المقالات

من له الاهلية في نقد المرجعية ؟

1666 12:27:00 2008-08-30

( بقلم : كريم النوري )

يقال ان رساماً كبيراً اختفى وراء لوحته ليصغي لاراء ونقد وملاحظات الزائرين لمعرضه الشخصي فنظر اسكافي الى هذه اللوحة فوجد ان ثمة خطأ فيها يتعلق برسم الحذاء فالتفت اليه الرسام وشكره على ملاحظته القيمة واعاد رسم الحذاء وصحح الخطأ، ولكن هذه الاستجابة جرأت وشجعت الاسكافي كثيراً فجاء في اليوم الثاني وانتقد رسم ربطة العنق فقال له الرسام انك احسنت فيما تعرف فهم فلا تسيء الى مالا تعرف!

ومن هنا فارجو ان نستفيد من هذه الحكاية وان يعرف كل منا حجمه وقدره وان لا نتطاول على اختصاصات غيرنا او نتطفل على ما لا نعرفه. والتمدد النقدي على مساحات خارجة عن الاختصاص او التخصص يضع الناقدين امام واقع فضولي ومستنقع مخجل يسيىء الى النقد والتقييم. ويبدو ان اغلب مشاكلنا في العراق الجديد هي التمدد على اختصاصات الاخرين واستعارة ادوارهم ووضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب او بالعكس وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب وان تحولت هذه القاعدة باستمرار الزمن الى " الرجل النسيب في المكان المناسب"

في واقعنا الشرقي اصبح التمدد وتقمص الادوار وانتحال الصفات قضية مستساغة وسائدة وهذا السبب اننا مازلنا متاخرين ومتخلفين لاننا نضع الاشياء في غير مواضعها. ومن تداعيات ونتائج هذا الوقع تاكد لنا نموذجان متضادان الاول يمتلك طموحات وتمددات بلا قدرات وكفاءات والاخر يمتلك قدرات ولكنه بلا طموحات فالاول قفز على الواقع التخصصي وتحول طموحه الى جموح والثاني انعزل عن دوره الاساسي وتقزم طموحه ونأى بنفسه عن الدور المرسوم له. وتأسيساً على هذا فاننا نلاحظ هذه الايام بروز هذه النتوءات بشكل سافر فاخذت تتقمص ادواراً وتنتحل صفات بكل وقاحة وجرأة.

لا يمكن ان تتداخل الادوار ونتحول كلنا الى ناقدين ومصححين للمسار الفكري والسياسي والاجتماعي في العراق وقد يكون من المعيب ان انتقد شاعراً او قاصاً في قضية خارجة عن اختصاصنا وليس من الصحيح ان ينتقد واعظ رساماً تشكيلياً او ينتقد جنرال عسكري قصيدة شعر او يوجه شاعر اللوم لقائد عسكري ويقدح بخطته الامنية.فهذه القضية تعبر عن فوضوية نقدية وارباك في كل المستويات ولن نحصد بعد ذلك الا ولادات مشوهة وحشوداً مضللة وندفع الثمن جميعاً لاننا كمن يعطي قيادة السفينة لفيلسوف ويترك ربانها يناقش الفلاسفة.

والاخطر في هذا السياق العابر هو ان هناك من يتدخل في خصوصيات وتخصص المرجعية الدينية العليا ويتصور انه قادر على الخوض في شؤون المرجعية الدينية ومعرفة تفاصيل الاستنباط وتعقيدات فقه الاصول وعلم الرجال واسانيدهم وقواعد النحو وفقه الرواية والكثير من الامور التي هي من خصائص الفقيه وحده وتدخل الاخرين من غير ذوي التخصص يعتبر اساءة بالغة للفكر والوعي والتخصص. لابد ان نحترم انفسنا والتخصص ولا نقحم انفسنا في مساحات لا تهمنا وتضعنا في مواضع لا تليق بنا وميادين لا تجوز لنا.

رحم الله امرءً عرف قدر نفسه واحسن استثمار مواهبه واتقن توظيف قدراته فقد نشاهد اليوم الكثير من يحاول التطفل على المرجعية الدينية بغير علم ويقحم نفسه في مواطن اقل ما يقال عنه انه امي بها ولا يفقه بها حديثاً.لا نتدخل في شؤون ذوي الاختصاص الا ضمن ما يهمنا من معرفة اجمالية تؤهلنا بالخوض في مجالات فهمنا وادراكنا والا فهذا يعني اننا نتعمد التطفل والتدخل في غير مجالات تخصصنا.

المرجعية الدينية ومساحات تخصصها الفقهي والتعقيد الاجتهادي في عملية الاستنباط يجعلها في موقع فكري لا يرقى الى الدغدغة او التجريح بقدراتها الا ذوي الاختصاص من المجتهدين الفقهاء من الذين يستنبطون الحكم الشرعي ويدركون عناصره الاولية المؤثرة في عملية الاستنباط. ما يثير دهشتي ويدعوني للضحك هو ما اقرأه في مقالات ناقدة للمرجعية الدينية وتتوغل في ميادين فكرية معمقة بافكار سطحية مهزوزة لا تمت للوعي الفقاهتي بادنى صلة.

والاغرب من ذلك كله هو ان بعض اشباه السياسيين وانصاف المثقفين هم الذين يرسمون للمرجعية الدينية دورها ووظائفها وهم الذين يحددون المساحات التي يمكن ان يكون للمرجعية فيها دور او رأي بل هم الذين يوجهون المرجع الديني ويسمحون له بالافتاء في بعض القضايا ويحظرون عليها التدخل في شؤون المجتمع والسياسة والحياة ويحصرون دوره في المساجد والمراقد بينما يطلقون العنان لاسيادهم من التدخل في كل مناحي الحياة.ولذلك فان هذه الانتقائية في التعامل مع موضوعة المرجعية وقع فيها بعض ما هو محسوب على الاسلاميين فعندما كان يرفع شعار تأييد المرجعية الدينية لقائمته فوجىء ان المرجعية تطالب النواب بعدم تسنم المواقع الوزارية واخلاء البرلمان من رجالاته فرفض هذه المطالبة بقوله اني لا اقلد السيد السيستاني فتسلم وزارة الامن الوطني قبل مجىء شروان الوائلي لها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
سلام
2008-08-31
معك حق أخي كريم ولكن أنا مما يثير دهشتي أكثر ويدعوني للضحك اكثر وأكثر هو تدخل بعض المرجعيات في شؤون غيرهم مثل الرياضة وأقصد اليعقوبي طبعاً والعبارة الاخيرة : ((( ولذلك فان هذه الانتقائية في التعامل مع موضوعة المرجعية وقع فيها بعض ما هو محسوب على الاسلاميين فعندما كان يرفع شعار تأييد المرجعية الدينية لقائمته فوجىء ان المرجعية تطالب النواب بعدم تسنم المواقع الوزارية واخلاء البرلمان من رجالاته فرفض هذه المطالبة بقوله اني لا اقلد السيد السيستاني فتسلم وزارة الامن الوطني قبل مجىء شروان الوائلي ))) وأعتقد أنها المغزى من مقالك لم افهم منها أي شيء فأنا لا أعرف من الذي تسلم وزارة الامن الوطني قبل شيروان الوائلي ولا أعلم ان أحداً تسلمها فنحن العوام لا نعرف ما تعرفونه أنتم رجال السياسة فوضح بالأسماء أرجوك ولا تكن غامضاًَ ومع ذلك أعجبتني أنا لا أقلد السيد السيستاني
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك