( بقلم الاستاذ رياض العطار )
أنطلاقا من أهداف هيئة الامم المتحدة في حفظ السلم و الامن الدوليين , تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الاسباب التي تهدد السلم و لازالتها , و قمع العدوان و غيرها من وجوه الاخلال بالسلم , و تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل ذات الصبغة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية والانسانية و على تعزيز احترام حقوق الانسان و الحريات الاساسية للناس جميعا و التشجيع على ذلك بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين و لا تفريق بين الرجال و النساء .
و أنطلاقا من أهمية اطلاع المهتمين بحقوق الانسان على عشرات المعاهدات و المواثيق الصادرة عن الامم المتحدة سوف نتطرق بشكل موجز الى اهميتها في حماية حقوق الانسان و الامن و الاستقرار و تخفيف حدة التوتر في العلاقات بين الدول .
ان الامم المتحدة تمارس حقها و مسؤوليتها من التعرض لانتهاكات حقوق الانسان بتوصيات و قرارات من خلال لجان عديدة و عقوبات دولية , و ان الدول الاعضاء في الامم المتحدة قد أرتبطت بمفهوم حقوق الانسان في ميثاق المنظمة العالمية ,و هذا الارتباط يعني التزام الدول الاعضاء بما ورد في ميثاق الامم المتحدة من اهداف و مبادئ , تعتبر نفسها ملزمة امام المجتمع الدوليباحترام حقوق الانسان , و ان حق المجتمع الدولي بل و مسؤوليته ان يتدخل لحماية هذه الحقوق , و للامم المتحدة من خلال الاجهزة المخصصة للدفاع عن حقوق الانسان التدخل في شؤون أية دولة تمس حقوق الانسان , باعتبار حقوق الانسان من الاهداف الرئيسية لمنظمة الامم المتحدة .
المعاهدات الدولية :المعاهدات الدولية, عبارة عن اتفاقات معقودة بين أشخاص القانون الدولي , أي بين أعضاء الاسرة الدولية , و تحدث نتائج قانونية معينة , و هي شبيهة في الحقل الداخلي بالقانون و العقد . و المعاهدات تتمتع بطبيعتها بطابع مزدوج ,اي انها تتصل بالقانون الداخلي من حيث عقدها و تنفيذها , و بالقانون الدولي من حيث مفعولها القانوني . و هذه الاتفاقات تنشئ حقوقا و التزامات دولية . لقد ساهمت المعاهدات الدولية في ترسيخ مبادئ انسانية و قانونية هامة في مجال حقوق الانسان , كالمعاهدات و الاتفاقات التي تم عقدها لالغاء تجارة الرقيق التي كانت مشروعة في ظل معاهدات بين الدول و حماية الاجئين و عديمي الجنسية و الاقليات و غيرها, و أسس لتطوير التعاون الدولي و لتخفيف قساوة الحرب و نتائجها , و من حدة التوتر في العلاقات الدولية و حالات عدم الاستقرارالذي يهدد المجتمع الدولي , و لعدم اللجوء الى الحرب لتسوية المنازعات الدولية و عدم استخدام القوة في حل الخلافات الدولية ,كاتفاقية جنيف لعام 1864 , و اتفاقيتي لاهاي لعامي 1899 – 1907 , لتحسين معاملة جرحى الحرب و الاسرى . و ان المعاهدة الدولية تضع قاعدة سلوك الزامية للدول الموقعة , و هذا هو المبدأ المعترف به في التعامل الدولي . و ترتب المعاهدات التزامات على الافراد , و عليهم التقيد بنصوصها و عدم مخالفتها , و يتعرض الفرد للمسؤولية عند خرقها , كالمعاهدات التي تحرم القرصنة , و بالمقابل فقد منحت المعاهدات حقوقا الافراد , و منها حق الفرد الالتجاء الى محكمة دولية أو لجان دولية تعنى بحقوق الانسان , ان يشكو دولته كما هو الحال في لجنة حقوق الانسان التابعة الامم المتحدة , وبالاضافةالى اللجان في المنظمات الدولية الاقليمية , الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان , المعاهدة الامريكية المتعلقة بحقوق الانسان , الميثاق الافريقي لحقوق الانسان , و في أطار جامعة الدول العربية فقد أنشأت اللجنة الدائمة لحقوق الانسان , و هناك ميثاق عربي لحقوق الانسان .
