دولة اخرى.ولكن الحديث الاهم في القضايا المختلف عليها فهل ينساق المجلس الاعلى للرغبة الايرانية او يستقل بمصالحه ومنافعه وابرز قضية يمكن الاختلاف عليها وهي موضع جدل ونقاش بل وخلاف بين ايران هي قضية الاعتماد على العامل الدولي الغربي وتنسيق المواقف باتجاه اسقاط النظام وهنا يفترق المجلس الاعلى بمصالحه عن مصالح واولويات ايران.والايرانيون ليسوا بهذا القدر من الغباء حتى يتدخلوا في مثل هذه القضايا التي تعني سياسية المجلس الاعلى الخارجية وهي تبتعد بالتأكيد عن السياسة الخارجية الايرانية والتعبئة الشعبية ضد مركز القرار الدولي والتثقيف الايراني منذ سقوط شاه ايران سنة 1979 على الولايات المتحدة الامريكية واعتبارها العدو رقم واحد للثورة الاسلامية في ايران بل اعتبارها الشيطان الاكبر.فالايرانيون عقلاء يدركون طبيعة الصراع الدولي وامكانية استثماره لصالح المعارضة العراقية وان كان يتقاطع مع المصلحة الايرانية من الناحية التكتيكية لاعتقادنا ان سقوط صدام يمثل مصلحة لجميع دول المنطقة واهمها ايران التي عانت الكثير من ويلات الحروب والتدخلات في شؤونها الداخلية.ايران تركت خيار العلاقات مع العامل الدولي للمجلس الاعلى دون تدخل او نصيحة او مشورة لاعتقادها ان علاقات ايران كدولة خاضعة لظروف خاصة بايران نفسها وتختلف عنا كمعارضة كما كان المجلس الاعلى يحتفظ بعلاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية في وقت الامام الخميني يصرح بانه "يمكن التغاضي عن صدام ولا يمكن التغاضي عن آل سعود" وكذلك لا تنعكس علاقات ايران الخارجية بالضرورة على علاقات المجلس الاعلى مع الاخرين.يمكن القول بان المجلس الاعلى كان يراعي ظروف ايران الدولية والمحلية دون ان يسبب مصاعب او متاعب لها بسبب علاقاته المتزنة وعقلانيته وحكمة قياداته وكانت علاقات المجلس الاعلى الخارجية تصب في مصالح الشعب العراقي بالتحديد وهي لن تضر مصالح الشعب الايراني بالتأكيد.والتقاطعات الحاصلة في القراءة والفهم الايراني للاحداث مع الرؤية المنبثقة من قيادات المجلس الاعلى هي تقاطعات طبيعية وليست جوهرية تمس الثوابت والمبادىء والقيم.لا يمكن باية حال ان نطعن بالقوى الوطنية المجاهدة بمجرد تأسيسها خارج الوطن الذي حوله النظام السابق الى سجن كبير وليس من الصحيح ترديد ما كرسه النظام من اعلام تشويهي لهذه القوى المعارضة ونستعير خطابه المحرض ضد الشخصيات الوطنية والمعارضين العراقيين في العهد البائد.ومن الاخطاء والمغالطات في الوعي المعاصر هو الربط الخاطىء في التجاذبات وتلاقي المصالح والتوجهات فقد يكون ثمة مصلحة مشتركة بيننا وبين اي طرف دولي او اقليمي لكن ذلك لا يستدعي مفاهيم العمالة والاتهامات الباطلة ولعل اوضح مثل في هذا السياق هو ان تلاقي مصالحنا في انهاء عصابات القاعدة الارهابية مع الدول الكبرى لا يعني بالضرورة اشتراكنا مع الاطراف المستفيدة بالغايات والاجندة والاستراتيجية فقد يخدم مقتل الارهابي اسامة بن لادن امريكا واسرائيل كما انه يخدمنا اكيداً فهل هذا يعني ان ثمة تفاهمات بيننا وبين اسرائيل بمجرد هذه الرغبة المشتركة.فلو أفترضنا ان اسقاط نظام صدام ينسجم مع الرغبة الاسرائيلية فهل سقوطه يجعل المعارضين له مصطفين في الخندق الاسرائيلي او هل ندع التغيير بمجرد انسجامه مع رغبات دول معادية لا تربطنا بها اية علاقات.والحقائق التي أفرزها التغيير العراقي اثبتت بلا أدنى شك استقلالية القرار السياسي المصيري للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي وعدم تأثره باجندة ومصالح الاخرين وان سعي المجلس الاعلى الاسلامي العراقي لانجاح العملية السياسية في العراق بشكل فاعل وناهض لا يصب في مصالح الكثير من الاطراف الاقليمية ولن يجري في سياقات برامجها ولكنه لن يتردد في المضي قدماً باتجاه ترسيخ جذور وبذور العملية السياسية وقيادة الائتلاف العراقي الموحد.وربما ما يدعو الى الاطمئنان الاقليمي لمواقف المجلس الاعلى الاسلامي العراقي هو مصداقية قياداته واعتدالها والتزامها بالثوابت الشرعية والوطنية والاخلاقية وتوزانها في التعاطي مع الخيارات الصعبة، فلم يتجاوز المجلس الاعلى ادنى ثوابت سياسية واخلاقية ويتجه باتجاه المكيافيلية ويقدم مصالحه الفئوية على مصالح الاخرين.وهو خلال مسيرته السياسية في العهدين العهد السابق والعراق الجديد لن يخطو اية خطوة خارج اطار الشريعة والاخلاق والمبادىء وهذا ما جعل القوى الاقليمية والدولية والمحلية تتعامل بثقة واحترام عاليين مع مواقف وتعهدات المجلس الاعلى الاسلامي العراقي.وتجدر الاشارة المهمة الى قضية حساسة قد يصعب اثارتها في هذا السياق لكننا نضطر لطرحها استطراداً وهي ان الاتهامات الامريكية وبعض اطراف الحكومة العراقية للتدخل الايراني المزعوم لم يشر ولو من طرف خفي الى المجلس الاعلى الاسلامي العراقي باعتبار علاقته الطيبة مع ايران فقد استثنت الاتهامات اي ضلوع للمجلس الاعلى فيها اذ لا يتصور ان يتآمر المجلس الاعلى على نفسه او على عملية سياسية هو احد اطرافها الفاعلين.سنتناول في الحلقة القادمة دور المجلس الاعلى في عملية التغيير وتحركه السياسي داخلياً واقليمياً ودولياً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك