( بقلم د. حامد العطية )
آية الله العظمى المرجع الأعلى الإمام علي الحسيني السيستاني دام ظله الشريفالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا واحد من مستضعفي هذه الأمة، المبتلين بشرور بعض أهلها الذين غلبوا مصالحهم الشخصية أو الفئوية على مصالح هذه الإمة، ومن المفجوعين بتردي أوضاع هذه الأمة وما تعاني منه من وهن وانقسام، ومن المتخوفين على مصير أجيالنا القادمة من مخططات دول وأطراف عدة يريدون سلبنا إرادتنا وطمس هويتنا وتسيير أمورنا بما يتفق مع مصالحهم، ونتيجة لهذا الأوضاع فقد أصبحت الأمة كلها مستضعفة، والأدلة على صحة هذا الحكم كثيرة من حولنا، ونلاحظها في ما يحدث يومياً في العراق والصومال وأفغانستان وفلسطينولبنان، ففي العراق لم تخفي حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بأن هدفها يتجاوز إسقاط النظام البعثي الطاغوتي إلى تأسيس نظام إقليمي يستنسخ القيم الغربية ويخدم مصالحها في المنطقة، ويكون العراق فيه القاعدة الرئيسة التي سترسم فيها المؤامرات وتنطلق منها القوات الأمريكية وحلفاؤها لتدمير وإخضاع دول إسلامية معارضة للمخطط الغربي مثل جمهورية إيران الإسلامية وحركات إسلامية، ومن أبرزها حزب الله في لبنان، وهاهم مجاهدوا حزب الله ومعهم كل الشعب اللبناني يتعرضون لحملة إبادة شرسة من العدو الصهيوني الغاصب، وبإسناد لا محدود ومباركة خبيثة معلنة من حكومة أمريكا والمتحالفين معها، وفي الوقت ذاته يتعرض الفلسطينيون المدنيون لحملات تقتيل وتجويع متواصلة، فماذا يحتم علينا الواجب الشرعي فعله تجاه هذا الخطر الداهم على الأمة الإسلامية؟ هل نسكت ونكتفي بالتفرج والدعاء ونحن نشهد استهداف المسلمين في كل مكان ونجاح أعداءنا في تعميق الشرخ الذي أحدثوه هم وحلفاؤهم في صفوفنا ومحاولاتهم المحمومة لإشعال فتيل حرب طائفية بين الشيعة والسنة في العراق ولبنان والباكستان وغيرها من الدول المسلمة؟ لقد برهنت يا سيدي وعلى مدى السنوات الماضية بأنك خير من يرعى مصالح العراقيين بدعواتك المتكررة لكل ما ينفعهم ويوحد صفوفهم ويمنع انقسامهم وتقاتلهم، ولولا الفتاوى والتوجيهات الحكيمة الصادرة من مقامكم لتفاقم العنف بين العراقيين، ولحدثت فتنة لا تحمد عقباها، تطال تأثيراتها المأساوية العراقيين كافة، وتهدد نتائجها التدميرية وحدة الأمة، وبالأمس فقط أصدرت نداءاً للقادة المخلصين بالعمل جهدهم لوقف سفك دماء الأبرياء ووأد الفتنة، ولا ينتابني أي شك في حسن استجابتهم لهذا النداء.
نحن أمة مستضعفة، لكننا لسنا ضعفاء، وقد حبانا الله بكل وسائل القوة والمنعة والتقدم، وأولها وأهمها الهدي الآلهي، ويبلغ تعدادنا مئات الملايين من المؤمنين المطيعين لقادتهم من المراجع والعلماء، المستعدين للتضحية بالغالي والرخيص دفاعاً عن حياض هذه الأمة، والمتشوقين للعمل من أجل بناء مستقبلها المشرق، كما أن لدينا من موارد طبيعية ونعم جزيلة وطاقات معطلة ما جعلنا هدفاً للطامعين، ولكننا كما تعرف نفتقد قيادة مؤمنة مخلصة وحكيمة، وأنا على يقين بأن بمقدوركم، ياسيدي، وبفضل ما أتاكم الله من علم شرعي وحكمة بالغة وقيادة فذة ومشاعر إنسانية عظيمة، مد ظل قيادتكم ليشمل الأمة الإسلامية جمعاء، وتكون أنت حبل الله، بعد هديه الكريم، الذي نعتصم به، حتى يتحقق وعد الله بنصر هذه الأمة المؤمنة.