ان لجنة حقوق الانسان التي أنشأت بموجب المادة (28 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية , كما هو وارد في النص التالي : ( ... للافراد الذين يدعون حصول اي انتهاك لاي حق من حقوقهم المذكورة في العهد و الذين يكونوا قد استنفذوا جميع طرق الرجوع المحلية المتوفرة تقديم رسالة كتابية الى اللجنة لتنظر فيها ¸اي ان اختصاص اللجنة تلقي و فحص شكاوي الافراد الذين يدعون انتهاك الدولة لحقوقهم الواردة في العهد الخاص بالحقوق المدنية و السياسية .
( لجنة حقوق الانسان تقرر تسميتها ب مجلس حقوق الانسان ) .ان الاف حالات الانتهاكات التي ترسل الى اللجان الدولية و المنظمات غير الحكومية التي تعنى بحقوق الانسان يتبين من خلالها انتهاكات الحكومات لحقوق الانسان , ( حالات الاختفاء القسري , و الاغتيال و الحجز و الاعدام و التعذيب و غيرها ) و قد اوردت تقارير منظمة العفو الدولية و المنظمة العربية لحقوق الانسان , و اللجان الدولية و الجمعية العامة للامم المتحدة هذه الحالات و تتحمل الحكومات مسؤولية هذه الانتهاكات .
المسؤولية الدولية : المسؤولية الدولية هي نظام قانوني بمقتضاه تلتزم الدولة التي نسب اليها تصرف غير مشروع طبقا للقانون الدولي بأن توض الدولة التي ارتكب ضدها هذا العمل . ان الفقه و الاجتهاد الدوليين بذلا جهودا لدعم و توجيه فكرة المسؤولية في المجال الدولي . فالدولة في الواقع مسؤولة بعضها أمام البعض الاخر , مما يعرضها الى تصليح اخطائها . و ان مسؤولية الدولة في القانون الدولي تنشأ عن أعمال أجهزتها ( الادارية او التشريعية او القضائية .
1 – مسؤولية الدولة عن اعمال السلطة التشريعية , كما هو الحال في أصدار قانون يتعارض مع الالتزامات الدولية الملقاة على عاتق الدولة , او الاغفال , وذلك في حالتين ( اذا لم تسن السلطة التشريعية القوانين الضرورية , او اذا تعارضت مع الغاء القوانين المنافية للالتزامات الدولية الملقاة على عاتق الدولة ).
ب – مسؤولية الدولة بسبب تصرفات السلطة الادارية , اي مسؤوليتها عن تصرفات جميع موظفيها دون تمييز .ج – مسؤولية الدولة بسبب اعمال السلطة القضائية , ان الجهاز القضائي يثير المسؤولية الدولية , كما تثيرها وفقا للشروط ذاتها , سائر أجهزة الدولة .د – مسؤولية الدولة بسبب تصرفات الافراد , ان الدولة مسؤولة ايضا عن الاعمال التي يرتكبها الافراد , و هنا ايضا تكون مسؤوليتها لان الدولة ملزمة بحفظ الامن على اقليمها , و تنشأهذه المسؤولية عن اخلال الدولة بالتزاماتها الاساسية لا عن تصرفات الفرد .هاء – مسؤولية الدولة في حالة الحرب الاهلية . و بموجب تعريف المسؤولية الدولية و تحديدها و تمسك المجتمع الدولي بمضمونها و جوهرها , يتحمل النظام السابق في العراق مسؤولية الانتهاكات لحقوق الانسان و النتائج المترتبة على مخالفته للاعراف و المواثيق الدولية و تحدية لارادة المجتمع الدولي .و اخيرا , و من اجل ان يطلع القراء و الباحثين و المهتمين في قضايا حقوق الانسان نضع بين ايديهم مجموعة من المعاهدات و المواثيق الدولية و الاقليمية من خلال الجزء الثاني من الموسوعة الثقافية لحقوق الانسان التي سوف نصدرها خلال هذا العام وهي مكونة من جزأين .
رياض العطار – كاتب صحفي عراقي مقيم بالسويد
https://telegram.me/buratha