استجابة لنداءكم الآخير الداعي إلى الحفاظ على وحدة العراقيين ليكونوا نموذجاً للغير في نبذ الطائفية والتوحد وإقامة العدل أعرض على مقامكم الشريف مقترحاً أرى فيه خطوة أولى وأساسية للخروج من الوضع المتردي الذي يعاني منه العراقيون، ويتهدد مصير الأمة، فبعد تحليل عميق وتفكير متواصل وقراءة متأنية في الأحداث والأراء توصلت إلى اقتناع بأن معالجة الاحتقان الطائفي في العراق وغيره من مشاكل الأمة لن تتحققمن خلال الحلول الأمنية والعسكرية ولا حتى مشاريع المصالحة أو انتظار تدخل القوى الأجنبية بل المطلوب هو تجاوز الفتنة وأسباب التردي من خلال توحيد العراقيين والأمة حول هدف مشترك، يتفقون ويجتمعون حوله بعقولهم وقلوبهم، وهذا الهدف الوحيد هو إخراج القوات المتعددة الجنسيات من دون ابطاء وبمبادرة من مقامكم الشريف واجماع من الحكومة العراقية بكافة مؤسساتها، وآنذاك سيفقد الأرهابيون الطائفيون في العراق وغيره ذريعتهم الوحيدة ويتخلى عنهم أنصارهم، مما سيمكن الحكومة من التعامل بنجاح مع هؤلاء المارقين على الأمة الموحدة، كما ستتحقق نتيجة ذلك فوائد جمة لجميع المسلمين، من أبرزها إبعاد الأخطار المحدقة بنا وبالدول والجماعات الإسلامية غير المتفقة مع المخطط الغربي، وسيمنح هذا الإنجاز زخماً معنوياً كبيراً للمسلمين يساهم في بلوغ كل الأهداف الخيرة.
إنها فرصة عظيمة لخلاص وصلاح هذه الأمة، وأنت وحدك المؤهل لقيادة هذه الأمة بكافة طوائفها، والسير بها إلى التوحد والنصر، وأنا على يقين بأن إخراج القوات الأمريكية وبقية القوات المتعددة الجنسيات بهذه الطريقة ممكن بالوسائل السلمية ومن خلال تطبيق ما يلي:
1.إصدار سماحتكم فتوى بأن الضرر الناجم عن استمرار بقاء القوات المتعددة الجنسيات يفوق فوائدها مما يقتضي شرعاً خروجها من دون إبطاء، وتكون المهلة المحددة لذلك مساوية للفترة الزمنية التي استغرقها احتلالهم للعراق.2.إصدار الحكومة العراقية ومؤسساتها المنتخبة القرارت اللازمة لتنفيذ فتوى سماحتكم وتبنيها كوثيقة دستورية تاريخية.3.دعوة لعقد مؤتمر عام للعراقيين لوضع خطة للتعامل مع القوات المتعددة الجنسيات في حالة رفضها الامتثال لمشيئة العراقيين، واعتماد أساليب الجهاد والمقاومة السلمية في التعامل مع القوات المتعددة الجنسيات.4.المبادرة إلى تشكيل جبهة إيمانية من علماء المسلمين في كافة الدول الإسلامية لتقديم الدعم والإسناد للعراقيين.
لقد نجح القائد الهندي المهاتما غاندي في تحرير الهند من الاحتلال البريطاني بالوسائل السلمية، بل هنالك من يرى بأن لحركته الفضل الأكبرفي انهيار الإمبراطورية البريطانية الاستعمارية ونهاية عصر الاستعمار الغربي، وخلاص مليار مستضعف من الاستغلال والاضطهاد، وأنت يا سيدي الإمام في موقع تاريخي يمكنك من تولي قيادة هذه الأمة وتخليصها من أسباب ضعفها الداخلية والخارجية، وفقكم الله وحفظكم قائداً وذخراً لجميع المسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،ولدكم المخلص،د. حامد العطيةملاحظة: أرجو من أخواني القراء الذين يتفقون مع هذه الدعوة إيصالها إلى مكاتب المرجعية الشريفة والعلماء الأعلام وكافة القادة السياسيين وأساتذة الجامعات وأوسع قطاعات شعبنا العظيم
https://telegram.me/buratha